بورصات الخليج تغلق على تباين متأثرة بالتوتر التجاري بين الصين وأمريكا    وزير البترول يبحث مع «بيكر هيوز» تعزيز التعاون التكنولوجي لزيادة الإنتاج    عاجل رئيس وزراء باكستان: قمة شرم الشيخ للسلام أنهت الحرب وترامب رجل سلام    اللجنة المنظمة تواصل استعداداتها المكثفة لإنجاح بطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبي بالعاصمة الإدارية    بحث سبل التعاون المشترك بين جامعتي الدلتا التكنولوجية والسادات    البيئة تشارك فى ورشة الربط بين المساهمات المحددة وطنيًا وتقارير الشفافية    المشاط تشارك في المنتدى العالمي للأغذية بروما    محافظ المنوفية يتابع منظومة التصالح على مخالفات البناء وتقنين أراضي أملاك الدولة    «العمل» تسلم عقود توظيف لذوي الهمم في القاهرة والشرقية    مدير تعليم الخصوص تتابع انتظام الدراسة في المدارس وتوجه بسرعة تسليم الكتب    جون إدوارد وعبد الناصر محمد وعمر جابر يطمئنون على حسن شحاتة    بطل العالم في السباحة بالزعانف: اكتسبت خبرة كبيرة من بطولة العالم وفخور بالذهبية    تحرير 9 محاضر ضبط جمركي بمطار القاهرة    مشاجرة تنتهي بمأساة.. المؤبد لابن قتل والده خنقًا بطوخ    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس غدًا الثلاثاء    قرار جديد بشأن 73 متهمًا بقضية «خلية اللجان النوعية بالتجمع»    حسين فهمي يحسم جدل تغيير بوستر مهرجان القاهرة السينمائي| فيديو    انطلاق الدورة الرابعة من معرض الأقصر للكتاب.. و«شمس الدين الحجاجي» شخصية العام    هل تنفَّذ وصيّة الميت بمنع شخص من جنازته؟.. أمين الفتوى يُجيب    هل لبس الأساور للرجال حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب    دار الإفتاء تؤكد جواز إخراج مال الزكاة لأسر الشهداء في غزة    الرئيس السيسي يبحث تعزيز العلاقات الثنائية مع إيطاليا في مختلف المجالات    بالصور.. تطوير شامل بمنطقتي "السلام الجديد والتصنيع" في بورسعيد    بابا الفاتيكان يرحب بإنهاء الحرب فى غزة ويدعو للمضى قدما فى عملية السلام    سعفان الصغير: كل من هاجمونا «غير وطنيين».. ونجاحات التوأم سبب الحرب علينا    ترامب أمام الكنيست: سألتقى بعد قليل فى مصر مع قادة رائعين جعلوا اتفاق السلام ممكنا    المجلس الإعلامي الأوروبي يدين مقتل الصحفيين في غزة    تأكيدًا لما نشرته «المصري اليوم».. «الأطباء» تعلن نتائج انتخابات التجديد النصفي رسميًا    الصحة تشارك في المؤتمر الدولي للطبيبات    إحالة العاملين المتغيبين في مركز الرعاية الأولية بالعريش للتحقيق بعد زيارة مفاجئة    نتنياهو: ترامب أعظم صديق حظيت به إسرائيل فى البيت الأبيض    ترامب: ويتكوف شخص عظيم الكل يحبه وهو مفاوض جيد جلب السلام للشرق الأوسط    محافظ الوادي الجديد يشارك فى مؤتمر الابتكار العالمى للأغذية الزراعية بالصين    أحمد ياسر يعتذر لطارق مصطفى بعد تصريحاته الأخيرة: حصل سوء فهم    محافظة بورسعيد: جارٍ السيطرة على حريق بمخزنين للمخلفات بمنطقة الشادوف    ضبط صانع محتوى في الإسكندرية نشر فيديوهات بألفاظ خادشة لتحقيق أرباح    جامعة بنها تتلقى 4705 شكوى خلال 9 أشهر    قمة شرم الشيخ| ندى ثابت: الاتفاق يؤكد دور مصر المحوري في الدفاع عن الاستقرار الإقليمي    فيديو توضيحى لخطوات تقديم طلب الحصول علي سكن بديل لأصحاب الإيجارات القديمة    خالد جلال ضيف بودكاست كلام فى السينما مع عصام زكريا الليلة على الوثائقية    هتافات وتكبير فى تشييع جنازة الصحفى الفلسطيني صالح الجعفراوى.. فيديو    إعلام إسرائيلى: ترامب يعقد اجتماع عمل مع نتنياهو فى الكنيست    تموين الفيوم تلاحق المخالفين وتضبط عشرات القضايا التموينية.. صور    مصطفى شوبير: لا خلاف مع الشناوي.. ومباريات التصفيات ليست سهلة كما يظن البعض    «أسير» و«دورا».. عروض متنوعة تستقبل جمهور مهرجان نقابة المهن التمثيلية    10 آلاف سائح و20 مليون دولار.. حفل Anyma