في الوقت الذي وقف فيه ثوار مصر الشرفاء ينادون برحيل نظام مبارك, يحلمون بوطن الحرية والكرامة, بعدما عانوا طويلا من الفساد, والبيروقراطية, وخرج أهل بلدنا الكرام في دمياط الحبيبة ينددون بالفاسدين والمتاجرين بصحة الدمايطة" الشعب يريد إغلاق المصنع".
خرج أهل دمياط يطالبون برحيل المصانع الملوثة للبيئة, مصانع الموت التي كانت ولا تزال تهدد صحة أهالي دمياط, قضوا شهورا طويلة وقدموا نموذجا متميزا في رفض هذا المصنع, وفرضوا بمظاهراتهم السلمية علي الجميع إرادتهم, دفعوا من جهدهم ووقتهم وأموالهم الكثير, اختاروا الحياة علي الموت في ظل مصنع أجنبي ترك بلاده وجاء لينشر سمومه في محافظة ضربت المثل علي مر التاريخ في التصدي للمحتل.
لكن وبعد الثورة, وبعد رحيل حسني مبارك الرئيس المخلوع, وبعد أن كان ميدان التحرير أرضا للثوار الشرفاء, الذين طالبوا بتطهير الإعلام من أذناب النظام البائد, وأن تكون الصحافة مرآة حقيقية للمجتمع, تتبني مطالب الناس, وتنقل مشاكلهم وآهاتهم إلي المسئولين وتضرب بيد من حديد علي كل فاسد, وكما علمنا أساتذة الصحافة, فالصحفي من المفترض أن يكون سفير الناس إلي السلطة, لكن ما يحدث وللأسف في دمياط, يجعلنا نتحسر علي هذا الإفتراض غير الواقعي.
فما يحدث من قيام بعض الصحفيين بالمتاجرة في دم الدمايطة في سبيل أموال المصنع الأسود, يجعلنا نشعر بالأسي, والغيرة علي مصر الثورة, والحرية, وعلي أبناء دمياط المساكين, واحد من هؤلاء الصحفيين
باع أهالي دمياط, قام بنشر حوار مع مسئولي مصنع الموت, علي صدر صفحة في الصحيفة القومية, تحدث العاملون في "موبكو" وكأنهم يتحدثون عن الجنة, قالوا إن المصنع آمن وأنه يوفر فرص عمل للشباب, وتحدثوا عن تقديمهم 600 ألف شيكارة يوريا لرفع المعاناة عن الفلاحين, وسخر هؤلاء من رفض الشعب للمصنع, وأخرج أحدهم لسانه للشعب ساخرا من جملة" احنا اللي نقلنا المصنع" قائلا: مصنع ايه اللي اتنقل, ساقوا المبررات الواهية, في حين أن صاحبنا الصحفي اللامع, يقول نعم وحاضر, لم يسأل حتي أو يستفسر أو ينقل أو يعارض أو يناقش أ مسئولي المصنع فيما قالوه, لم يستشعر وطنيته, ولم يتذكر أن دمياط وأهلها أولي من أموال الدنيا كلها, فدمياط التي صنعته, مثل غيره, لكن يا أصدقائي , الإنتماء لا يشتري, لا نلوم عليه مهنيته