الوطن العربي في مرحلة الفتح كل وطن يفتح بالثورة على الطغيان مكته المباركة ويدخل بيت الله في قلبه ليحطم الأصنام في كل وطن عربي ثائر نرى الأصنام التي خشيت الشعوب العربية منها سنينا؛ تسقط تحت أقدامهم.
سقط زين العابدين، ثم رحل مبارك، ثم احترق علي عبد الله صالح، ثم غاب القذافي حيث لا أحد يعلم أين غاب وفي كل مشهد ترى صورا تمزق وتماثيلا تتحطم وكأننا نعيش في هذه المرحلة زمن تحطيم الأصنام
وكأننا نعيش في ايام فتح من الله يثبت لنا فيها وحدانيته، وقدرته على أن ينزع الملك ممن يشاء، ولندرك أن ملك الملوك إذا أراد؛ فلا مُلك لملِك، ولا سطوة لسلطان. فما هو المطلوب منا بعد أن فتح الله علينا؟
يقول الله تبارك وتعالى لنبيه الهادي في كتابه المنير:"إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا...فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا". مطلوب منا الاستغفار والتوبة وتسبيح الله
نسبح الله ونشهد بوحدانيته وقدرته وجلاله في نفوسنا؛ وأن نعترف أننا كنا نخاف ملكا وربما غفلنا ونحن نهابه، عن هيبة ملك الملوك.
ونستغفر على صمتنا العاجز، وحياتنا البالية الهشة ونحن نترك أنفسنا تولي وجهها نحو أصنام صنعناها بأيدينا، إذا أردنا أن نحصل على بعض حقوقنا.
نحن في حاجة لأن نأتلف لا أن نختلف، وأن نتقارب لا أن نتنازع، وأن نعلو بأنفسنا لا أن نعود بها لحضيض الدنايا والمصالح الشخصية الرخيصة.
نحن في حاجة لأن نخلص النوايا في بناء وطن جديد، وطن حقيقي لا أرض نعيش عليها بلا انتماء. تتصارع فيها نوازعنا ورغباتنا حتى مع أقرب الأقربين.
نحن في حاجة لأن ندفن الماضي، ونقرأ الفاتحة على أرواح الشهداء، ونلتفت للجرحى والمصابين من الشعب فنطيب جراحهم ونحمل معهم مصابهم، ولا ينسينا هذا عن تضميد الجراح التي يعانيها الوطن.
أتدرون لماذا؟
لأن سقوط كبار المفسدين لا يعني نهاية الفساد وقطع رؤوس الطغاة لا يعني نهاية الطغيان وتحطيم الأصنام لا يعني أن الإيمان تمكن من قلوبنا والحب غزا نفوسنا وصرنا عباد الله إخوانا إن الذي يجب أن يسقط هو الفكرة نفسها
الفكرة التي سيطرت علينا سنينا عن الفساد والطغيان وقدرة هذه الأصنام على فعل المعجزات. أن نواجه أنفسنا، بما قصرنا، وما فعلنا، فنسلك ما سلكه النبي صلى الله عليه وسلم، وهو على أعتاب مكة.. "فسبح بحمد ربك واستغفره"..
وظني أننا إن لم نفعل ونتوحد ونتجه جميعا وجهة حقيقية نحو أن نلغي ال"أنا" لتبقى "نحن". فإننا قد نخرج من حكم فرعون إلى حكم فراعنة
ومن الضيق بمجموعة من طغوا علينا، إلى أن نصنع شعبا من الطغاة وأخشى ما أخشاه، إذا لم ننتبه، أن نلتفت بعد فترة من الزمن فنجد أنفسنا بعد أن سعدنا بتحطيم الأصنام التي سئمناها فإذا وقد سارعنا بصناعة اصنام أخرى