أدان الاعتداءات الإسرائيلية على فلسطين وتحديدًا القدس، ورأى أن القضية الفلسطينية قضية كل مسلم على وجه الأرض وليست قضية العرب وحدهم، كما دافع الإمام الراحل جاد الحق علي جاد الحق، شيخ الأزهر،عن الأقليات المسلمة في العالم وطالب بوقف المجازر ضدهم لاسيما مسلمي البوسنة والهرسك، والشيشان. ويصادف اليوم الموافق 16 مارس، ذكرى وفاة فضيلة الإمام الأكبر جاد الحق علي جاد الحق، لذا ترصد"الفجر"، أهم المحطات في حياته.
درجاته العلمية تلقى تعليمه الأولِ في قريته "بطرة -مركز طلخا - محافظة الدقهلية"، فحفظ القرآن، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ثم الْتحق بالمعهد الأحمدي بطنطا، وأنهى المرحلة الابتدائية به، وانتقل إلى المرحلة الثانوية، واستكملها في القاهرة في معهدها الديني بالدراسَة، وبعد اجتيازه لها التحق بكلية الشريعة، ومن ثم حاصل على الشهادة العالمية، ثم نال تخصص القضاء بعد عامين من الدراسة، وكان الأزهر يعطي لمن يحصل على العالمية في الشريعة أن يتخصص في القضاء لمدة عامين، ويمنح الطالب بعدها شهادة العالمية مع إجازة القضاء.
توليه مشيخة الأزهر وقد تدرج فضيلته في مناصب مهمة منذ التحاقه بالقضاء الشرعي، فتولى أمانة الفتوى في دار الإفتاء عام 1373ه/1954م، من ثم أصبح مستشارًا بمحاكم الاستئناف، ثم عين مفتياً للديار المصرية فعمل على تنشيطها، والمحافظة على تراثها الفقهي، ونشره في مجلدات بلغت عشرين مجلداً، مما شكل ثروة فقهية ثمينة. كما عين وزيرًا للأوقاف، وظل به شهورًا قليلة، اختير بعدها شيخًا للجامع الأزهر في 17 مارس 1982.
الجوائز التي حصل عليها حصل على وشاح النيل من مصر وهو أعلى وشاح تمنحه الدولة في عام 1983 بمناسبة العيد الألفي للأزهر، ووسام "الكفاءة الفكرية والعلوم" من الدرجة الممتازة من المغرب، كما حصل على جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام.
مواقفه الإنسانية تبرع بقيمة جائزة الملك فيصل لبناء مستشفى في قريته وإشترى أرضا لبناء مجمع شامل يضم مسجدا وحضانة ومستوصفاً ودار تحفيظ قرآن، كما رفض التطبيع مع إسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وللشيخ جاد الحق مواقف أيضًا وصفت بأنها شجاعة منها تصديه لرغبة دول الغرب في استصدار قانون من الاممالمتحدة بشأن تدويل الحرمين الشريفين وأفتى بأن هذا الأمر لا تجيزه شريعة ولا يبيحه قانون وإنما هذا أمر يخص المسلمين وحدهم دون غيرهم .
كما رفض مقررات مؤتمر للسكان تبيح الشذوذ والإجهاض، وبفضل شجاعته أصدر بيانا من الأزهر الشريف بإسم المسلمين وبصفته إماماً لهم تراجع الكونجرس الأمريكي عن تأييد قرار الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون بشأن نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس وإعتبار القدس عاصمة أبدية لإسرائيل .
ورفض الأمام الأكبر رفضاً قاطعاً لقاء الرئيس الإسرائيلي عيزرا وايزمان خلال زيارته للقاهرة، مما سبب حرجاً شديداً للحكومة المصرية، وكانت قضية القدس تشغل حيزاً كبيراً من عقل وقلب الإمام جاد الحق، وكان يذكر بها في كل المواقف والمناسبات مؤكداً أن القدس ستظل عربية إسلامية إلي قيام الساعة رغم أنف الإسرائيليين . ورفض الإمام الراحل سياسة التطبيع مع إسرائيل طالما ما زالت تحتل الأراضي العربية، ورفض زيارة المسلمين للقدس بعدما أفتي بعض العلماء بجواز ذلك بعد عقد اتفاقية أوسلو عام 1993م بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية، وعلى أثر هذا النداء القوي دعا البابا شنودة الثالث بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية في مصر هو الآخر المسيحيين لعدم زيارة القدس.
وعندما نشبت حرب إبادة المسلمين في البوسنة كان هو أول من أعلن أنها حرب إبادة صليبية في المقام الأول، ونادى بعقد مؤتمر إسلامي في الجامع الأزهر لمناصرة شعب البوسنة والهرسك.
علاقته بالشعراوى وقد جمعت الشيخ جاد الحق علاقة وطيدة بالإمام محمد متولي الشعراوي، حتى إن الأخير كان دومًا يقبل يديه فور رؤيته، رغم فارق السن بينهما، والذي يصل إلى 6 سنوات، الأمر الذي كان يسبب للشيخ جاد الحق حرجًا، حيث لم يخجل الشعراوي من فعل ذلك حتى أمام كاميرات التليفزيون، على مرأى ومسمع من الجميع.
وأوصى الشيخ جاد الحق بأن يصلي عليه الشيخ الشعراوي وهذا ما حدث بالفعل، حيث تحامل الشعراوي على نفسه وبكى على قبره، ونعاه بقوله "تعلمنا منه ألا نعصرن الدين بل ندين العصر، فعصرنة الدين تعنى أنه غير كامل حاشا لله".