أمام الأهرامات ينعش السياحة المصرية    القوات الإسرائيلية تداهم منازل أسرى فلسطينيين من المقرر الإفراج عنهم    ضبط 105174 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    بعد منحها ل«ترامب».. جنازة عسكرية من مزايا الحصول على قلادة النيل    تواصل تلقي طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب 2025 لليوم السادس    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة قنا    تشكيل منتخب فرنسا المتوقع أمام آيسلندا في تصفيات كأس العالم 2026    استبعاد فيران توريس من معسكر منتخب إسبانيا قبل مواجهة بلغاريا    رئيس «الرعاية الصحية» يتفقد مجمع الفيروز بجنوب سيناء استعدادًا لقمة شرم الشيخ    انتظام اللجان الخاصة بالكشف الطبي لمرشحي انتخابات مجلس النواب بالأقصر    بحضور حسين فهمى وفنانين مصريين وعرب.. «القاهرة السينمائى» يكشف تفاصيل دورته ال46    موجودة في كل بيت.. أهم الأطعمة لتقوية المناعة خلال تغير الفصول    أسماء مرشحي القائمة الوطنية بانتخابات مجلس النواب في عدد من المحافظات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما حكم الدعاء ل"المتوفي" جماعة وجهرًا عند الدفن؟
نشر في الفجر يوم 13 - 11 - 2017

ننشر لكم حكم الدعاء للمتوفي جماعة وجهرًا عند الدفن، وفقًا لدار الإفتاء المصرية، وهو كالتالي:
من السنة أن يقف المشيعون للجنازة عند القبر ساعة بعد دفن الميت والدعاء له؛ لِما رواه أبو داود في "السنن" والحاكم في "المستدرك" وصححه، من حديث عثمان رضي الله عنه قال: كانَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم إذا فَرَغَ مِن دَفنِ المَيِّتِ وَقَفَ عليه فقالَ: «استَغفِرُوا لأَخِيكم وسَلُوا له التَّثبِيتَ؛ فإِنَّه الآنَ يُسأَلُ»، وروى الإمام مسلم من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه قال: «إذا دَفَنتُمُونِي فَشُنُّوا عليَّ التُّرَابَ شَنًّا، ثُم أَقِيمُوا حَولَ قَبرِي قَدرَ ما تُنحَرُ جَزُورٌ ويُقسَمُ لَحمُها حتى أَستَأنِسَ بكم وأَنظُرَ ماذا أُراجِعُ به رُسُلَ رَبِّي».
ويستحب أن يسبق الدعاءَ موعظةٌ موجزةٌ تذكّر بالموت والدار الآخرة؛ لِما في ذلك مِن ترقيق القلوب وتهيئتها للتضرع إلى الله تعالى، وجمع الهمة في الدعاء.
وقد خص المحدثون أبوابًا في مصنفاتهم لجمع ما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الدعاء للميت عند القبر.
فبوب الإمام أبو داود في "سننه" (باب الاستغفار عند القبر للميت) و(باب الدعاء للميت إذا وضع في قبره)، وبوب الإمام البيهقي في "الدعوات الكبير" (باب الاستغفار للميت عند القبر)، وبوب الإمام النووي في "خلاصة الأحكام" (باب استحباب المكث عند القبر بعد دفنه ساعة، والدعاء له بالتثبيت وغيره، وقراءة القرآن).
فعن علي كرم الله وجهه قال: كُنّا في جَنازةٍ في بَقِيعِ الغَرقَدِ، فأَتانا النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم فقَعَدَ وقَعَدنا حَولَه، ومَعَه مِخصَرةٌ، فنَكَّسَ، فجَعَلَ يَنكُتُ بمِخصَرَتِه، ثُم قالَ: «ما مِنكم مِن أَحَدٍ- ما مِن نَفسٍ مَنفُوسةٍ، إلّا كُتِبَ مَكانُها مِنَ الجَنّةِ والنّارِ، وإلّا قد كُتِبَ شَقِيّةً أو سَعِيدةً»، فقالَ رَجُلٌ: يا رسولَ اللهِ، أفَلا نَتَّكِلُ على كِتابِنا؟ فقال: «اعمَلُوا؛ فكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ له» متفق عليه.
وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ بصر بجماعة، فقال: «عَلَامَ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ؟» قيل: على قبر يحفرونه، قال: ففزع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فبدر بين يدي أصحابه مسرعًا حتى انتهى إلى القبر، فجثا عليه، قال: فاستقبلتُه من بين يديه لأنظر ما يصنع، فبكى حتى بل الثرى مِن دموعه، ثم أقبل علينا قال: «أَيْ إِخْوَانِي! لِمِثْلِ الْيَوْمِ فَأَعِدُّوا» رواه ابن أبي شيبة في "المصنف".
