أكدت المملكة العربية السعودية ضرورة منح الدول النامية قدرًا أكبر من الحرية لتطوير برامجها التنموية، وفق أولوياتها الوطنية وحسب الظروف الخاصة بكل دولة، وبما يتفق مع رؤية الأممالمتحدة للتنمية المستدامة 2030، مشيرةً إلى ضرورة أن يؤخذ بعين الاعتبار العوامل الدينية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية لكل دولة، ومشددةً على إدراكها منذ نشأتها، أهمية تنمية المجتمع، واستثمارها في الإنسان خير استثمار في مختلف المجالات التنموية، خاصةً في التعليم والصحة، إيمانًا منها بأن الإنسان هو نواة التنمية، وأن الاستثمار فيه لا يقل أهميةً عن الاستثمار في البنية التحتية. جاء ذلك في كلمة المملكة العربية السعودية أمس، الاثنين (2 أكتوبر 2017) في الأممالمتحدة خلال المناقشة العامة لبند التنمية الاجتماعية (28) ضمن أعمال اللجنة الاجتماعية والإنسانية والثقافية (الثالثة) في الدورة ال72 للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي ألقاها السكرتير الثاني في وفد المملكة الدائم لدى الأممالمتحدة محمد القاضي.
وأضاف القاضي أن وفد المملكة يؤيد التوصيات التي قدمها معالي الأمين العام في تقريره المعنون "تنفيذ نتائج مؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية ونتائج دورة الجمعية العامة الاستثنائية الرابعة والعشرين"، ويؤكد ضرورة منح الدول النامية قدرًا كبيرًا من الحرية لتطوير برامجها التنموية وفق أولوياتها الوطنية، وبحسب الظروف الخاصة بكل دولة، وبما يتفق مع رؤية الأممالمتحدة للتنمية المستدامة 2030، كما ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار العوامل الدينية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية لكل دولة، إضافة إلى العوامل السياسية التي تعوق التنمية الاجتماعية التي يعد الاحتلال من أبشع صورها، وآثاره السلبية تنعكس على كل فرد من أفراد المجتمع القابع تحته. "وما يحدث مع أشقائنا في دولة فلسطين وفي الأراضي العربية المحتلة خير مثال على ذلك".
وتابع القاضي: "لقد أدركت المملكة العربية السعودية منذ نشأتها أهمية تنمية المجتمع، واستثمرت في الإنسان خير استثمار في مختلف المجالات التنموية، خاصةً التعليم والصحة، إيمانًا منها بأن الإنسان هو نواة التنمية، وأن الاستثمار فيه لا يقل أهميةً عن الاستثمار في البنية التحتية، وهو الأساس الذي اعتمدت عليه المملكة في رؤيتها للتنمية المستدامة 2030؛ الأمر الذي أسهم في جعل المملكة في مقدمة دول العالم في التنمية البشرية وفقًا للتقرير الصادر عن برنامج الأممالمتحدة الإنمائي لعام 2016م".
وأشار إلى حرص حكومة المملكة على توفير التعليم المجاني لجميع المراحل، وفق أفضل المعايير الدولية، مستعينةً بأفضل الخبرات الوطنية، كما خصصت من ميزانيتها السنوية ما يزيد عن 53 مليار دولار لدعم هذا القطاع؛ ما يشكل قرابة 22% من الميزانية العامة للدولة؛ وذلك إدراكًا منها لأهمية التعليم في مسيرة التنمية، كما أولت المملكة التعليم العالي اهتمامًا كبيرًا تمثل في زيادة أعداد الجامعات الحكومية المجانية التي بلغت 34 جامعة موزعة على مختلف مناطق المملكة، يرتادها ما يقارب 900 ألف طالب وطالبة، كما اعتمدت أيضًا برنامجًا للابتعاث الخارجي استفاد منه ما يزيد عن 150 ألف طالب وطالبة تم ابتعاثهم لتلقي مختلف العلوم والتخصصات لمراحل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في 30 دولة".
