وزير الشؤون النيابية: القيد التلقائي يفرض مراجعة الدوائر كل 5 سنوات لضمان عدالة التمثيل    8 توجيهات ل الزملوط خلال اجتماع المجلس التنفيذي للوادي الجديد    بعد أزمة تصريح «صنادل ونعال» عناصر القسام، سجن ضابط إسرائيلي رفض العودة إلى غزة    «الصابرة المحتسبة».. شيخ الأزهر يُعزِّي الطبيبة الفلسطينيَّة آلاء النجار في استشهاد أبنائها التسعة    الدوري الممتاز، زد يتقدم على إنبي بهدف في الشوط الأول    صراع أوروبي على حارس إسبانيول.. وبرشلونة يضعه في صدارة أولوياته    وزارة السياحة: لجان ميدانية على مدار 24 ساعة لخدمة حجاج السياحة بالمشاعر المقدسة    وسط استنفار أمني، الدفع ب 3 سيارات إطفاء إلى موقع تسرب غاز بمحطة وقود في رمسيس    محمد جمعة ينعي حفيد نوال الدجوي    انطلاق العرض الخاص لفيلم ريستارت بعد قليل    قريبًا.. انطلاق برنامج "كلام في العلم" مع دكتور سامح سعد على شاشة القناة الأولى    "عبدالغفار" يستعرض الفرص الاستثمارية للقطاع الصحي خلال منتدى قادة السياسات بين مصر والولايات المتحدة    وزير الصحة: زيادة ميزانية الإنفاق الصحي ل 406.47 مليار جنيه بدلا من 42.4 مليار عام 2014    هل السجود على العمامة يبطل الصلاة؟.. الإفتاء توضح الأفضل شرعًا    "بعد عودته للفريق".. ماذا قدم محمود تريزيجيه خلال رحلته الاحترافية؟    «نصيحة هامة على الصعيد المالي».. حظ برج الأسد في الأسبوع الأخير من مايو 2025    بدء تشغيل العيادات الخارجية ب المستشفى الجامعي في السويس    إنتر ميلان يستعيد 3 نجوم قبل موقعة باريس في نهائي الأبطال    متى يبدأ صيام العشر الأوائل من ذي الحجة 2025؟ فضلها وموعدها    حقيقة حدوث زلازل وانفجارات اليوم 25-5-2025| العالم ينتظر حدث جلل    دمشق تتعهد لواشنطن بالمساعدة في البحث عن أمريكيين مفقودين في سوريا    قبل أيام من قدومه.. لماذا سمى عيد الأضحى ب "العيد الكبير"؟    مباشر نهائي دوري السلة – الأهلي (29)-(27) الاتحاد.. ثلاثية من دولا    دليلك لاختيار الأضحية في عيد الأضحى 2025 بطريقة صحيحة    ختام الموسم.. ماذا يحدث في 10 مباريات بالدوري الإنجليزي الممتاز؟ (مُحدث)    مدبولي: حريصون على جعل مصر مركزًا إقليميًا لصناعة الحديد    المفتي: يوضح حكم التصرف في العربون قبل تسليم المبيع    تقارير تكشف.. هل يرحل ماريسكا عن تشيلسي إذا لم يتأهل إلى أبطال أوروبا؟    خلال المؤتمر الجماهيري الأول لحزب الجبهة الوطنية بالشرقية.. عثمان شعلان: ننطلق برسالة وطنية ومسؤولية حقيقية للمشاركة في بناء الجمهورية الجديدة    «الإسماعيلية الأزهرية» تفوز بلقب «الأفضل» في مسابقة تحدي القراءة العربي    إصابه 5 أشخاص في حادث تصادم على الطريق الإقليمي بالمنوفية    الهيئة العربية للاستثمار توقّع مذكرة تفاهم مع شركة أمريكية لدعم التحول الرقمي في الزراعة    لجنة تصوير الأفلام تضع مصر على خريطة السينما العالمية    جامعة كفر الشيخ تنظم فعاليات المسابقة الكشفية الفنية لجوّالي الجامعة    النواب يوافق نهائيا على مشروع تعديل قانون مجلس الشيوخ    جدول مواعيد الصلاة في محافظات مصر غداً الاثنين 26 مايو 2025    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    نائب رئيس الوزراء: زيادة موازنة الصحة ل406 مليارات جنيه من 34 مليار فقط    5 سنوات على مقتل جورج فلوريد.. نيويورك تايمز: ترامب يرسى نهجا جديدا لخطاب العنصرية    مصر تهنيء الأردن بمناسبة الاحتفال بذكرى يوم الاستقلال    المئات يشيعون جثمان القارئ السيد سعيد بمسقط رأسه في الدقهلية    يسبب السكتة القلبية.. تناول الموز في هذه الحالة خطر على القلب    محافظ المنوفية: تقييم دوري لأداء منظومة