أما عن كيفية الدعاء للميت وهل يكون سرًّا أو جهرًا: فالمستحب أن يكون جهرًا، والأمر في ذلك واسع، والتنازع من أجل ذلك لا يرضاه الله ولا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وإنكار الدعاء على القبر جهرًا هو من البدع المذمومة؛ إذ قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الدعاء على القبر جهرًا، ومن البدعة تضييق ما وسَّع الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا شَرَع اللهُ سبحانه وتعالى أمرًا على جهة الإطلاق، وكان يحتمل في فعله وكيفية إيقاعه أكثرَ مِن وجه فإنه يؤخذ على إطلاقه وسعته ولا يصح تقييده بوجه دون وجه إلا بدليل، فكيف والجهر بالدعاء ثابت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والصحابة الأكرمين رضي الله عنهم، والسلف الصالحين رحمهم الله تعالى.
ولا يخفى أن الدعاء جهرًا في جماعة هو أرجى للقبول وأيقظُ للقلب وأجمعُ للهمة وأَدعى للتضرع والذلة بين يدي الله تعالى، خاصة إذا كانت هناك موعظة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يَدُ اللهِ مع الجَماعةِ» رواه الترمذي وحسَّنه والنسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما
فَمِمَّا صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الدعاء جهرًا عند المقابر:
ما رواه الإمام مسلم في "صحيحه" عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: بينما النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حائطٍ لبني النجارِ على بغلةٍ له ونحن معه، إذ حادت به فكادت تلقيه، وإذا أقبُر ستة أو خمسة أو أربعة، فقال: «مَنْ يَعْرِفُ أَصْحَابَ هَذِهِ الْأَقْبُرِ؟» فقال رجل: أنا، قال: «فَمَتَى مَاتَ هَؤُلَاءِ؟» قال: ماتوا في الإشراك، فقال: «إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا، فَلَوْلَا أَنْ لَا تَدَافَنُوا لَدَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ الَّذِي أَسْمَعُ مِنْهُ»، ثم أقبل علينا بوجهه، فقال: «تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ»، قالوا: نعوذ بالله من عذاب النار، فقال: «تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ»، قالوا: نعوذ بالله من عذاب القبر، قال: «تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنَ الْفِتَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ»، قالوا: نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن، قال: «تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ»، قالوا: نعوذ بالله من فتنة الدجال".
وروى ابن أبي عاصم في "السنة" و"الآحاد والمثاني"، والطبراني في "المعجم الكبير" و"الأوسط" و"الدعاء"، وابن بطة في "الإبانة"، وغيرهم، -وأصله عند أبي داود في "السنن"- عن الحُصَيْنِ بن وَحْوَح رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جاء حتى وقف على قبر طلحة بن البراء رضي الله عنه، فَصَفَّ وَصَفَّ النَّاسَ مَعَهُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ الْقَ طَلْحَةَ يَضْحَكُ إِلَيْكَ وَتَضْحَكُ إِلَيْهِ»، قال الحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد".
وعلى ذلك جرى عمل الصحابة والسلف الصالحون رضي الله عنهم فيما نُقِلَ عنهم من آثار في الدعاء عند المقابر جهرًا، ولولا أنها سُمِعَت منهم جهرًا لَمَا نُقِلَتْ:
فأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة في "مصنفيهما" عن أبي مدرك الأشجعي، أن عمر رضي الله عنه إذا سوى على الميت قبره قال: "اللهم أَسلَمَه إليك الأهل والمال والعشيرة، وذنبه عظيم، فاغفر له".
وروى عبد الرازق وابن أبي شيبة في "مصنفيهما" عن عمير بن سعيد، قال: صليت خلف على بن أبي طالب رضي الله عنه على يزيد بن المكفف، فكبر عليه أربعًا، ثم أتى قبره، فقال: "اللهم عبدك، وولد عبدك، نزل بك وأنت خير منزول به، اللهم وسع له في مدخله، واغفر له ذنبه، فإنا لا نعلم منه إلا خيرًا وأنت أعلم به".
وروى الإمام أحمد في "مسنده" عن محمد بن سيرين: أن أنَس بن مالك رضي الله عنه شهدَ جنازة رجلٍ من الأنصار، قال: "فأظهَروا له الاستغفَار"، فلم ينكر ذلك أنس رضي الله عنه. قال الحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 44): [ورجاله رجال الصحيح] اه.
