"نجوم المونديال" زاوية يقدمها "الفجر الرياضي" وتستمر حتى انطلاق بطولة كأس العالم "روسيا 2018"، و يُلقي من خلالها الضوء على مسيرة أحد نجوم المونديال الذين حققوا إنجازات عظيمة سواء على المستوى الشخصي أو لمنتخبات بلادهم خلال تاريخ البطولة العالمية. نتحدث اليوم عن أسطورة الكرة الفرنسية وأحد أفضل صانعي الألعاب في تاريخ كرة القدم وهو "ميشيل بلاتيني" رئيس الاتحاد الأوروبي الحالي ونجم منتخب فرنسا ويوفنتوس الإيطالي في فترة السبعينات والثمانينات، والفائز بجائزة الكرة الذهبية 3 مرات متتالية أعوام 1983، 1984، 1985. وُلد "بلاتيني" في 21 يونيو 1955 بمدينة "جوف" في شمال شرق فرنسا، كان والده ووالدته من أصول إيطالية، وكان والده لاعب كرة قدم في فريق نانسي الفرنسي و عمل في تدريب الفريق الرديف بعد إعتزاله، وذلك كان أحد الأسباب التي جعلت "بلاتيني" يعشق كرة القدم منذ الصغر، حيث كان يلعب الكرة مع زملائه في الشوارع، حتي إنضم لصفوف فريق مدينته في عمر الحادية عشر واستمر معه 6 سنوات، استطاع خلالها أن يطور أدائه وينمي موهبته بشكل كبير استعدادًا لبدء مسيرته الاحترافية. قرر "بلاتيني" خوض اختبارات ناديه المفضل في فرنسا "ميتز" في عام 1971، ولكن تكر رفضه بسبب مشاكل صحية في التنفس وقصور في عضلة القلب مما أصاب اللاعب بصدمة كبيرة عندما رأي حلمه باللعب ضمن صفوف ميتز يتبخر أمام أعينه، لكنه رفض الاستسلام. عام 1972 انضم "بلاتيني" لصفوف فريق نانسي واستمر معه 7 سنوات كانت مثمرة بشكل كبير حيث تطور أداء اللاعب كثيرًا وأصبح أحد نجوم الفريق الفرنسي ولفت إليه الأنظار بفضل مهاراته العالية وأهدافه الحاسمة، حيث نجح في تسجيل 127 هدفًا في 214 مباراة خاضها مع الفريق كما توج معه بكأس فرنسا عام 1978، وكان ذلك اللقب الأول في تاريخ نادي نانسي وتسلم "بلاتيني" الكأس من رئيس فرنسا. عقب انتهاء تعاقده مع نادي نانسي الفرنسي تلقي "بلاتيني" العديد من العروض المغرية من كبار أندية القارة العجوز أبرزها إنتر ميلان وباريس سان جيرمان الفرنسي، ولكنه فضل الانضمام لصفوف نادي سانت إتيان الفرنسي عام 1979، وخاض مع الفريق 146 مباراة وسجل 82 هدفًا وتوج معه بلقب بطولة الدوري الفرنسي موسم 1980/1981. عام 1982 قرر "بلاتيني" الرحيل عن فرنسا وتوجه إلي إيطاليا حيث التحق بصفوف فريق يوفنتوس الإيطالي ولعب ضمن صفوفه لمدة 5 سنوات كاملة، ورغم بدايته المتعثرة مع "اليوفي" بسبب إصابته المتكررة في الركبة والتي كادت أن تنهي مشواره مع الفريق مبكرًا، إلي أنه قدم مسيرة رائعة مع "السيدة العجوز" فيما بعد، حيث لعب مع الفريق 221 مباراة وسجل 104 هدفًا، وتوج مع اليوفي ب 7 ألقاب هي (كأس إيطاليا – الدوري الإيطالي "مرتين" – كأس الكؤوس الأوروبية – دوري أبطال أوروبا – السوبر الأوروبي - كأس الإنتركونتيننتال). أما عن مسيرته الدولية مع منتخب فرنسا، فشارك "بلاتيني" في 76 مباراة دولية في الفترة من 1976 وحتي 1987 وسجل 41 هدفًا، وحمل شارة قيادة الفرنسيين في 49 مباراة، ويعتبر ثاني أعظم الهدافين في تاريخ فرنسا بعد النجم تييري هنري صاحب ال 51 هدفًا. استدعي ميشيل هيدالجو المدير الفني السابق للمنتخب الفرنسي "بلاتيني" للمرة الأولي في 27 