النظافة ولن نتهاون مع أي تقصير    ضبط سائق سيارة نقل بتهمة السير عكس الاتجاه بالقاهرة    محافظ بني سويف يلتقي وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان    الصحة العالمية تشيد بإطلاق مصر الدلائل الإرشادية للتدخلات الطبية البيطرية    محافظ أسيوط يتفقد مستشفى الرمد بحي شرق ويلتقي بعض المرضى    فور ظهورها.. رابط نتيجة الشهادة الإعدادية الأزهرية بالاسم ورقم الجلوس 2025 الترم الثاني    بعد افتتاح الوزير.. كل ما تريد معرفته عن مصنع بسكويت سيتي فودز بسوهاج    انتظام كنترول تصحيح الشهادتين الابتدائية والإعدادية الأزهرية بالشرقية    وزير الخارجية يتوجه لمدريد للمشاركة فى اجتماع وزارى بشأن القضية الفلسطينية    إيرادات السبت.. "المشروع x" الأول و"نجوم الساحل" في المركز الثالث    الكشف عن مبنى أثري نادر من القرن السادس الميلادي وجداريات قبطية فريدة بأسيوط    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة قرى وبلدات في محافظة رام الله والبيرة    محافظ الشرقية: 566 ألف طن قمح موردة حتى الآن    استعدادًا لعيد الأضحى.. «زراعة البحر الأحمر» تعلن توفير خراف حية بسعر 220 جنيهًا للكيلو قائم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    «ليلة التتويج».. موعد مباراة ليفربول وكريستال بالاس والتشكيل المتوقع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تحول المصريون لآكلي بشر؟.. أستاذ عمارة يفند حقائق أهوال الشدة المستنصرية من خلال علم الآثار
نشر في الفجر يوم 29 - 08 - 2019

الشدة المستنصرية هو مصطلح يطلق على مجاعة حدثت بمصر نتيجة غياب مياه النيل في والتي وقعت في نهاية عصر الخليفة الفاطمي المستنصر بالله ما بين الأعوام 1036 - 1094.
وقد روى المؤرخون حكايات يشيب لها الولدان عن أحداث تلك الشدة كما أورد المقريزي وابن إياس على سبيل المثال من أن الأرض تصحرت، وهلك الحرث والنسل، وخُطف الخبز من على رؤوس الخبازين، وأكل الناس القطط والكلاب حتى أن بغلة وزير الخليفة الذي ذهب للتحقيق في حادثة أكلوها بل وجاع الخليفة نفسه حتى أنه باع ما على مقابر أبائه من رخام وتصدقت عليه ابنة أحد علماء زمانه وخرجت النساء جياع صوب بغداد، وذكر ابن إلياس أن الناس أكلت الميتة وأخذوا في أكل الأحياء وصنعت الخطاطيف والكلاليب؛ لاصطياد المارة بالشوارع من فوق الأسطح وتراجع سكان مصر لأقل معدل في تاريخها.
وجاء في كتاب اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء "ظهر الغلاء في مصر واشتد جوع الناس لقلة الأقوات في الأعمال وكثرة الفسادوأكل الناس الجيفة والميتات ووقفوا في الطرقات فقتلوا من ظفروا به وبيعت البيضة من بيض الدجاج بعشرة قراريط وبلغت رواية أن الماء بدينار وبيع دار ثمنها تسعمائة دينار بتسعين دينارا اشترى بها دقيق وعم مع الغلاء والوباء وانقطعت الطرقات برًا وبحرًا".
وحول ما ورد في المصادر من أهوال قال عدد من علماء الآثار الإسلامية إن هذه الروايات حول الشدة المستنصرية يشوبها طابع المبالغة، وخصيصًا حول قضية "أكل المصريين لحوم البشر" وهو الذي لاقى اعتراضًا كبيرًا من أساتذة علم الآثار.
ومن ناحيته قال الدكتور محمد حمزة الحداد عميد كلية آثار الأسبق وأستاذ العمارة والفنون الإسلامية كلية الآثار جامعة القاهرة، إن الرحالة ناصر خسرو وهو رحالة سني المذهب، حكى عن الدولة الفاطمية قبل الشدة المستنصرية، وحسب مشاهداته وصفها بأنها دولة ذات رخاء، ووصف عملاتها الذهبية واستقرارها، وأن الطعام والشراب فيها كان يوزع في بأواني مفضضة ومذهبة "ذات بريق معدني ذهبي وفضي" وغير هذا من مظاهر الغنى والرخاء، وذلك قبل الشدة المستنصرية بأعوام قليلة.
