صدم الوسط الإعلامي والصحافي، فجر الأحد، بخبر وفاة الكاتب الصحافي السعودي الكبير تركي السديري، رئيس التحرير السابق لصحيفة الرياض، والرئيس السابق لهيئة الصحفيين السعوديين عن عمر ناهز 73 عاماً. وكانت "العربية.نت" أجرت لقاء مطولا مع السديري، تحدث فيه عن حياته الخاصة وعلاقته بوالدته وزوجته، وعن ميوله الرياضي، وعن أسرار رئاسته لصحيفة "الرياض".
وتحدث السديري في اللقاء عن أبرز المواقف مع الملك سلمان، وعن تيار الصحوة في السعودية.
وكشف السديري عن قيمة راتبه الشهري في صحيفة "الرياض"، وتحدث أيضاً عن فترة إيقافه عن الكتابة في عهد وزير الإعلام السعودي محمد عبده يماني، وعن نشر صور النساء في جريدة الرياض وتأسيسه لأول قسم نسائي في المؤسسات الصحافية السعودية.
السديري: تخليت عن نصف مرتبي.. و"الصحوة" مرحلة وانتهت عميد رؤساء التحرير السعوديين "تركي السديري" 40 عاما كان عمر رحلته في رئاسة التحرير في عالم الصحافة المشوق والمرهق، شاكس خلالها أصدقاء وزملاء المهنة، وقاتل من أجل أفكار ومبادئ، أبرزها كان التنوير والحداثة، وهو ما آمن به من أجل تحقيق مسيرة البناء الوطنية، كانت كفيلة بإشعال أصوات معارضة مطالبة بإيقافه عن الكتابة، رفض بحسبه "حتى مجرد التفاهم معها".
السديري الذي كانت أول وظيفة رئيس قسم الأرشيف بوكالة وزارة الداخلية للشؤون البلدية على المرتبة السادسة في عام 1387ه بمرتب قدره 800 ريال، قبل أن يتم الموافقة على إعارته موظفاً متفرغاً في تحرير صحيفة الرياض في عام 1392ه براتب شهري قدره 2000 ريال، لتستقر خطاه وتبدأ في مؤسسة اليمامة الصحافية. كان ل"العربية.نت" فرصة إجراء الحوار معه في منزله على يومين متتالين، لم يبخل فيهما بالحديث عن محطات مشوقة مختلفة من حياته، كان منها معاركه مع مخالفيه وحنكته في الإبقاء على مسيرة صحيفة الرياض بنهجها الحداثي التنويري، وقصة يتمه التي بدأت مبكرا وهو لا يتجاوز ال10 أشهر، فكانت والدته بالنسبة له "أسرة بكاملها"، وعن حكايته مع "الكتاب"، وحقيقة الاتهامات التي طالت صحيفته بتحيزها لأحد الأندية السعودية، وفيما يلي نص الحوار.
ما زلت أعمل يوميا.. وغياب الخلافات سبب نجاح "الرياض" يعتبر كثيرون صحيفة الرياض أكثر الصحف المحلية رصانة واستمرارية إلى اليوم، كيف أوصلتم هذه الصحيفة لهذا المستوى حتى اليوم، إلى جانب ما لها من الاستقرار المادي؟ في الحقيقة هناك أسباب عديدة ومختلفة، من ضمنها أسباب مركزية أساسية تتعلق بأسرة التحرير، والتي لم تدخل في أية خلافات، بما في ذلك المستوى المهني والكفاءة، اللذان تميز بهما طاقم التحرير، وتجلى هذا في عدم الانقياد والاستجابة لأي فئات محدودة المفاهيم والقدرات، والحقيقة يشكرون جدا على ما كانوا عليه وما زالوا عليه من كفاءة، مما أوصلهم إلى التنافس ليس فقط على الصعيد المحلي، وإنما أيضا على المستوى العربي، حيث أصبحت صحيفة "الرياض" في السنوات الأخيرة أحد الصحف العربية المرموقة والمتميزة، واستطاعت الحفاظ على كفاءاتها من خلال تقدير المرتبات ومنح المكافآت.
دعنا نتحدث عن الحوافز المالية التي اعتادت تقديمها الصحيفة وتفردت كذلك عن بعض الصحف بمنح النسب المالية السنوية من أرباح الصحيفة في الوقت الذي تعاني منه المؤسسات الصحافية الأخرى من عجز مالي، فكيف استطاعت الصحيفة تحقيق ذلك؟ لم يحصل للصحيفة أي تراجع يوصلها إلى مستوى العجز المالي، وإنما عكس ذلك فلا زالت الأرباح تحقق أدوارها بتقدير من يعملون فيها، فأي نقص في الإيرادات لم يكن ليصل إلى مرحلة خطرة، خلافاً لما هو معروف حاليا من تراجع أرباح المؤسسات الصحافية بصورة كبيرة. اليوم وكمشرف عام على جريدة الرياض.. كيف اختلف عملكم بعيدا عن كرسي رئاسة التحرير لهذه الصحيفة؟ والله هو لا يوجد اختلاف كبير.. فأنا أداوم يوميا مع الزملاء ونتشاور فيما ينشر وما لا ينشر، هناك تعاون ولا يوجد اختلاف، فبالأساس نحن متفاهمون من قبل هذه المرحلة. أمي قامت بدور أسرة كاملة بعد وفاة والدي ماذا تمثل لك والدتك؟ والدتي هي الأم والأب فهي من اعتنى بي بعد وفاة والدي، وأنا لا أتجاوز ال10 أشهر فقد عشت يتيما، وكانت الوالدة رحمها لولوة العبدالكريم من الزلفي ومن أسرة معروفة شاعرة وذات شخصية قوية، وقامت بدور أسرة كاملة بعد وفاة والدي، حيث لم يكن هناك غيرها للاعتناء بي وكانت في الحقيقة جزلة الحضور والقدرة على التربية والرعاية، حتى إني أنسب تقدمي في ذلك السن المبكرة لها شخصيا، كما أنها بعد نضجي لم تكن بعيدة عن الاقتراب من كل مجالات التطور والحداثة، مما يجعلنا نقول إن المرأة في ماضيها القديم لم تكن أبدا متخلفة، وبالعكس كان لها حضور. والأدوار المهمة كانت تأتي ليس فقط من قبل الرجل، وإنما أيضا من قبل المرأة، صحيح أنه كانت هناك بعض المواقف القاسية بالنسبة للمرأة إلا أنه ليس كل امرأة تتقبل ذلك، وليس كل رجل يفعل ذلك، أذكر أنها أتت إلى مدرستي لتوبخ معلمي ومدير المدرسة بعد أن اعتدى المعلم عليّ بالضرب. وفي الحقيقة أنسب الكثير من مكاسبي إلى والدتي نقلًا عن موقع العربية نت.