في إطار احتفال وزارة الآثار باليوم العالمي لمحو الأمية، واليوم العالمي للمعلمين وبداية العام الدراسي الجديد، ينظم متحف قصر الأمير محمد علي بالمنيل يوم الخميس، معرضاً أثرياً مؤقتاً بعنوان "ريشة في دواية" بسراي الاقامة. وقالت إلهام صلاح رئيس قطاع المتاحف، إن تنظيم هذا المعرض جاء في إطار حرص المتحف على مشاركة جمهوره بمختلف الفعاليات العالمية والمحلية، ولما له من اهتمام بالتعليم والخطوط حيث أنه يُعد بمثابة مدرسة للخطوط بشتى أنواعها خاصة الخطوط العربية. وأوضح ولاء الدين بدوي مدير عام المتحف، أن المعرض يضم مجموعة مختارة من أدوات الكتابة المميزة والمختلفة التي أستخدمها الأمراء من الأسرة العلوية وبعضها كانت تخص أمير القصر محمد علي توفيق، حيث سوف يتم عرض عدد من المحابر الفضيه والمقالم المذهبة والاقلام البوص المميزة والمقاشط والمقصات المحلاة جميعاً بالزخارف المختلفة. وقصر الأمير محمد علي في المنيل هو أحد قصور العهد الملكي في مصر ذات الطابع المعماري الخاص، بدأ بناؤه عام 1901، على مساحة 61 ألف متر مربع منها 5000 متر تمثل مساحة المباني، وهو تحفة معمارية فريدة كونه يضم طرز فنون إسلامية متنوعة ما بين فاطمي ومملوكي وعثماني وأندلسي وفارسي وشامي. ويشتمل القصر على ثلاث سرايات، وهي سراي الإقامة، وسراي الاستقبال، وسراي العرش، بالإضافة إلى المسجد، والمتحف الخاص، ومتحف الصيد، وبرج الساعة، ويحيط به سور على طراز أسوار حصون القرون الوسطى، فيما تحيط بسراياه من الداخل حدائق تضم مجموعة نادرة من الأشجار والنباتات، ويستخدم القصر حاليًا كمتحف. كان القصر ملكًا للأمير محمد علي الابن الثاني للخديوي توفيق، وشقيق الخديوي عباس حلمي الثاني. والذي شغل منصب ولي العهد ثلاث مرات، كما كان أحد الأوصياء الثلاثة على العرش في الفترة ما بين وفاة الملك فؤاد الأول وتولي ابن عمه الملك فاروق سلطاته الدستورية عند إكماله السن القانونية. اختار أرض القصر الأمير محمد علي بنفسه، وأنشأ في البداية سراي الإقامة ثم أكمل بعدها باقي السرايا، وقام الأمير بوضع التصميمات الهندسية والزخرفية، والإشراف على البناء، فيما قام بالتنفيذ المعلم محمد عفيفي، وأوصى الأمير أن يتحول القصر بعد وفاته إلى متحف. ولد الأمير محمد علي في 9 نوفمبر 1875م، في القاهرة ونشأ محبًا للعلوم فدخل المدرسة العلية بعابدين ليحصد العلوم الابتدائية، وفي سنة 1884 توجه إلى أوروبا لتلقي العلوم العالية فدخل مدرسة هكسوس العالية بسويسرا ثم دخل مدرسة ترزيانوم بالنمسا بناءً على أوامر والده لتلقي العلوم العسكرية. وعاد إلى مصر عقب وفاة والده سنة 1892م ومنذ كان شابًا شُهد له بالحكمة ورجاحة العقل وظهر عليه ميله إلى العلم وحب الآداب والفنون خاصة الإسلامية. وكان القصر قد أطلق منذ فترة معرضًا للصور الفوتوغرافية يتحدث فيها عن حياة الأمير وهواياته وأصدقاؤه وحياته الشخصية، وكان ضمن أبرز ما عرض له المعرض هو هواية الأمير وشغفه بجمع المقتنيات والتحف الأثرية. وعن هذه الهواية التي سجلتها العديد من الصور الفوتوغرافية، قال الدكتور ولاء بدوي مدير عام متحف قصر المنيل، إن الأمير محمد علي توفيق، كان متذوقًا جيدًا لكل ما هو جميل وفريد من نوعه، ومن خلال ترحاله الدائم في مختلف بلدان العالم، سواء شرقًا أو غربًا، تمكن من جمع العديد من المقتنيات النادرة والمختلفة، والتي كونت في النهاية مجموعته الأثرية الرائعة. وأضاف بدوي أن مجموعة الأمير محمد علي تضمنت مخطوطات ووثائق مكتوبة باللغات العربية والفارسية والتركية، كما تضمنت مجموعة من السجاد وعدد من المنسوجات الأثرية المختلفة، وأيضًا لوحات للمستشرقين وعدة وسيوف وخناجر وغيرها من الأسلحة، وقطع من الأثاث التي تم تصنيعها لتحتفظ بقيمتها عبر الزمن فتحولت إلى أثر. وأكمل أن هذه المجموعة تحتوي أيضًا على العديد من الأدوات التي كان يتم استخدامها بشكل يومي مثل الأواني سواء المصنوعة من الصيني أو غيره، والأواني الزجاجية من الكريستال الخالص، والفضيات وأنابيب التبغ "البايب"، والمكاحل المزخرفة، وطارد الذباب ذو المقبض المرصع بالأحجار الكريمة والذهب. وأضاف بدوي قائلًا إن الأمير قام ببناء مبنى خاص لهذه المقتنيات، وأطلق عليها المتحف الخاص،مما يوحي بأنه كان يدرك تمامًا قيمة الأثر، وأيضًا مما نشره الأمير خلال بعض كتاباته عن الفن التركي، ظهر جليًا معرفته العميقة بتاريخ الفن والذي يثبت أن شغفه لتكوين هذه المجموعة تعدى مجرد الرغبة في جمع المقتنيات وفقط، إلى الرغبة في الحفاظ على الأثر للأجيال القادمة.