هذه المدينة الصغيرة والتى تحمل إسم (فيوميشينو) ومعناها (النهر الصغير) , حيث يصب نهر "التيفرى" القادم من شمال إيطاليا فى البحر عبر هذه المدينة الصغيرة , وهى قائمة على ضفتى النهر الصغير , لايوجد فيها نشاط سوى المطاعم حيث حوالى مائة وثمانون مطعم (بالضبط) فى هذا الوقت وميناء لليخوت , وكذلك مصنع صغير لصناعة اليخوت ومراكب الصيد , وبعض المحلات التى تخدم هذه الصناعة , هذه هى كل (فيوميشينو) والتى أخذت الطريق إليها من المطار (مترجلا) تحت "رذاذ المطر" , وقليل من البرودة حيث منتصف النهار , وسبعة كيلو مترات ودخلت المدينة وكان همى الأول أن أجد مكان عمل وأيضاً مكان للمبيت !! وكانت الوسيلة الوحيدة أمامى أن (أدق باب) كل مطعم .... أقول لهم أننى (غريب) وأبحث عن عمل وجائت الساعة الخامسة مساءاً , ولم أوفق أبداً وتملكنى الجوع الشديد , ووجدت على النهر محل صغير يبيع قطع من "الخبز بالطماطم" , وهى ماعُرِفْت بعد ذلك أن أسمها (بيتزا) فلم نكن نعلم شئ عن تلك الوجبة الشعبية الإيطالية شئ فى مصر حينذاك, وتوجهت إلى البائع مشيراً له عن قطعة من (البيتزا) , فقطع لى قطعة محترمة , وأعطيتة (الخمسة دولار) وأخذ يتحدث معى بالإيطالية وأنا لا أفهم شيئ , المهم أخذ الخمس دولارات , وأخذت أنا قطعة البيتزا!! (طبعاً سرقنى) بخفة دمه , وضحك , وأنا لست بفاهم أى شئ غير رد فعلى بأن أخذت التهم هذه الوجبة على (جوع رائع شديد)!! وإقترب الظلام , وأحسست ببرودة الجو , وأصبحت فى موقف لا أحْسَدْ عليه , وهنا عدت إلى أحد المطاعم الكبرى والذى كنت قد مررت عليه فى ظهر اليوم وأعدت المحاولة !! حيث يقع المحل فى أجمل منطقة بالمدينة أمام مدخل ميناء اليخوت (أى أنه أكثر من خمس نجوم) وتوجهت إلى سيده شقراء كانت فى الخمسينيات من العمر وهى أمام شاشة تليفزيون ولا يوجد زبائن فى هذا الوقت حيث تقترب الساعة من السادسة مساءاً, ويبدأ العشاء فى تلك الأماكن من الثامنة مساءاً. وحاولت الحديث معها , فإستدعت أحد العاملين لديها من ( الكاميرارات ) أى الجرسونات , (شاب بلوند) ونادته (ماشيست) من فضلك ترجم. وبقليل من الإنجليزى نقل الشاب إلى السيدة والتى كان من حظى هى صاحبة المطعم والمسمى بإسمها (جينا رسيتورانت روما) وكانت قَسمَّاتْ وجهها تتغير والشاب يترجم لها ما أقوله , وأننى جئت من مصر , وأنا أعمل مهندس , وجئت باحثاً عن عمل ولا أمتلك مال, وليس لى مكان للمبيت , وقسمات وجه السيدة يتأثر بالترجمة , وإذ بالدنيا تضحك لى حيث أخذونى إلى الأستراحة فوق المطبخ , لكى أستلم حجرة بسرير وحمام صغير , وأبلغنى الشاب بأن اكون فى المطعم حوالى السابعة والنصف مساءاً أى بعد ساعة واحدة لأستلم عملى – الله أكبر!!وما أن تركنى الشاب(ماشيست) داخل الحجرة حتى أن القيت بجسدى على السرير , وإحساس غريب إنتابنى ماهذا السرير , مانوع المرتبة , والملاءات البيضاء الناصعة البياض , والفوط الرائعة ورائحة المنسوجات وليونة الأقمشة ونوع الصابون على الحوض , شيئ لم أستخدم مثله طيلة حياتى السابقة , وتمنيت الا أقوم من على السرير , ومضى الوقت والساعة كانها ثوانى! وخلعت ( البدلة الموهير ) والتى جئت بها من القاهرة وهذه البدلة لها قصة لطيفة جدا فقد حصلت عليها أثناء رحلة دراستى بالجامعة وفى ( البكالوريوس , حيث قام زملائى ومنهم زعيمهم (محمد أنور القباج) بعمل (طومبلة) على قطعة قماش (بدلة موهير) من محلهم فى وسط البلد ( أنور أفندى ) وفزت أنا (بالطومبلة) وفصلوا البدلة لى فى محل "أنور أفندى" , وعلمت بعد ذلك أنهم أخترعو هذه اللعبة لكى يهدونى بدلة قبل التخرج دون إحراجى , أو خدش كرامتى , هكذا كان زملائى فى الكلية وأغلبهم عايش حتى اليوم , ربنا يعطيهم الصحة والعمر! لذا كان كل همى أن أساعد طلابى فى الجامعة , بهدايا بدله للتخرج أو تايير للفتيات وأعود مرة أخرى ,,,, وللحديث بقية