زغاربد متصلة لاتتوقف داخل هذا المنزل البسيط، وسط فرحة عارمة كانت هي سببها، بعدما تمكنت من الانضمام إلى صفوف طلاب الثانوية العامة الأوائل، لتبتهج حارتها الشعبية التي قاسمتها فرحتها، بعدما أصبحت فخرًا للمنطقة وقدوة يحتذي بها أبناء الجيران. "بابا كان بيقولي ياريت تلحقي مجموع ألسن"، بالرغم من أن أملها الصغير كان يقتصر على الالتحاق بكلية الألسن التي وضعها والديها هدفًا نصب عينيها، إلا أن حلمًا أكبر كان في انتظارها، طرق بابهم يوم الأربعاء، ببشرى النجاح الكبير الذي جعل والديها ينظران إلى أمنية أكبر بدخول كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة. ومع الظروف الصعبة التي مرت بها "دعاء" طوال العام، بعد انتقال أسرتها من مسكن إلى آخر، إلى جانب ظروف اقتراب موعد ولادة أختها الكبرى، إلا أنها تمكنت من الانعزال تمامًا عن الحياة الاجتماعية، لتختلق عالمًا آخر لنفسها تصفي بداخله ذهنها حتى لا ينشغل سوى بالكتب التي تحدت بها نفسها ووالدها:"كنت دايمًا بقول لبابا هلحق ألسن وهجيب مجموع كبير". تتذكر "مهران" جيدًا حينما كانت شقيقتها الحامل، متكفلة بكل ما يتعلق باحتياجاتها الخاصة، من مأكل ومشرب وراحة نفسية إلى جانب دعمها ومساعدتها على الاستذكار، إلى جانب والديها ممن وفرا لها الهدوء بقدر المستطاع بعيدًا عن القلق والاضطراب. حتى مع أيام شهر رمضان، لم تتمكن والدة "دعاء" من تركها وحيدة بالمنزل علها تحتاج مساعدة أو دعم نفسي، فامتنعت عن أداء صلاة التراويح لتلبي رغبات صغيرتها خلال أيامها الصعبة، فتقول ل"الفجر":"كنت مقصرة في التراويح وكنت بعاني وعليا ضغط كبير بين إني ربة منزل لأشقائها ووالدها وبينها". أما عن والدها فحرص على منح مقاليد المسؤولية إلى والدتها كونها ربة منزل ناجحة:"كنت علطول في الشغل ودوري أديهم الفلوس ومامتها تتصرف وتوصلها الدروس، ماعدا في الأيام اللي بتتأخر فيها كنا بنقف أنا وأخوها نستناها على الباب". حظيت دعاء مهران، بمعاملة خاصة من والدها الذي كان يحاول توفير مسببات الراحة النفسية والسعادة لها بقدر الإمكان:"خصصت إخواتها لمساعدتها وخليتهم يتبنوها طول السنة عشان نبقا عملنا اللي علينا".