وروى ابن أبي شيبة في "مصنفه" عن عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهما، قال: كان أنس بن مالك رضي الله عنه إذا سوى على الميت قبره قام عليه فقال: "اللهم عبدك رُدَّ إليك؛ فارأف به وارحمه، اللهم جاف الأرض عن جنبيه، وافتح أبواب السماء لروحه، وتقبله منك بقبول حسن، اللهم إن كان محسنًا فضاعف له في إحسانه، أو قال: فزد في إحسانه، وإن كان مسيئًا فتجاوز عنه".
وأخرج الإمام عبد الرزاق في "مصنفه" عن أيوب قال: وقف ابن المنكدر على قبر بعد أن فرغ منه، فقال: "اللهم ثبته، هو الآن يسأل".
وروى البيهقي في "شعب الإيمان" عن محمد بن حارث قال: لما دفن عمر بن ذَرٍّ ابنَه وقف على قبره فقال: "قد شغلنا الحزنُ لك عن الحزن عليك، ليت شعري ماذا تقول وماذا يقال لك! لولا هول المطلع لتمنيت اللحاق بك، اللهم إني قد وهبتُ له ما قصَّر فيه مِن بِرِّي، فاغْفر له ما قصَّر فيه مِن طاعتك".
ونص أهل العلم على أن للدعاء الجماعي مددًا للمتوفَّى وتأييدًا له؛ قال الإمام أبو عبد الله الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" (3/ 226، ط. دار الجيل): [فالوقوف على الْقَبْر وسؤال التثبيت لِلْمُؤمنِ فِي وَقت دَفنه: مددٌ للْمَيت بعد الصَّلَاة؛ لِأَن الصَّلَاة بِجَمَاعَة الْمُؤمنِينَ كالعسكر لَهُ قد اجْتَمعُوا بِبَاب الْملك، فيشفعون لَهُ، وَالْوُقُوف على الْقَبْر لسؤال التثبيت: مدد الْعَسْكَر، وَتلك سَاعَة شغل الْمُؤمن؛ لِأَنَّهُ يستقبله هول المطلع وسؤال وفتنة فتاني الْقَبْر مُنكر وَنَكِير] اه.
ونص فقهاء المذاهب المتبوعة على جواز قراءة القرآن عند القبر سرًّا وجهرًّا، ولا يخفى أن الدعاء في معنى القراءة:
قال العلامة ابن مازة البخاري الحنفي في "المحيط البرهاني في الفقه النعماني" (5/ 311، ط. المكتبة العلمية): [وكان الفقيه أبو إسحاق الحافظ رحمه الله، حكى عن الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن إبراهيم أنه قال: لا بأس بأن يقرأ على المقابر سورة الملك؛ سواء أخفى أو جهر] اه.
وقال العلامة ابن نجيم الحنفي في "شرح كنز الدقائق" (8/ 235، ط. دار الكتب العلمية): [وفي "الخانية": أن قراءة القرآن عند القبور إن نوى أن يؤانسهم بصوته يقرأ، وإن لم يقصد ذلك فالله سبحانه وتعالى يسمع القرآن حيث كان] اه.
فالأمر بالدعاء عند القبر واسع يشمل كونه سرًّا أو جهرًا، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الأغلوطات وكثرة المسائل، وبيَّن أن الله تعالى إذا سكت عن أمر كان ذلك توسعة ورحمة على الأمة فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ فَرَضَ فَرائِضَ فلا تُضَيِّعُوها، وحَرَّمَ حُرُماتٍ فلا تَنتَهِكُوها، وحَدَّ حُدُودًا فلا تَعتَدُوها، وسَكَتَ عن أَشياءَ رَحمةً لكم مِن غيرِ نِسيانٍ فلا تَبحَثُوا عنها» رواه الدارقطني في "سننه" (5/ 325، ط. مؤسسة الرسالة) وغيره عن أبي ثَعلَبةَ الخُشَنِيِّ رضي الله عنه، وصحّحه ابنُ الصلاح، وحسّنه النوويُّ.
قال العلامة التَّفتازاني في "شرح الأربعين النووية": [(فلا تبحثوا عنها) ولا تسألوا عن حالها؛ لأن السؤال عما سكت اللهُ عنه يُفضِي إلى التكاليف الشاقة، بل يُحكَم بالبراءة الأصلية] اه.
وبيَّن رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم فَداحةَ جُرمِ مَن ضَيَّق على المسلمين بسبب تَنقِيرِه وكثرة مسألته فقال: «أَعظَمُ المُسلِمِينَ في المُسلِمِينَ جُرمًا رَجُلٌ سأَلَ عن شَيءٍ ونَقَّرَ عنه فحُرِّمَ على النّاسِ مِن أَجلِ مَسأَلَتِه» رواه مسلم من حديث عامِرِ بنِ سَعدٍ عن أَبِيه رضي الله عنه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.