حدث في مثل هذا اليوم 2 رمضان 114ه، معركة تُسمى "بلاط الشهداء" أو "قصر الشهداء"، وذلك لوقوع المعركة بجوار قصر تحيطه حدائق تابعة له. انسحب جيش عبدالرحمن الغافقي من هذه المعركة، وترتب على تلك المعركة تغيير في مجرى التاريخ، خاصة أنها كانت المحاولة الأخيرة للسيطرة علي منطقة البلاط والتي تقع في الشمال الشرقي لمدينة "بواتييه" وسط غرب فرنسا، ويقول المؤرخ الإنجليزي جيبون:" لو انتصر العرب في تور، لتُلي القرآن وفسر في أكسفورد وكمبردج". بداية المعركة: على بعد حوالي 25 كيلومترًا إلى الشمال الشرقي لمدينة "بواتييه" وسط غرب فرنسا، عسكر عبدالرحمن الغافقي، والي الأندلس، آنذاك في منطقة تسمى "البلاط"، عند قصر مهجور. وبدأ تنظيم جيشه لملاقاة الفرنجة، وكان عدد جيشه يصل إلى 50 ألف مقاتل، جمع "الغافقي" جيشه في مدينة "بنبلونة"، وخرج في احتفال مهيب ليعبر جبال البرانس في أوائل عام 733 ميلادية، من ممرات رونسفال، واتجه شرقًا في جنوبي غاليا، ليضلل الفرنجة عن وجهته الحقيقية، فأخضع مدينة "أرل"، ثم اتجه إلى دوقية أقطانيا، فانتصر على الدوق "أودو". ففتح الغافقي في طريقه بردال، واندفع شمالاً في السهل المتسع الذى يحده شمالاً نهر اللوار، وجنوبًا نهر الجارون، ووصل إلى مدينة بواتييه. وفي معركة "بلاط الشهداء" كان عدد جيش الفرنجة بقيادة شارل مارتل أربعمائة ألف ، قام بتجميعهم من كل شيء طالته يداه، فمحاربون ومرتزقة، وفرنجة وهمج قادمون من الشمال، وأمراء وعامة وعبيد، وكان عددهم أكبر من جيش "الغافق"، فقد كانوا سيلاً من الجند المتدفق، ولم يكن جيش "الغافقي" يزيد على 70 ألفًا. التقى الجيشان في يوم 12 أكتوبر، بدأ جيش الغافقي القتال بهجمات شديدة، حاول بها خرق صفوف الفرنجة، غير أنهم كانوا يجدون أمامهم صفوفًا أشبه بالجدران في ثباتها. استمر القتال أول يوم طوال النهار، ولم يحجز بين الجيشين سوى الظلام، وفي اليوم التالى تجدد القتال، وفوجئ جند الغافق بثبات الفرنجة. وفي نهاية اليوم التاني، اشتد القتال حتى أقبل الليل، فانتهز جيش الغافقي فرصة الظلام وتسلل الجند متراجعين إلى الجنوب على عجل، وكان ذلك في أوائل شهر رمضان. الانسحاب: وفي اليوم التالي نهض الفرنجة، فلم يجدوا أحدا، فتقدموا على حذر من مضارب المسلمين، فإذا هي خالية، وقد فاضت بالغنائم والأسلاب والخيرات، فظنوا أن في الأمر خدعة، وتريثوا قبل أن يجتاحوا المعسكر وينتبهوا لما فيه. اندفع جيش الغافقي في تراجعه نحو الجنوب، واتجهت الجموع نحو أربونة، وحينما شعر الجميع أن الفرنجة لا يتبعونهم، تمهلوا في سيرهم، ليستجمعوا صفوفهم من جديد، ويُقال إن الجيش انسحب عند حلول الظلام. يقول أناتول فرانس: "إن أهم تاريخ في حياة فرنسا هو معركة بواتيه "بلاط الشهداء" حين هزم شارل مارتل الفرسان العرب في بواتيه سنة 732م، ففي ذلك التاريخ بدأ تراجع الحضارة العربية أمام الهمجية والبربرية الأوربية". يفسر البعض عوامل الهزيمة لجيش المسلمين وهو العنصرية والعصبية القبلية، التي كانت بين العرب والبربر في هذه المعركة، ولقد شاهد الفرنسيون أثر هذه العصبية في كتبهم، وظل في ذاكرتهم على مدار التاريخ.