شجرة خضراء الجميلة مزينة بالمصابيح الملونة، حيوانة الرنة تسارع الخطى تجر عربة بابا نويل السحرية يجوب أنحاء العالم يهدي الأطفال هدايا يوم الميلاد، مشهد بديع مليئ بالرمزيات وأشهرها شجرة عيد الميلاد أو الكريسماس، فمن أين جاءت عادة وضع شجرة خضراء في يوم عيد ميلاد السيد المسيح، ولماذاشجرة السرو؟، وما أصل هذه العادة؟. شجرة عيد الميلاد أصلها مصري قديم كشف خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوبسيناء، للفجر، أن شجرة عيد الميلاد أصلها مصرى قديم، حيث ارتبطت تلك الشجرة الخضراء رمز الحياة، بأقدم الأساطير المصرية القديمة، وهى أسطورة الثالوث المقدس، التي نشأت مع عقيدة الخلق والتكوين في فجر التاريخ المصري، وهي قصة الصراع بين الخير والشر والتى جسدها "ست" رمز الشر وأوزوريس رمز الحياة المتجددة ورمز النيل العائد بالفيضان والخضرة والخير. أسطورة غدر الشر بالخير وتابع: الأسطورة تحكي كيف أن ست غدر بأخيه أوزوريس، فقد كان ست يكره في أوزوريس، جمال وجهه ورجاحة عقله وحمله رسالة المحبة والخير بين البشر، فدبر مكيدة للقضاء عليه، وأقام حفلًا بالاتفاق مع أعوانه من معبودات الشر، لتكريم أوزوريس، وأعد تابوتًا مذهب بحجم أوزوريس فقط، وزعم أنه سيقدمه هدية لمن يكون مرقده مناسبًا للتابوت، واستلقى في التابوت كل الضيوف ولم يكن مناسبًا لأي منهم حتى جاء دور أوزوريس، ولما استلقى فيه بالطبع جاء مناسبًا له تمامًا، فأغلق ست التابوت وألقاه أعوانه في نهر النيل، وانتقل التابوت عبر النيل إلى البحر الأبيض المتوسط حتى وصل للشاطئ الفينيقي، عند مدينة بيبلوس، وهناك نبتت على الشاطئ وفوق التابوت المقدس شجرة ضخمة وارفة الظلال حافظت عليه من أعين الرقباء، وكان هناك ملكة جميلة تسمى عشتروت خرجت لتتريض على الشاطئ فبهرتها الشجرة الجميلة النادرة وأمرت بنقلها لقصرها. عشتروت تستضيف إيزيس وحورس يولد وأكمل ريحان: تتابع الأسطورة حيث تبكي إيزيس أوزوريس وتبحث عنه على طول شاطئ النيل، وبينما تجلس بين سيقان البردي في الدلتا همس في أذنيها صوت رياح الشمال تبلغها بأن المعبود أوزوريس ينتظرها على شاطئ بيبلوس، فذهبت واستضافتها عشتروت، وكانت إيزيس تحول نفسها كل مساء بقوة سحرية إلى نسر مقدس تحلق في السماء وتحوم حول شجرة زوجها أوزوريس، حتى حدثت المعجزة وحملت إيزيس بالطفل حورس من روح أوزوريس، ورجعت به مصر تخفيه بين سيقان البردى في أحراش الدلتا حتى كبر وحارب الشر وخلص الإنسانية من شرور ست. شجرة أوزوريس هي شجرة الميلاد واشار: إلى أن هذه الشجرة الشهيرة التى احتوت أوزوريس هى شجرة الميلاد التى طلبت إيزيس جذورها من عشتروت، وقد أهدتها إليها عشتروت وأمرت حراسها بحملها إلى أرض مصر، ولما وصلت وطبقًا للأسطورة أخرجت إيزيس جثة زوجها أوزوريس من تابوتها، وقد عادت إليه الحياة، وأصبح عيد أوزوريس الذي أطلق عليه بعد ذلك عيد الميلاد نسبة لميلاد حورس من أهم الأعياد الدينية في مصر القديمة، وكان يُحتفل به أول شهر كيهك المحرف عن كلمة "كا هى كا" أي روح على روح، حيث تنحسر مياه الفيضان فتعود الخضرة للأرض التى ترمز لبعث الحياة وقد اصطلح المصريون القدماء على تهنئة بعضهم بقولهم (سنة خضراء) وكانوا يرمزون لحياة المتجددة بشجرة خضراء. وضع شجرة الميلاد عادة مصرية قديمة وأشار ريحان إلى أن قدماء المصريين كانوا يحتفلون في كل عام بعيد الميلاد بشجرة الحياة، التي يختارونها من الأشجار الدائمة الخضرة رمز الحياة المتجددة، وانتقلت هذه العادة من مصر إلى سوريا ومنها إلى بابل ثم عبرت البحر الأبيض لتظهر في أعياد الرومان ثم تعود مرة أخرى لتظهر في الاحتفال بعيد ميلاد السيد المسيح وشجرة الكريسماس وهى الشجرة التى تحتفظ بخضرتها طول العام مثل شجر السرو وشجر الصنوبر وهكذا أهدى المصرى القديم شجرة الميلاد للعالم أجمع. كيهك شهر الاحتفال ومن ناحيته قال فارس الشيمي مفتش آثار بمنطقة سقارة، إنه فى منتصف شهر كيهك من كل سنة كان قدماء المصريون يحتفلون بقيامة "أوزير" وعودته للحياة في شكل شجرة، تُزرع وسط ميدان الاحتفال لتكون محور التقاء وملاذ الحائرين، حيث "آمن المصري القديم أن أوزير هو القوة التي تمدهم بالحياة وتعطيهم القوت في هذه الدنيا، وأنه هو الأرض السوداء التي تخرج الحياة المخضرة، فرسموه وقد خرجت سنابل الحبوب تنبت من جسده، كما رمزوا للحياه المتجدده بشجرة خضراء، وكانوا يقيمون في كل عام حفلًا كبيرًا ينصبون فيه شجرة يزرعونها ويزينونها بالحلي كما يفعل الناس اليوم بشجرة الميلاد". وضع الشجرة الخضراء في قلب الميدان تشير قوائم الأعياد فى معبد الملك رمسيس الثالث بمدينة هابو إلى أن الاحتفالات ب "أوزير الشجرة" كانت تتم في يوم 15 من شهر كيهك وهو الشهر الرابع من فصل الفيضان "آخت" يوافق الرابع والعشرين من شهر ديسمبر وذلك حسب القوائم التي ترجمها وأعدها العالم الألماني شوت سيجفريد، وكل عام كان المصريون يحتفلون في أبيدوس بعيد شجرة "أوزير" أمام معبده، فيأتون بأكثر الأشجار اخضرارًا لنصبها وزرعها في وسط الميدان الذي يكتظ بالرجال والنساء والأطفال والشباب وانتظارا للهدايا والعطايا، حيث يتلقى الكتبه طلباتهم وأمنياتهم ويسجلونها على الشقافات والبرديات ويضعونها تحت قدمي "أوزير الشجرة" فيحققها لهم كهنة المعبد قدر الإمكان. فى كتاب (فجر الضمير) يقول عالم المصريات "جيمس هنرى بريستد" معلقًا على رواية عودة إيزيس بالشجرة التي احتوت جثمان أوزير "عاد هذا الرب إلى الحياة التي تنبعث ثانية بعد الموت، شجرة خضراء، ونشأ عن ذلك الحادث عيد جميل يقام كل سنه تذكرة لتلك المناسبة، وذلك برفع شجرة مقتلعة وغرسها في الأرض فى محفل عظيم.