وفي شأن القطاع الصحي، ونظرًا إلى أهميته في مسيرة التنمية، بيَّن السكرتير الثاني في وفد المملكة الدائم لدى الأممالمتحدة، أن حكومة المملكة خصصت له جزءًا كبيرًا من ميزانيتها السنوية يفوق 32 مليار دولار؛ ما يقارب 14% من الميزانية العامة للدولة؛ حيث سيستثمر هذا المبلغ في دعم المشاريع التنموية الخاصة بالصحة والاستثمار في الأبحاث العلمية التي ترتقي بالخدمات الصحية المقدمة للمواطنين؛ إذ إن نظام الرعاية الصحية في المملكة يقدم خدماته المجانية للمواطنين وفق أفضل المعايير، مستعينًا بأمهر الأطباء السعوديين في مختلف المجالات الطبية، إضافة إلى عدد من الأطباء العرب والأجانب من ذوي الكفاءة العالية.
وتابع القاضي قائلًا: "إن من أهداف رؤية المملكة للتنمية المستدامة 2030 الارتقاء بمؤشر رأس المال الاجتماعي إلى مراتب أكثر تقدمًا؛ حيث تحتل المملكة حاليًّا المرتبة ال26 عالميًّا. ونطمح إلى أن نكون ضمن الدول العشر الأولى في هذه القائمة، ليحظى المواطن السعودي بالرفاهية الاجتماعية والقدرة على مواكبة تحديات العصر، ومعالجة المشكلات التي تعوق مسيرة التنمية الاجتماعية، كخفض معدلات البطالة، وزيادة حجم الاستثمارات المحلية والأجنبية، بما يزيد فرص العمل اللائق لجميع فئات المجتمع دون استثناء".
وأشار إلى حرص المملكة على إشراك الشباب في عملية صنع القرار؛ إذ عيّنت عددًا كبيرًا منهم في مناصب مرموقة في الدولة؛ إيمانًا منها بأن أفكار الشباب الطموحة هي التي ستقود مسيرة التنمية في المملكة للوصول إلى مصاف الدول الأكثر تقدمًا وازدهارًا، مستعينين بعدد من الخبرات الوطنية والعالمية، وأحدث ما توصلت إليه التقنية.
وأكد أن الاهتمام بجميع فئات المجتمع دون تمييز هو السمة الحضارية التي ترتقي بالشعوب؛ "فكما حرصت بلادي على الاستثمار الجيد في مستقبل شبابها، لم تغفل عن تقديم الرعاية والاهتمام للمسنين وتقديم التسهيلات لهم، وتطوير الخدمات لرعايتهم بما يضمن تمتعهم بحقوقهم كافةً لتوفير الحياة الكريمة لهم؛ حيث وضعت حكومة المملكة استراتيجية لرعاية كبار السن من خلال إنشاء دور الرعاية وتقديم عناية خاصة بهم والوقوف على كل ما يحتاجون إليه، وصرف مخصصات شهرية لهم، فضلًا عن عدد كبير من الخدمات الأخرى.
وأضاف قائلًا: "إن تحقيق أهداف التنمية الاجتماعية يتطلب إزالة المعوقات التي يمكن أن تقف في مسيرة التنمية. ولأجل ذلك، فقد حرصت المملكة على توفير العناية والاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة ودمجهم ضمن خططها الوطنية. ويأتي هذا استشعارًا منها بواجباتها تجاه تقديم جميع الخدمات والبرامج التي تحتاجها هذه الفئة الغالية من المجتمع، كتخصيص إعانة مالية شهرية لهم، وتوظيفهم في القطاع الحكومي، وتشجيع القطاع الخاص على ذلك، إضافة إلى توفير التعليم الخاص بهم في معاهد متخصصة ودمجهم في التعليم العام".
ونوه السكرتير الثاني في وفد المملكة الدائم لدى الأممالمتحدة في الختام، بتعاون المملكة الدائم مع الأممالمتحدة والمجتمع الدولي في كل ما من شأنه نهضة المجتمعات ورقيها وإزالة المعوقات التي تقف في طريق التنمية، والعمل على معالجة الأسباب الرئيسية المعيقة لها كالفقر، ودعم مجالات التعليم والصحة، ومحاربة الفساد بجميع أشكاله، والسعي إلى إشراك جميع فئات المجتمع في التنمية دون تمييز نقلًا عن وكالة واس.