تهدف السعودية إلى تنويع الاقتصاد، وتطوير هيكل الإنتاج، وخلق قطاعات جديدة مولدة للدخل؛ بحيث ينخفض الاعتماد الكلي على إيرادات قطاع النفط في عالم يشهد تحولاً كبيراً نحو عصر ما بعد النفط. ومن بين الطرق التي اعتمدتها المملكة نحو هذا التحول تعزيز دور صندوق الاستثمارات العامة، وتحديث إستراتيجيته ومهامه كأحد برامج تحقيق رؤية 2030. تاريخ تأسيس الصندوق يرجع تأسيس صندوق الاستثمارات العامة إلى عام 1391ه الموافق 1971م؛ وكان الهدف من إنشائه الاستثمار في المشاريع الإنتاجية ذات الطابع التجاري، وساهم الصندوق منذ نشأته في تأسيس عدد من الشركات بهدف دعم الابتكار، وتنويع وتطوير القطاع غير النفطي في المملكة، وكذلك الاستثمار بشكلٍ انتقائي في مجموعة واسعة من الشركات والأصول على الصعيدين المحلي والدولي. نقطة تحول وفي 23 مارس 2015م صدر قرار مجلس الوزراء بتبعية الصندوق لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية. وهو ما مثلَ نقطة تحول في تاريخ الصندوق؛ ليواكب اتجاه المملكة ورؤيتها نحو عدم الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للدخل، وتنويع مصادره، والنظر في أساليب استثمار احتياطات الدولة بما يضمن الاستغلال الأمثل لها. تأثير عالمي ويسعى الصندوق إلى أن يصبح جهة استثمار رائدة، وذات تأثير على مستوى العالم، وأن يدفع عجلة التحول الاقتصادي للمملكة، وذلك عبر الاستثمارات الفاعلة طويلة المدى مع الالتزام بأعلى معايير الحوكمة والشفافية. ويتعاون الصندوق مع جهات عالمية مرموقة في إدارة الاستثمارات بصفته ذراع الاستثمار الأساسية للمملكة وفق إستراتيجية تركز على تحقيق عائدات مالية ضخمة وقيمة حقيقية طويلة المدى للبلاد. أكبر صندوق سيادي عالمي ويهدف برنامج الصندوق بشكلٍ واضح إلى تعظيم أصوله؛ ليصبح أكبر صندوق ثروة سيادية في العالم برفع قيمته إلى 1.5 تريليون ريال، بالإضافة إلى إطلاق قطاعات اقتصادية جديدة تزيد مساهمته في الناتج المحلي لتصل إلى 170 مليار ريال، وزيادة المحتوى المحلي بشكل مباشر بنحو 50 مليار ريال، وبناء شراكات اقتصادية إستراتيجية تعزز من دور المملكة إقليمياً وعالمياً، فضلاً عن توطين التقنيات والمعرفة المتطورة، وتوليد 20 ألف وظيفة مباشرة، وذلك بحلول عام 2020م. وستعود نواتج وإيرادات الصندوق والاستثمار على المجتمع المحلي في شكل خدمات صحية، وتعليمية، ولوجستية، ورصف طرق وإنارتها... إلخ من الخدمات التي تمس حياة المواطن العادي بشكل حثيث. الاستثمار الداخلي وبنظرة عن قرب لشراكات صندوق الاستثمارات العامة في السوق المحلي، فإنه يمتلك أصولاً في شركات سعودية بحجم استثمارات يقدر ب 500 مليار ريال، تتوزع ما بين أسهم واستثمارات أجنبية وشركات العقارات القابضة، والقروض والسندات المالية والصكوك. وفضلاً عن ذلك سيكون صندوق الاستثمارات العامة أحد المنفذين لمشروع منطقة "نيوم" الذي أعلن عنه قبل أيام قليلة. الشراكات الدولية وعلى صعيد الاستثمار الخارجي، استطاع الصندوق الاستحواذ على 38% من شركة "بوسكو للهندسة والإنشاءات" الكورية في صفقة بلغت قيمتها 1.1 مليار دولار. وفي مطلع يونيو لعام 2016م، أعلن الصندوق استثمار 3.5 مليارات دولار في شركة "أوبر" لخدمات التوصيل بحصة تبلغ نحو 5%، كما قام الصندوق بالشراكة مع مجموعة "سوفت بنك" اليابانية في تأسيس صندوق "رؤية سوفت بنك" برأسمال 100 مليار دولار يستثمر في القطاع التقني، حيث سيكون الصندوق السعودي أكبر المشاركين فيه، مع استثمارات قد تبلغ 45 مليار دولار على مدار السنوات الخمس المقبلة. ومع بداية نوفمبر لعام 2016م أعلن رجل الأعمال الإماراتي محمد العبار، التحالف مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي لإطلاق "نون.كوم"، وهي منصة تجارة إلكترونية في الشرق الأوسط باستثمارات تصل قيمتها إلى مليار دولار، ويملك الصندوق نسبة 50% منها. كما أعلن الصندوق شراء 50% من مجموعة "أدبتيو" القابضة المحدودة المالكة لشركة أمريكانا. استثمارات عالمية يشارك صندوق الاستثمارات العامة في برنامج مختص للاستثمار في قطاع البنية التحتية في الولاياتالمتحدةالأمريكية تنشئه شركة (بلاكستون)، وسيكون الصندوق مستثمراً رئيساً في هذا البرنامج، ملتزماً بمبلغ يصل إلى (20) مليار دولار، وفي روسيا وقع صندوق الاستثمارات العامة وصندوق الاستثمارات الروسية المباشر سلسلة من الاتفاقيات لاستثمار ما يصل إلى (10) مليارات دولار في مشاريع روسية-سعودية مشتركة. هذا فيما يستثمر صندوق الاستثمارات أيضاً في برنامج الملكية الخاصة الذي يركز على فرنسا بشكل خاص، وأوروبا بشكل عام، على مدى السنوات السبع المقبلة. وبهدف تشجيع الاستثمارات السعودية في الأردن دشن الصندوق مذكرة تفاهم مع صندوق الاستثمار الأردني في عدة قطاعات مثل البنية التحتية والسياحة والطاقة. وفي مارس 2017 م أُسست شركة الصندوق السعودي الأردني للاستثمار المساهمة العامة المحدودة، وهي مملوكة بنسبة 90% من قِبَل صندوق الاستثمارات العامة. وأخيراً جاءت الشراكة مع مجموعة "فيرجن" بتوقيع مذكرة تفاهم يقوم بموجبها الصندوق باستثمار مليار دولار أمريكي في كل من "فيرجن جالاكتيك"، وشركة "ذا سبيس شيب"، و"فيرجن أوروبت"، إلى جانب 480 مليون دولار خياراً إضافياً في المستقبل للاستثمار في قطاع الخدمات الفضائية.