خطًا ساخنًا مباشر طوال أيام رمضان للرد على أسئلة المواطنين جهادنا الفكري والعلمي لا يقل أهمية عن الجهاد المسلح أعداء البلاد يستخدمون طرق "قريش" للتفرقة بين المسلمين والأقباط بذلنا جهد كبير من أجل معالجة التطرف قال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، إن الحرب على التطرف والإرهاب هي في المقام الأول حرب وعي، والجهاد الفكري والعلمي والثقافي لا يقل أهمية عن الجهاد المسلح الذى يقوم به أبطال الجيش والشرطة المصرية، منوهًا إلى أن دار الإفتاء بذلت ولا تزال الكثير من الجهد على كافة المستويات لمواجهة فوضى الفتاوى ومواجهة الأفكار المتطرفة والآراء الشاذة. وأضاف المفتي خلال حواره، أن المجلس الأعلى لمحاربة الإرهاب هي خطوة مهمة على الطريق الصحيح، موضحًا أن المجلس سيضم عدة لجان من تخصصات ومؤسسات مختلفة، سيتعاونون مع بقية اللجان في تطوير وتجديد الخطاب الديني، مشيرًا إلى أن قضية تجديد الخطاب الديني تحتاج إلى تضافر جهود جميع المؤسسات في مصر لتصويبه بشكل متكامل، فهو ليس مقصورًا على المؤسسات الدينية فقط، وإلى نص الحوار.
بدايةً.. هل ترى أنه بتجديد أو تطوير الخطاب الديني ستختفي التفجيرات وقتل الأبرياء دون داعي؟ المعالجة الفكرية لتلك الأفكار التي تتبناها الجماعات المتطرفة أمر ضروري وحتمي لأن جماعات التطرف والإرهاب إنما تعتمد في عملياتها على فتاوي متطرفة بعيدة عن المنهجية العلمية وبعيدة كل البعد عن تعاليم الإسلام، فهم يلوون عنق النصوص الشرعية لتسخيرها في تبرير أعمالهم الإجرامية. ودار الإفتاء بذلت ولا تزال الكثير من الجهد على كافة المستويات لمواجهة فوضى الفتاوى ومواجهة الأفكار المتطرفة والآراء الشاذة، ولذا أنشأت مرصدا لرصد الفتاوى المتطرفة والرد عليها وتفكيك هذا الفكر المنحرف الذي أدى لتشويه صورة الإسلام، والرد عليها بمنهجية علمية منضبطه، لبيان الفهم الصحيح للنصوص وبيان انحراف هذا الفكر، فالحرب على التطرف والإرهاب هي في المقام الأول حرب وعي، وجهادنا الفكري والعلمي والثقافي لا يقل أهمية عن الجهاد المسلح الذى يقوم به أبطال الجيش والشرطة المصرية على كل الأصعدة. وبكل تأكيد سينعكس تصحيح الفكر بشكل كبير على تفنيذ تلك العمليات الإرهابية الإجرامية التي تستهدف الأبرياء، ولكن تحتاج إلى وقت وجهد كبيرين.
ما جهود الدار نحو قضية تجديد الخطاب الديني باعتبارها أولى المؤسسات الدينية التي لها خطوات حثيثة في هذه القضية؟ دار الإفتاء خلال الفترة الماضية، شهدت طفرة كبيرة في استخدام الفضاء الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي والاستفادة من التقنيات الحديثة في إيصال صحيح الفتاوى إلى طالبي الفتوى ومستخدمي الإنترنت من مصر ومختلف بلدان العالم. كما توسعت الدار في أعمال مرصد «التكفير»، والذي يرصد فتاوى التكفير ومقولاته على مدى الساعة في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية ومواقع الإنترنت، ومواجهة هذه الأفكار المتطرفة والرد عليها بمنهجية علمية رصينة ومنضبطة، تلبية منها لنداء الواجب في الحفاظ على الوطن في هذه الظروف الصعبة. ليس ذلك فحسب بل بدأت الدار مشروعًا قوميًا يهدف إلى تصحيح صورة الإسلام بالخارج عبر عدة وسائل كان من أهمها إرسال قوافل من علماء دار الإفتاء المصرية للقيام بجولات خارجية جابت الكثير من دول العالم من القارات الخمس لنشر الفكر الصحيح، وتوضيح العديد من المفاهيم التي يستغلها المتطرفون وأعداء الإسلام في تشويه صورة الإسلام والمسلمين لدى الغرب، فضلًا عن الجولات الخارجية والمحاضرات في كبرى الجامعات العالمية. وقضية "تجديد الخطاب الديني" تحتاج إلى تضافر جهود جميع المؤسسات في مصر لتصويبه بشكل متكامل، فهو ليس مقصورًا على المؤسسات الدينية فقط، وهذا اعتقاد خاطئ منتشر بين الغالبية العظمى في مصر، بل هناك مؤسسات أخرى عليها مسئولية كبيرة يجب أن تقوم بها.
