عادت إسرائيل لتمارس هوايتها المجرمة فى ذبح الفلسطينيين العُزل بدم بارد، وسط صمت عالمى سافر ضد الحماقات التى يرتكبها بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، ووزير دفاعه أفيجدور ليبرمان، الذى سمح لقواته باستخدام القوة «الغشيمة» ضد الشباب الفلسطينى. اعتقد نتنياهو أن عملية استعراضية تسفك دم الفلسطينيين، بشعارها الذى رفعه «الحفاظ على أمن الإسرائيليين»، من شأنها تلميع صورته وإلهاء الجمهور الإسرائيلى عن فساده هو وزوجته، بعد أن اقترب من المثول أمام القضاة لمحاكمته بتهم الفساد المالى والحصول على رشاوى، بملايين الدولارات من رجال أعمال أجانب وإسرائيليين. وقبل تظاهرات «يوم الأرض»، التى شهدت المذبحة الإسرائيلية ب24 ساعة فقط، كتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى، أفيخاى أدرعى»، أن كلاب الجيش المدربة التابعة لوحدة تسمى «عوكيتس» تنتظر الفلسطنيين إذا تظاهروا أو حاولوا المرور عبر الحدود الإسرائيلية، وكتب على صفحته بموقع فيس بوك، :»تستعد وحدة عوكيتس للكلاب المدربة لمواجهة التظاهرات العنيفة فى قطاع غزة وتم نشر مقاتلى الوحدة على طول الحدود بالإضافة إلى كلاب هجومية وأخرى للفحص ورصد المتفجرات وسيتم التعامل مع محاولات اقتحام الحدود وإبعاد المشاغبين»، وهو ما يؤكد أن نية إسرائيل كانت مبيتة لإيذاء الفلسطينيين رغم الإعلان عن سلمية المسيرة التى كانت تطالب بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين، والاكتفاء بنصب مخيمات للمبيت على حدود قطاع غزة. وعلى غير المتوقع، أثارت العملية الحمقاء حفيظة عدد كبير من المفكرين والمحللين الإسرائيليين، الذين حذر معظمهم من حدوث كارثة سياسية وأمنية على إسرائيل خلال الفترة المقبلة بسبب ممارسات الجيش غير المحسوبة. وكتب «عاموس هارئيل» المحلل السياسى بصحيفة «هاأرتس»، أنه رغم علم قادة الجيش الإسرائيلى، بأن تنفيذ عمليات قتل جماعية ضد الفلسطينيين تؤدى دوماً إلى تصعيد الأحداث، إلا أنهم لم يستخدموا أساليب أقل عنفاً مع الفلسطينيين خلال المواجهة الأخيرة، ما قد يؤدى لدفع ثمن باهظ مستقبلاً قد يوقظ المجتمع الدولى من حالة اللامبالاة. وأضاف: «كان لدى الجيش الإسرائيلى قناعة أن استخدام القوة المفرطة سيردع حركة حماس من استخدام القوة ضد الجيش الإسرائيلى خلال المسيرات والتظاهرات القادمة المقرر انطلاقها خلال أبريل الجارى حتى منتصف مايو المقبل، قبل إحياء ذكرى يوم النكبة، ولم يفكر الجيش الإسرائيلى بذكاء وقرر الاعتماد فقط على القوة المفرطة رافضاً الاعتماد على قوات الشرطة وحرس الحدود فى تفريق المتظاهرين». وتابع أن عواقب ذلك لن تكون فى مصلحة تل أبيب، التى ستضطر لسحب معظم جنودها نحو الحدود مع غزة، ما سيؤثر بشكل كبير على برامج تدريبهم وقدرة إسرائيل على استكمال بناء العائق الحدودى ضد أنفاق حركة حماس، التى لم يعترض قادتها من قبل على إقامة وتنفيذ هذا العائق. وأشار «هارئيل» إلى أن المذبحة الأخيرة فتحت الباب من جديد أمام أزمة القطاع الذى يقع تحت مسئولية إسرائيل بالكامل، رغم محاولاتها المستمرة إلقاء المسئولية على عاتق مصر والسلطة الفلسطينية، متوقعاً انفجار الأزمة فى وجه إسرائيل وحدها، سواء بحدوث كارثة إنسانية فى القطاع أو باندلاع مواجهة عسكرية ضد حركة حماس. وكتب جدعون ليفى، المُفكر اليسارى، مقالاً بعنون «جيش المذابح الإسرائيلى» انتقد خلاله الهمجية التى باتت سمة تغلف كل أفعال الجيش الإسرائيلى فى السنوات الأخيرة، مشيراً إلى أنه :»لم يؤثر قتل هذا الكم من الفلسطينيين يوم الجمعة الماضية على المجتمع الإسرائيلى فالجميع كان يستعد لاستقبال عيد الفصح واستمر التليفزيون الإسرائيلى فى عرض برامجه كالمعتاد ولكن من السهل أن نتخيل ما كان سيحدث لو أن مستوطناً تلقى طعنة فى الظهر، كانت الاستديوهات الخاصة ستنعقد طوال اليوم لمناقشة تبعيات الواقعة». وأضاف: «باتت أنباء قتل الفلسطينيين على أيدى قوات الجيش الإسرائيلى مقبولة لدى الإسرائيليين باستهانة أكثر من سماعهم نبأ إبادة بعض الناموس والذباب ولم يعد هناك شىء أرخص بالنسبة لهم من دم الفلسطينيين». وتابع» أن الجيش الذى يفخر بقتل مزارع فى أرضه، ويقوم ببث الفيديو على موقعه الرسمى لإرهاب سكان غزة، ويضع دباباته أمام المدنيين ويفتخر بمئات القناصة الذين ينتظرون المتظاهرين هو جيش فقد صوابه وسيتناسى الإسرائيليون كعادتهم مشهد الرجل الذى انتهى من صلاته ليتلقى رصاصة فى رأسه والشاب الذى قُتل وهو يحاول الهرب من نيران الجيش الإسرائيلى».