طلبت المفوضية الأوروبية الأربعاء من الحكومة البولندية "تعليق" إصلاحاتها المثيرة للجدل للنظام القضائي التي تشكل "تهديداً واضحاً لاستقلال القضاء" في البلاد، ولوحت بفرض عقوبات غير مسبوقة على وارسو إذا لم تضع السلطة حداً "للتهديدات الواضحة" لدولة القانون. وقال النائب الأول لرئيس المفوضية الأوروبية فرانس تيمرمانس "أصبحنا قريبين جداً من تفعيل المادة السابعة من اتفاقية الاتحاد الأوروبي"، أي فرض عقوبات مثل تعليق حق بولندا في التصويت داخل الاتحاد. وبعد تعديلهم القضاء الدستوري، أطلق المحافظون الذين يحكمون وارسو إصلاحاً لمجمل النظام القضائي ترى فيه المعارضة "انقلاباً مبطناً" وتظاهر ضده آلاف الأشخاص الأحد والثلاثاء في البلاد. وقالت السلطة التنفيذية الأوروبية بعد اجتماع كل المفوضين الأربعاء أن "المفوضية تطلب بإلحاح من السلطات البولندية تعليق القوانين الجديدة واستئناف الحوار الذي بدأ" معها "للرد على القلق الخطير" الذي تم التعبير عنه حول احترام دولة القانون. ذكر فرانس تيمرمانس عدداً من النصوص الخلافية بما فيها مشروع قانون يدرس حالياً ويمنح وزير العدل سلطة كبيرة على المحكمة العليا. ويثير نصان آخران اعتمدا الأسبوع الماضي من قبل البرلمان البولندي الذي يهيمن عليه المحافظون، قلقاً أيضاً. ويتعلق أحد هذين القانونين بالمجلس الوطني للقضاء ويقضي بأن يختار البرلمان أعضاءه. أما النص الثاني، فيقضي بتعديل محاكم الحق العام الذين أصبح يختارهم وزير العدل. ويؤكد حزب العدالة والقانون الذي وصل إلى السلطة في 2015 أن هذه التغييرات لا بد منها لترشيد النظام القضائي ومكافحة الفساد. لكن المعارضة ترى فيها أضعافاً للفصل بين السلطات ومحاولة للتضييق على الحريات. وقال تيمرمانس إن هذه الإصلاحات الجديدة "زادت بشكل كبير التهديد لدولة القانون"، مذكراً بأن المفوضية بدأت في 2016 إجراءات غير مسبوقة ضد وارسو بسبب تهديدات لدولة القانون ممثلة بإصلاحها المحكمة الدستورية البولندية. ويمكن لهذه الآلية الجارية حالياً ولم تستخدم من قبل، أن تؤدي إلى تفعيل المادة السابعة من اتفاقية الاتحاد الأوروبي أي فرض عقوبات ممكنة مثل تعليق حق التصويت في الاتحاد. وتوصف هذه الآلية "بالسلاح الذري"، من بين كل الإجراءات المتنوعة التي يمكن للاتحاد الأوروبي اتخاذها ضد أحد الأعضاء. حتى الآن وعلى الرغم من الردود "غير الكافية" من قبل وارسو بشأن إصلاح المحكمة الدستورية، لم ترغب المفوضية الأوروبية في اللجوء إلى هذا الإجراء. لكن المبادرات الجديدة للحكومة يمكن أن تبدل الوضع. وبعد تفعيلها، تحتاج المادة السابعة لإجماع الدول الأعضاء من أجل تعليق حق بولندا في التصويت. وقد أعلنت المجر أنها ستعارض ذلك. وقال تيمرمانس إن "هذه القوانين إذا طبقت بشكلها الحالي فسيكون لها تأثير كبير على استقلال القضاء وسيعزز التهديد الذي تواجهه دولة القانون في بولندا". لكنه أضاف أن "القوانين الجديدة لم تدخل رسمياً حيز التنفيذ، لذلك لا يمكننا اتخاذ قرارات رسمية بل يمكننا توجيه رسالة سياسية حازمة". وتحدث كذلك عن إمكانية إطلاق "إجراءات متعلقة بالمخالفات" الأسبوع المقبل ضد واسرو، وهي أداة يستخدمها الاتحاد الأوروبي عندما لا يحترم بلد ما القانون الأوروبي، ويمكن أن تؤدي إلى عقوبات مالية. وقال المفوض الهولندي إن "الدول الأعضاء الأخرى تشاطرنا القلق الذي نشعر به". وكان قد تمكن من إجراء مناقشات وزارية بين الدول ال28 حول هذه المسألة في مايو بعدما عبر عن استيائه لصمت الدول الأخرى حيال المواجهة بين وارسو وبروكسل. من جهة أخرى، حذر تيمرمانس من أي محاولات لترهيب الصحافيين البولنديين الذين ينتقدون وارسو. وقال "من أجل الديمقراطية نحتاج إلى صحافة تعمل بلا عراقيل". وأضاف "أدعو كل شخص يشارك في هذه النقاشات إلى الكف فوراً عن أي ترهيب للصحافيين حتى إذا رأى أن أسئلة هؤلاء محرجة جداً"، مؤكداً أنه "من عمل الصحافيين إثارة الغضب -- وهذا حدث معي -- ومن واجبي القبول والرد على الأسئلة". وكان معظم رؤساء المجموعات السياسية في البرلمان الأوروبي أن هذه الإصلاحات تعرض للخطر "بقاء الديموقراطية ودولة القانون" و"لا تتناسب مع المعاهدات الأوروبية والانضمام" إلى الاتحاد الأوروبي. وقال هؤلاء في بيان وقعه الإثنين قادة النواب الأوروبيين المحافظين والاشتراكيين الديموقراطيين والليبراليين والمدافعون عن البيئة واليسار الراديكالي "ندعو المفوضية إلى التحرك الآن وبشكل واضح". وقبل ذلك، عبر مجلس أوروبا المنظمة الأوروبية للدفاع عن حقوق الإنسان والديموقراطية الذي يتخذ من ستراسبورغ مقراً له، عن القلق نفسه.