ما رأي فضيلتكم في إنشاء المجلس الأعلى للإرهاب.. وكيف ترون دوره؟ هي خطوة مهمة على الطريق الصحيح، فالمجلس الأعلى للإرهاب سيضم عدة لجان من تخصصات ومؤسسات مختلفة، ومنها لجنة من كبار العلماء من الأزهر الشريف ودار الإفتاء سيتعاونون مع بقية اللجان في تطوير وتجديد الخطاب الديني في مصر خلال الفترة المقبلة بداية من الأجيال الصغيرة حتي الشباب في الجامعات بالإضافة إلى التواصل مع الشباب ومكافحة التطرف من خلال الوسائل الحديثة. ومكافحة الإرهاب هي مسؤولية مشتركة بين مؤسسات الدولة جميعها يجب أن يتعاونوا سويًا لمحاربة ودحر هذا الخطر الذي يهدد وطننا.
صرحتّم من قبل أن هناك 3 آلاف فتوى تحرض على هدم الكنائس.. من أي جهة تحديدًا؟ وكيف يتم غلق الباب أمام هذه الفتاوي؟ في البداية أود أن أؤكد أن الأعداء يضربون دائمًا على وتر العقيدة للوقيعة بين أي إنسان وآخر وهذا ما فعلته "قريش" بين المسلمين والمسيحيين في الحبشة وما يفعله أعداء الوطن اليوم لإيقاع الفرقة بين المسلمين والمسيحيين، وجميع محاولات الوقيعة بين مسلمي مصر ومسيحييها باءت كلها بالفشل والخيبة. ودار الإفتاء المصرية تعاملت مع الفتاوى التي تصدر من المتشددين في حق غير المسلمين بالرد والتحليل والرد، فأجرينا دراسة رصدنا فيها 5500 فتوى تحرض على هدم الكنائس وترفض التعايش المشترك بين جناحي الوطن مسلمين ومسيحيين. وخلصت الدراسة إلى أن 90% من أحكام فتاوى المتطرفين تحرض على عدم التعامل مع غير المسلمين وتحض على الصراع بينهم وتخالف مع أمر به الله تعالى من حسن التعامل مع بالبر في قوله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ? إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}. وأحكام هذه الفتاوى المتطرفة جاء معظمها بتحريم أي شكل من أشكال التعاون بين المسلمين والمسيحيين، إضافة إلى أن بعضها كان يحمل تحريضًا ضد المسيحيين، ودعاوى بعدم معاملتهم في بيع أو شراء أو أي نوع من أنواع العلاقات الاجتماعية، والحكم على فاعل هذه الأشياء بالخروج من الملة انطلاقًا من قاعدة الولاء والبراء. وباستقراء وتحليل هذه الأرقام التي جاءت في الدراسة توصلت لنتائج عدة، أهمها بيان الفقه الصدامي لعقلية مُصْدِري هذه الفتاوى، وجموده عند منطقة التحريم فقط. وما خلصت إليه الدراسة يقودنا إلى مجموعة من التوصيات، كأهمية بيان الأحكام الشرعية المتعلقة بتعامل المسلمين مع المسيحيين، وضرورة نشر الفتاوى الصحيحة ردًّا على هذه الفتاوى المتطرفة، لأن هذا النوع من الفتاوى المنحرفة من شأنه أن يُسهم بصورة أو بأخرى في عزل إجباري للمسيحيين عن وطنهم، والحيلولة بينهم وبين اندماجهم في الوطن والمساهمة في عملية البناء.
بإنشاء الأمانة العالم للافتاء أصبح لدار الافتاء المصرية هي المرجعية الأولى لكل دور الإفتاء في دول العالم .. ما الدعم الذي تحتاجه الدار المصرية في هذا الشأن؟ إنشاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم يمثل عودة للريادة الإفتائية لمصر وإجماعا عالميًّا للدور الكبير الذي تقوم به دار الإفتاء المصرية في الداخل والخارج في تقديم خطاب إفتائي رصين متصل بالأصل ومرتبط بالعصر. والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم - ومقرها دار الإفتاء المصرية - تمثل المنهج الوسطي المعتدل وتم الإعلان عنها في 15 من ديسمبر 2015، وعضوية الأمانة متاحة لكل الدول الإسلامية حول العالم طبقًا للائحة الأمانة. ونهدف بهذه الأمانة إلى ترسيخ منهج الوسطية في الفتوى، وتبادل الخبرات العلمية والعملية والتنظيمية بين دور وهيئات الإفتاء الأعضاء، وتقديم الاستشارات العلمية والعملية لدُور وهيئات الإفتاء لتنمية وتطوير أدائها الإفتائي، وتقليل فجوة الاختلاف بين جهات الإفتاء من خلال التشاور العلمي بصوره المختلفة، والتصدي لظاهرة الفوضى والتطرف في الفتوى.
