بعدما أنهى الدور الأول من بطولة الدوري الإسباني "الليجا" بشكل مثالي، يبدو أن برشلونة تنتظره أفاقا رائعة، فبالإضافة إلى نتائجه المبهرة نجح النادي الكتالوني في تطوير أدائه وعقد صفقات شراء لاعبين جدد من العيار الثقيل. وبعث برشلونة، بقيادة المدير الفني آرنستو فالفيردي، برسالة شديدة اللهجة لكل منافسيه، بعدما فاز 4-2 على ريال سوسيداد، على ملعب الأخير، الذي لم يسجل فيه أي انتصار منذ (11 عاماً). وكانت رسالة برشلونة باعثة للإحباط واليأس في نفوس منافسيه، الذين يرون بأعينهم مراحل المسابقة تمر والمتصدر لا يخسر، محققاً 16 انتصاراً، و3 تعادلات في 19 جولة، زار خلالها ملاعب عرفت بصعوبتها مثل ملاعب ريال مدريد، وجاره أتلتيكو مدريد، فالنسيا، وفياريال. ونجح فالفيردي في عزل برشلونة عن هذه الآفة الفطرية التي تصيبه خلال الأوقات العصيبة، وعن أحداث مباراتي كأس سوبر إسبانيا التي مني الفريق في مجموع نتيجتهما بالهزيمة على يد ريال مدريد، فالمدرب الإسباني لم يوح لفريقه بأن العالم انتهى بسقوطه بل بأن تحقيق الأحلام لا يزال ممكناً. وأضفى فالفيردي على الأجواء داخل غرفة تغيير ملابس برشلونة نوعاً من العقلانية، مدعومة بقرارات حكيمة تمهيداً لإعادة بناء الفريق. وفي البداية نجح فالفيردي في تدعيم الجانب النفسي للفريق بتحقيق نتائج إيجابية، معتمداً على زيادة الصلابة الدفاعية، ومع مرور جولات "الليغا" بدأنا نرى فريقاً، ليس فقط مقنعاً وقادراً على المنافسة، بل رائعاً وجمالياً أيضاً. وتقدم أهداف برشلونة العشرة في المراحل الثلاث الأخيرة بالدوري الإسباني، بما فيها أهدافه الثلاثة على ملعب سانتياغو بيرنابيو، توضيحاً للتطور الحاصل في الشق الهجومي لفريق بدأ يجذب الأنظار، وإثارة الإعجاب متمتعاً بنهم كبير لتحقيق الانتصارات، كما أظهر أمام ريال سوسيداد. والعجيب في الأمر أن برشلونة نجح في إعادة بناء نفسه في الوقت الذي غاب فيه اللاعب البرازيلي نيمار، وبوجود نفس عناصره الذين لم ينجحوا في الموسم الماضي، إلا في الفوز بلقب كأس ملك إسبانيا فقط. ومن الناحية النظرية ستزيد قوة برشلونة في الفترة المقبلة، بفضل العناصر المنضمة له حديثاً، كالفرنسي عثماني ديمبلي الذي يعاني من إصابة جديدة ستبعده شهراً عن الملاعب، والبرازيلي فليبي كوتينيو الذي انضم لصفوف برشلونة قادماً من ليفربول الإنجليزي، ولكنه يعاني من الإصابة أيضاً، وذلك يعني أن برشلونة لم يستعن بعد بصفقات كلفت خزائنه أكثر 215 مليون يورو. وها هو فالفيردي رسخ فكرة التغيير لتدركها وتستوعبها على الفور أذهان لاعبي النادي الكاتالوني، الذي تبدو السماء في الوقت الراهن هي حدود طموحه اللامتناهي في ظل ظروف مواتية وأسباب دافعة لتحقيق النجاح.