وأشار الحداد أن سبب الشدة هو انخفاض منسوب نهر النيل، والمصادر التي تحدثت عن الشدة وتصف ما جرى فيها جاءت بعد وقوعها بحوالي 300 إلى 400 عام أي أنها لم تشهد الحدث بل نقلت الروايات الشعبية عنه.
وأضاف أن الدراسات الأثرية القائمة على الحقائق والحقائق فقط، تقول إن ناصر خسرو وهو رجل سني أي بطبيعته ضد الدولة الفاطمية الشيعية، إلا أنه رغم ذلك نقل لنا مظاهر الأبهة والفخامة التي شهدها عصر المستنصر قبل الشدة، ثانيًا الشدة تم التغلب عليها بشكل محكم وسريع من خلال مجهودات بدر الدين الجمالي، الذي استطاع أن يسيطر على الأمور ويقر الأمن ويبني أسوار ضخمة ذات بوابات مهيبة، فهل من المعقول دولة أهلها يأكلوا بعضهم البعض ويرتضون على أنفسهم أكل الحمير والقطط سيستطيعون أن ينهضوا مثل تلك النهضة؟.
وثالث الأسباب التي ساقها الحداد أن الآثار الآتية من عهد المستنصر سواء قبل أو بعد الشدة في منتهى الروعة، سواء نسيج من مختلف مراكز صناعته في مصر، أو عملات ذهبية، أو تحف عليها اسمه، فيصعب أن يكون رجل وصل به الحال وببلاده إلى المرويات التي وردت في المصادر أن تنتج هذا النتاج الحضاري الضخم، نعم قد تمر بشدة ولكن ليس لدرجة أن يأكل أهلها بعضهم البعض أو يأكلوا الحيوانات.
وأوضح الحداد أن السبب الذي جعل المبالغات تتسرب للمصادر قد يرجع إلى بعد الفترة الزمنية، والذي جاء كعامل مؤثر في تضخيم وتهويل حوادث تلك الشدة، وضرب مثلًا بأن ما وقع من أحداث مثلًا إبان حرب 67، بعد مائتي أو ثلاثمائة عام لو أنه لا تتوافر عوامل التوثيق الدقيق فسنجد تضخيمات ومبالغات كثيرة، والتوثيق الدقيق لم يكن متوافر في تلك العصور، والمصادر التي كتبت عن الشدة جاءت بعدها بحوالي 300 أو 400 عام، لذلك يجب أن نخضعها للنقد الدقيق من خلال الدراسات الأثرية.
وساق الحداد سببًا آخر وهو أن المصادر تكتب عن دولة شيعية، وبالطبع كان هناك رغبة في تهويل كل خطأ أو حادثة وقعت في عصرها، والسبب الأخير الذي قاله الحداد إن المصادر في تلك العصور الغابرة كان يحلو لمؤرخيها وضع القليل من الإثارة على الحدث بحيث يجتذب ذهن القارئ بشكل أكبر بل في بعض الأحيان كان يضع المؤلف قصص مفبركة تحت عنوان استراحة أو لطيفة وهي ليست من الحقيقة الحقيقة بل هي من عند المؤلف.
وأضاف الحداد أن المقريزي تحديدًا معروف بمبالغاته وأنه كان يكتب أي رواية تُقال أمامه ولعل أبرز الأمثلة على ذلك قصة صائم الدهر اللي رواها على أنه كاسر أنف أبو الهول والحكاية غير حقيقة، وكذلك مبالغاته في حق الحاكم بأمر الله واضطهاداته للطوائف الغير مسلمة وفي الحقيقة هو اضطهد الجميع وكان له ايضصا إلى جوار ذلك إنجازات كثيرة.
وفي النهاية نستطيع أن نقول أن أحداث الشدة المستنصرية وقعت بالفعل ولكنها لم تبلغ تلك الدرجة التي ذهبت لها المصادر من أكل لحوم البشر والحيوانات، فقط هي شدة اقتصادية مرت بالشعب المصري في وقت لم يكن هناك من يوثق الأحداث بدقة، وعبر الزمن تناقلت عنها الأساطير التي توحي بمدى السوء الذي وصلت له أحوال الشعب، ولكنه استطاع أن ينهض تحت قيادة بدر الجمالي الذي استعاد السيطرة على الأمور خلال فترة قصيرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.