مارس 1976 لخوض مباراة ودية أمام تشيكوسلوفاكيا ، وتمكن من فرض نفسه سريعا بتسجيل هدف التعادل (2-2) من ركلة حرة غير مباشرة في (د75) مهَدها له المخضرم هنري ميشيل، ومنذ تلك المباراة استطاع أن يحجز مكانًا ضمن تشكيلة منتخب الديوك الفرنسي وخاض معه مباريات تصفيات كاس العالم 1978 وقاد المنتخب الفرنسي للصعود إلي مونديال الأرجنتين بعد غياب 12 عامًا عن هذا المحفل العالمي، إلي أن المنتخب خرج من الدور الأول للبطولة، ولم يظهر "بلاتيني" بالمستوي المنتظر وخيب آمال وطموحات الجماهير الفرنسية. قاد "بلاتيني" منتخب فرنسا للتأهل إلي مونديال 1982 واستطاع أن يقود منتخب بلاده للتأهل إلي الدور نصف النهائي للمرة الثانية في تاريخه، وذلك بعدما تخطي المجموعة الرابعة بفوزين على الكويت وتشيكوسلوفيكيا وخسارة من إنجلترا، وفي دور المجموعات الثاني تخطي النمسا وإيرلندا الشمالية، قبل أن يخسر في الدور قبل النهائي أمام ألمانيا بنتيجة 4-3 بركلات الترجيح بعد إنتهاء الوقت الأصلي بالتعادل 3/3، وخسر مباراة تحديد المركز الثالث أمام بولندا ليكتفي منتخب الديوك الفرنسية بالمركز الرابع بالبطولة. وقاد "بلاتيني" منتخب فرنسا للتتويج بلقب بطولة الأمم الأوروبية عام 1984 بعدما سجل 9 أهداف في 5 مباريات بالبطولة، كما شارك مع منتخب بلاده في بطولة كأس العالم 1986 ولكن مستواه تأثر بسبب آلام الركبة واستطاع أن يقود منتخب فرنسا نحو الدوري نصف النهائي لكنه خسر أمام ألمانيا 2/0، واستطاع أن يتوج بالميدالية البرونزية مع منتخب الديوك الفرنسية بعدما فاز علي بلجيكا بنتيجة 4/2 في مباراة تحديد المركز الثالث. توج بلاتيني بجائزة الكرة الذهبية المقدمة من مجلة "فرانس فوتبول" ثلاث مرات أعوام، 1983، 1984، 1985، ، كما حصل علي جائزة أفضل لاعب في أوروبا حسب مجلة "أونز" أعوام 1983، 1984، 1985، وأفضل لاعب فرنسي 1976 و1977، وأفضل لاعب في الدوري الإيطالي 1984، وأفضل لاعب في كأس الأمم الأوروبية 1984. عقب اعتزاله كرة القدم اتجه "بلاتيني" للعمل بالتدريب وتولي قيادة منتخب فرنسا، ولكن تمت إقالته عام 1992 بعد خروج المنتخب من الدور الأول لبطولة الأمم الأوروبية، بعدها اتجه للعمل الإداري وتم تكليفه برئاسة اللجنة التنظيمية لكأس العالم 1998 التي استضافتها فرنسا، وعينها بعدها جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي "فيفا" مستشارًا خاص له، ثم عُين نائبا لرئيس الإتحاد الفرنسي عام 2001، ثم عضوا في اللجنتين التنفيذيتين للفيفا والإتحاد الأوربي خلال العام التالي، واختير رئيسًا للاتحاد الأوروبي عام 2007 ليصبح ثاني فرنسي يتولي رئاسة "اليويفا" ويستمر في منصبه حتي يومنا هذا. نال "بلاتيني" خلال مسيرته الكروية احترام وتقدير واعجاب نجوم الكرة العالمية، وقال عنه أسطورة الكرة الإنجليزية بوبي تشارلتون: "هذا اللاعب يستطيع دفع الكرة عبر عين الإبرة وينتهي أمرها إلى شباك المرمى". بينما قال عنه الأسطورة "مارادونا": "أنا مارادونا الفتي الذهبي .. يشاهدني العالم أجمع ولكني (أنا مارادونا) أشاهد بلاتيني واستمتع بعبقريته واستمد سحري منه الا انه لسوء حظي بلاتيني يعتزل.. والآن كيف يمكني ان امتع الجماهير مجددا واعتزل من يطربني)".