جماعات الإسلام السياسي التي تسيطر على المراكز الإسلامية في الدول الغربية .. كيف سنسحب البساط منها؟ كنا حريصين خلال المؤتمر الأخير الذي نظمته الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم أن نمد جسور التعاون مع الجاليات المسلمة في الخارج، لذا كان موضوع المؤتمر حول "التكوين العلمي والتأهيل الإفتائي لأئمة مساجد الأقليات المسلمية في الخارج" وهو ما يمثل خطوة مهمة في سحب البساط من تحت التيارات المتشددة في الخارج التي شوهت الإسلام وأضرت به، مما زاد من وتيرة الإسلاموفوبيا وهو ما ينعكس بالسلب على الجاليات المسلمة في الغرب الذين يمثلون حائط الصد الأول ضد التطرف والإرهاب في الخارج. فقد لاحظت دار الإفتاء المصرية أن أغلب المراكز الإسلامية في البلاد التي يوجد بها جاليات مسلمة في الخارج يسيطر عليها المتشددون والمنتمون لتيار الإسلام السياسي الذي يعملون بخطط منظمة للنيل من ريادة ومكانة الدولة المصرية وخاصة في الجانب الديني، وهذا الخطر لا يصحُّ تركه بدون مواجهة فعالة تستعيد الريادة المصرية العالمية في المجال الديني والإفتائي وخاصة أن الماضي القريب يشهد بأن هذه المراكز كانت تدين بالتبعية للدولة المصرية في منتصف القرن الماضي.
ما خطة الدار في شهر رمضان ؟ وضعنا في الدار كعادتنا كل عام خطة متكاملة استعدادًا لشهر رمضان المبارك، تشمل العديد من البرامج والإجراءات للتواصل مع الجمهور بمختلف وسائل التواصل في هذا الشهر الفضيل. وسنحصص خطًا ساخنًا مباشر طوال أيام شهر رمضان للرد على استفسارات وأسئلة المواطنين حول أحكام الصيام وشهر رمضان، ويأتي ذلك ضمن الجهود الصادقة لتقديم التسهيلات إلى المواطنين الراغبين في الاستفسار عن الجوانب الشرعية العامة والشخصية وغيرها. فضلًا عن ظهور علماء دار الإفتاء المصرية في عدد من البرامج التلفزيونية المباشرة للرد على استفسارات وأسئلة المشاهدين حول رمضان وأحكام الصيام، بالإضافة إلى الرسائل والبيانات الصحفية اليومية، حول أشهر أحكام وفتاوى الصيام التي يكثر السؤال عنها. كما ستشهد صفحات دار الإفتاء على مواقع التواصل الاجتماعي نشاطًا مكثفًا في هذا الشهر الفضيل، بعمل بث مباشر لأسئلة المتابعين وكذلك نشر الفتاوى والأحكام المتعلق بشهر رمضان المبارك.
ما الخطوات المستقبلية لدار الإفتاء المصرية ؟ دار الإفتاء مستمرة في مجهوداتها من أجل مواجهة الفتاوى المتطرفة والشاذة، وتعزز من مجهوداتها من أجل تجديد الخطاب الديني داخليًا وخارجيًا، وبحث كل جديد من المسائل الفقهية، ومناقشتها بالمنهجية العلمية المنضبطة التي تعتمدها دار الإفتاء، والتي من أهمها إدراك الواقع، مراعاة المآلات والمقاصد، وتحقيق مصالح البلاد والعباد، حتى تستقيم حياة الناس، ولا نترك الساحة لغير المتخصصين ليشتتوا الناس ويتسببوا في فوضى الفتاوى. كما نعمل على تطوير موقعنا الإلكتروني وصفحاتنا على مواقع التواصل الاجتماعي واستخدام كافة وسائل التواصل الحديثة للوصول إلى أكبر قد من الناس في جميع دول العالم. ونستهدف في الفترة القادمة تأسيس مركز دراسات التشدد الذي يفند فكر التيارات المتطرفة، والذي من خلاله تقدم الدار دليلاً إرشاديًا لمعالجة التطرف؛ بهدف مساعدة صانعي القرار في التعامل الأمثل مع هذه الظاهرة؛ وذلك لأهمية التفكير الاستراتيجي في تمحيص الأفكار الهدامة، وما يقدمه من علاجات لأفكار مستعصية على العلاج. هذا فضلًا عن إطلاق قوافل إفتائية من علماء الدار؛ ليجوبوا العالم بقاراته المختلفة، تفعيلاً لدبلوماسية القوة الناعمة المصرية للعالم؛ لينشروا العلم الصحيح ويجيبوا عن أسئلة واستفسارات المسلمين في مختلف دول العالم، وربطهم فكريًّا ومنهجيًّا بالمؤسسة الدينية المصرية المعروفة في العالم بأنها قلعة العلم ومدينة العلماء.