قطر دولة متناقضة في أفعالها، وتعادي مصر التي لها ثقل في العالم الاسلامي، ولا تعادي إيران بحجة أن لها ثقل اسلامي، بينما أن ايران اساس دمار المنطقة والمجتمع الاسلاميوهي وراء الجماعات الارهابية كالقاعدة وطالبان والأخوان المسلمين وحزب الله، وتاتي اليوم لتخالف جميع الدول العربية والاسلامية وتغلطهم جميعا لتبقى هي الصحيحة الكاملة بينهم. وجاءت تصريحات أمير قطر الشيخ 'تميم بن حمد' لتؤكد تقارير عدة سبق أن تحدثت عن تفاصيل أمنية دافئة تربط البلدين خلافا للتوتر الذي ظل في حالة جزر ومد بين الدوحة وأغلبية عواصم الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي.
ورغم أن إيران بعد الثورة رفعت شعار تصدير الثورة بغية إسقاط أنظمة دول الجوار بسبب علاقاتها بالغرب وظلت العلاقات بين طهرانوالدوحة تتوسع، وكانت إيران تقف مع قطر في خلافاتها الحدودية مع المملكة العربية السعودية.
ولهذا السبب بعث الأمير الأسبق برسالة شكر في مايو 1992 إلى الرئيس الإيراني الأسبق 'هاشمي رفسنجاني' ليشكره على دعم بلاده لقطر في خلافاتها مع السعودية.
ويبدو أن طهران ترى في تعميق العلاقات والتعاون مع قطر على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية فرصة لإيجاد موطئ قدم لها في مجلس التعاون لمواجهة السعودية والإمارات.
دعوة الرئيس الإيراني لحضور قمة الخليج شهدت العلاقات بين البلدين المزيد من التطور خلال زيارة الرئيس الإصلاحي 'محمد خاتمي' لقطر في مايو 1999، ودعمت إيرانقطر لاستضافة مؤتمر القمة الإسلامي حينها، وتطورت العلاقات بعد انتخاب 'محمود أحمدي نجاد'.
وبلغ التعاون مع إيران ذروته عندما دعت قطر الرئيس الإيراني السابق نجاد في عام 2007 لحضور مؤتمر قمة الخليج في الدوحة كضيف شرف.
وفي الوقت الذي كانت الدول العربية بشكل عام والخليجية بشكل خاص قلقة من الأنشطة النووية الإيرانية وتدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ مواقف صارمة منها، كانت قطر في عام 2006 العضو الوحيد بين 15عضوا في مجلس الأمن الذي صوت ضد قرار مجلس الأمن رقم 1696 حول الملف النووي الإيراني والذي دعا طهران إلى إبداء المزيد من الشفافية على هذا الصعيد.
وكان التقارب الإيرانيالقطري تمثل في مواقفهما من حزب الله في لبنان وحماس في فلسطين وحتى في العلاقات المميزة مع بشار الأسد قبل أن تبدأ الأزمة السورية، عندما وقع البلدان في أكتوبر 2015 اتفاقا أمنيا عسكريا تحت مسمى "مكافحة الإرهاب والتصدي للعناصر المخلة بالأمن في المنطقة"، حيث التقى في أكتوبر 2015 قائد حرس الحدود الإيراني 'قاسم رضائي' بمدير أمن السواحل والحدود في قطر 'علي أحمد سيف البديد".
وأضفى اللقاء بينهما إلى توقيع اتفاقية تعاون ل"حماية الحدود المشتركة" بين البلدين، وذلك بعد عقد 12 اجتماعا سبق آخر اجتماع لمسؤولين أمنيين للبلدين في 2015، وشمل الاتفاق الأمني العسكري "إجراء تدريبات عسكرية مشتركة" أيضاً، مما جعل المراقبين يصفون تلك الاتفاقية خطوة على طريق انسحاب الدوحة من مجلس التعاون الخليجي، حيث رغم عضوية الدوحة في مجلس التعاون كانت رحبت باقتراح إيراني لإنشاء "منظمة دفاعية أمنية إقليمية"، وذلك خلال حكم نجاد وحضوره في اجتماع قمة مجلس التعاون.
وكان البلدان قد وقعا الاتفاقية الأمنية العسكرية في أكتوبر 2015 إلا أن المداميك الأولى لها وضعت قبل ذلك بسنين في 23 ديسمبر 2010 أثناء زيارة أمير قطر السابق إلى طهران والتقائه بالمرشد الإيراني الأعلى 'علي خامنئي'، ليشمل الاتفاق التعاون الأمني بين الحرس الثوري والجيش القطري أيضا، وحينها زار وفد عسكري تابع للقوة البحرية للحرس الثوري بقيادة الأمير 'محمد شياري' وبرئاسة 'علي رضا ناصري' قائد المنطقة الرابعة للقوات البحرية للحرس الثوري، ومثل القطريين في المفاوضات بين الجانبين 'عبدالرحمن السليطي'، نائب القائد العام للقوة البحرية القطرية.
وإيران تعلم جيدا أن قطر لها نفوذ بين المجموعات المسلحة المنتشرة في المنطقة، والأمر الذي دفع طهران التي تقود هي الأخرى ميليشيات طائفية مسلحة في مناطق الصراع إلى المزيد من التنسيق بين البلدين للحيلولة دون اصطدام غير متوقع يضر مصلحتيهما.
فعلى سبيل المثال سيطرت النصرة على منطقة عرسال اللبنانية 2013، حيث أسرت عددا من القوات اللبنانية ومن أعضاء حزب الله، وهنا جاء الدور القطري من خلال الاتصال بإيران وحزب الله اللبناني، حيث أدى التوسط القطري إلى إطلاق سراح الأسرى اللبنانيين الشيعة من الجيش وحزب الله.
وحاولت قطر دائما الاستفادة من الخلافات بين طهران وأغلبية الدول الأعضاء في مجلس التعاون خدمة لمصالحها الضيقة، نظرا للشكوك التي تساورها، خاصة إزاء كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين، وهذا يفسر إصرار الدوحة على "اعتبار إيران جزءاً من الحل الأمني في المنطقة" ورفضها اعتبار طهران جزءاً من المشكلة.
أهم ما يربط البلدين اقتصاديا هو حقل الغاز المشترك بينهما في مياه الخليج العربي، وهذا بات عاملا إضافيا ليجعل قطر لا تبتعد عن طهران حفاظا على مصالحها في الحقل المشترك، خاصة أن إيران فتحت باب الاستثمار في هذا الحقل، حيث أن مساحة هذا الحقل 9700 كيلومتر مربع، وتمتلك قطر 6000 كيلومتر مربع منه، وإيران تمتلك 3700 كيلومتر مربع منه.
من ناحية أخرى، فإن قطر تحاول تطوير العلاقات الاقتصادية مع إيران على مختلف الصعد، خاصة لجلب الاستثمارات الإيرانية وتغيير وجهة مستثمرين إيرانيين من أماكن أخرى في الخليج إلى الدوحة، كما أنها تبحث عن فرص للمستثمرين القطريين في إيران، وعلى هذا الصعيد وقع البلدان منذ 1991 اتفاقيات عدة في مجال النقل الجوي والتعاون التقني والعلمي والثقافي والتعليمي.