آمن بدور العلم في إسعاد الفقراء، وحل المشكلات التي تعاني منها مجتمعاتهم بالعلم الذي امتلك ناصيته، وبمشاعره الأدبية ، ذو الحس المرهف والأسلوب المميز، صاحب الدواوين والكتب التي وضع فيها عصارة فكره وخلاصة جهده في مجال الأدب والشعر، إنه الأديب ورائد علم الوراثة الدكتور أحمد مستجير. تحتل اليوم ذكرى الحادية عشر عل وفاته، عقب وفاته في أحد المستشفيات في النمسا بعد إصابته بجلطة شديدة في المخ إثر مشاهدته أحداث التدمير والمذابح التي ارتكبتها إسرائيل بحق المدنيين والأطفال في لبنان، بينما ولد في ديسمبر 1934.
حل مشاكل الفقراء الاقتصادية لقب ب "أبو الهندسة الوراثية" حيث نبغ في علم الهندسة الوراثية، حيث نبغ الدكتور مستجير في علم الهندسة الوراثية وكان يرى أن البيوتكنولوجيا من الممكن أن تستخدم لإسعاد الفقراء، وحل مشكلاتهم الاقتصادية فهي تتضمن زراعة الأنسجة ودمج الخلايا والهندسة الوراثية، وباستخدامها يمكن إنتاج نبات مقاوم للأمراض أو مقاوم للملوحة أو متميز بمحصول وفير، فالبشر من وجهة نظره يعتمدون في غذائهم على القمح والأرز، ومن هنا بدأ يفكر في استنباط سلالات من القمح والأرز تتحمل الملوحة والجفاف من خلال التهجين الخضري مع الغاب، وذلك بعد أن لاحظ في إحدى سفرياته على الطريق الصحراوي المؤدي إلى الإسكندرية كثافة الغاب والبوص في الملاحات ونموه برغم نسبة الملح المرتفعة. وقال مستجير في هذا الصدد : "إننا نتبنى حاليا التكنولوجيات التي تصلح لحل مشاكلنا الخاصة، فلو عرفنا الاستغلال الأمثل لمياه البحر في الري، لتمكنا من إنتاج أصناف من المحاصيل الزراعية التي تتحمل الملوحة والجفاف"وتبرز أهمية هذه التجربة بعد قيام الشركات الأمريكية بإنتاج بذور عقيمة صالحة للإنتاج، ولكنها لا تصلح للاستنبات مرة أخرى، وهو ما يحرم الفلاح من حقه الأزلي في الاحتفاظ بكمية البذور لزرعها في الموسم القادم.
حلم مستجير في الزراعة وقد أطلق مستجير على هذه البذور "بذور الشيطان" محذرا من خطرها على الزراعة والاقتصاد، وكان من أحلام مستجير أيضا إثراء الفول البلدي بحامض الميثونين الأميني لتقترب قيمته الغذائية من قيمة اللحم، وأراد أيضا إدخال جين مقاومة فيروس الالتهاب الكبدي وهو المرض المنتشر في مصر إلى الموز، وغيرها من الأحلام التي كان هاجسها الوحيد فقراء هذا الوطن. في جوف كل عالم شاعر هو الذي يأخذه إلى طريق الأحلام والأوهام ليخلق منها علماً حقاً، لا علم بلا خيال، ولا شعر بلا خيال، وشطحات الشاعر هي نفسها شطحات العالم..
العالم الشاعر لم يكن نبوغ الدكتور مستجير حكراً على المجال العلمي، بل ظهر ذلك جلياً في إسهاماته الأدبية، ونظراً لتعدد تلك الإسهامات لقب ب "الأديب المتنكر في صورة عالم"، فمنذ صغره وهو مولع بالشعر وقد قال في هذا الصدد " في جوف كل عالم شاعر هو الذي يأخذه إلى طريق الأحلام والأوهام ليخلق منها علماً حقاً، لا علم بلا خيال، ولا شعر بلا خيال، وشطحات الشاعر هي نفسها شطحات العالم".
أبرز جهوده وكانت بدايته مع الشعر عندما قرأ ديوانا شعريا للشاعر الكبير صلاح عبد الصبور بعنوان "الملك لك" حينها كتب مستجير قصيدة شعرية بعنوان "غدا نلتقي" وطلب من صديقه أحمد محمود الذي كان يشجعه على كتابة الشعر مساعدته في مقابلة صلاح عبد الصبور باعتبار أن أحمد محمود صديق لعبد الصبور، وعندما قرأ مستجير الشعر أمام الشاعر عبد الصبور أثنى الأخير على هذه القصيدة مما شجعه على الاستمرار في الكتابة وأصدر ديوانين هما "عزف ناي قديم" و"هل ترجع أسراب البط؟" أما في الأدب فمن أبرز جهوده كتاباته في عروض الشعر العربي وإيقاعاته الموسيقية ومنها كتابة "مدخل رياضي إلي عروض الشعر العربي وإيقاعاته"، الذي قدم فيه رؤية مختلفة في الموسيقى والشعر، من شأنها أن تبسط أمره لكل من يود معرفته، عوضا عن الطريقة التقليدية التي تعتمد على التفعيلات والتي تقوم على الذوق بصفة أساسية.