"يا حلاوتك يا صندلى.. من باتا اجرى واشترى" لخصت هذه العبارة علاقة المصريين بمحلات "باتا" للأحذية، حيث كانت تذهب الأسرة بأكملها فى رحلة تسوقية لشراء مختلف الأحذية من فروع ومحلات باتا المنتشرة فى معظم أنحاء الجمهورية وبكثرة فى العاصمة، وذلك كان بصفة دائمة قبل دخول المدارس وقبيل المناسبات والأعياد، لينتقوا أحدث موديلات الأحذية وتقضى هذه الرحلة ساعات عدة للإستقرار على الموديل المفضل. وكان كوتش باتا من اشهر الاحذية الرياضية التى تميزت برخص السعر وإرتداها كبار النجوم فى أفلامهم أمثال عادل امام واحمد زكى وغيرهم كثير. استمرت العلاقة الوطيدة بين باتا والمصريين إلى ثمانينيات وتعسينيات القرن الماضى، وكان خيار الشباب الأول هو "الكوتشى الأبيض"، والذى مرّ على قدم الغالبية العظمى من أبناء جيلي الثمانينات والتسعينيات، فهو المُرافق دائمًا لحصص الألعاب المدرسية ومباريات كرة القدم التى لا تنتهى، فيما يجد الشباب من الجنسين موديلاتهم المفضلة بين معروضات الشركة المتنوعة. تأسيس الشركة نشأت شركة باتا عام 1894 في قرية زلين الواقعة في جنوب جمهورية التشيك بوساطة توماش باتا مع أخيه أنطونينوأخته أنَّا ، وهم أبناء عائلة حذَّائين لما يزيد عن ثلاثة قرون. استخدمت الشركة عشرة أشخاص مع عمل دائم وراتب أسبوعي، وهو شيء كان نادرًا في تلك الأيام.
عانى توماس باتا في صيف عام 1895 من مشكلات مالية وديون متراكمة، وللتغلب على هذه المشكلات فقد قررت صناعة الأحذية من قماش الخيش بالإضافة للجلد، وانتشر هذا النمط من الأحذية بصورة واسعة وساعد على نمو الشركة بحيث أصبحت تشغِّل 50 شخصًا، وفي عام 1904 أدخل توماش باتا طرائق مكننة الإنتاج التي سمحت لشركة باتا للأحذية بأن تصبح أحد أوائل منتجي الأحذية بالجملة في أوربا، كان أول منتجاتها الرائجة على نطاق واسع هو "باتوفكي" المصنوع من الجلد والقماش والموجه للعمال، وقد تميز ببساطته وتصميمه الجميل بالإضافة لوزنه الخفيف وسعره المناسب. ساعد نجاح هذا الحذاء على نمو الشركة فأصبح عدد العاملين فيها بحلول عام 1912 نحو 600 شخصًا بالإضافة إلى عدة مئات من العمال الخارجيين الذين يعملون ضمن بيوتهم في جوار قرية زلين. "باتا" ماركة عالمية كان رد فعل المستهلك على الأسعار الرخيصة رائعًا، أُجبر معظم المنافسين على الإفلاس بسبب تدني الطلب بين عامي 1923 و 1925 وتعاظم إنتاج باتا مع تنامي الطلب على الأحذية الرخيصة. وهكذا زادت شركة أحدية باتا من إنتاجها ووظفت المزيد من العمال وأصبحت زلين مدينة مصنع بحق، أي مدينة لمعامل باتا التي شغلت مساحة عدة هكتارات فيها، حيث تجمعت في الموقع معامل الدباغة وصناعة أحجار البناء مع مصنع للمواد الكيميائية وآخر للأدوات الميكانيكية وورشة لإصلاح الأحذية وورش لإنتاج المطاط ومصنع للورق وآخر لورق التغليف المقوَّى (لصنع علب الأحذية) ومصنع للنسيج (لصنع بطانة الأحذية وصنع الجوارب) ومصنع لمواد تلميع الأحذية ومحطة لإنتاج الطاقة ومزارع تغطي الحصول على بعض المواد الغذائية ووسائل الطاقة... وبالطبع كان ثمة اندماج أفقي وعمودي بين هذه المعامل والورش والمزارع ! وهكذا توفرت لدى العمال "رجال باتا" وعائلاتهم جميع الخدمات الضرورية للحياة اليومية : السكن، المخازن، المدارس، المشفى..وغيرها في عام 1923 كان لدى الشركة 112 فرعًا عبر العالم. في عام 1924 أظهر توماش باتا مدى فطنته في التجارة من خلال معرفة حجم المبيعات التي احتاجها لتحقيق خططه السنوية والشهرية والأسبوعية واليومية. استخدم باتا أربعة أنماط من الرواتب، راتب مقطوع، راتب يعتمد على الإنتاج الشخصي، راتب الإنتاج الجماعي، راتب مع نسبة من عائد الشركة. وضع توماش باتا أيضًا ما أصبح يُعرف عالميًّا "سعر باتا"، وهو سعر السلعة منتهيًا بالرقم 9 بدلا من سعر منته بالعشرات، وهذا ما زاد من حجم أعمال الشركة بقدر كبير وسرعان ماوجد باتا نفسه على رأس رابع ثروة في تشيكوسوفاكيا. ازدهرت الأعمال بين عامي 1926 و 1928 مع ازدياد الإنتاج بنحو 75% وزياد عدد العمال بنحو 35%. في عام 1927 رُكِّبت خطوط الإنتاج وأصبح للشركة مشفاها الخاص بها. مع نهاية عام 1928 كان المصنع الرئيس للشركة يتألف من 30 مبنى. وقد أنشأ رجل الأعمال مؤسسات تعليمية مثل مدرسة باتا للعمال وأدخل نظام العمل في خمسة أيام. في عام 1930 أنشأ متحفًا مدهشًا للأحذية يروي إنتاج الأحذية عبر العالم من غابر العصور حتى العصر الراهن. بحلول عام 1931 كان لباتا مصانع في ألمانيا وإنكلترا وهولندا وبولونيا وبلاد أخرى غيرها.
تدهور "باتا" بعد التغيرات الاقتصادية العالمية التي حدثت في تسعينيات القرن الماضي أغلقت الشركة عدد من مصانعها في الدول الصناعية وركزت أعمالها على التوسع في فتح مخازن البيع. تركت باتا كندا في عدة مراحل، في عام 2000 أغلقت مصنعها في باتاوا وفي عام 2001 أغلقت مخازنها في كندا مبقية على مجموعة مخازن في عام 2004 انتقلت إدارة الشركة إلى مدينة لوزان السويسرية وانتقلت إدارتها إلى توماس جي. باتا حفيد توماش باتا. في عام 2007 باعت باتا مجموعة مخازن منهية بذلك أعمال مخازنها في كندا مع إبقاء إدارة العلامة التجارية لأحذية في تورنتو. كما أن متحف باتا للأحذية، الذي أسسته سونيا باتا وتديره مؤسسة خيرية، موجود أيضًا في تورنتو. وعلى الرغم من بقائه في إدارة الشركة فإنَّ توماس باتا بقي نشطًا في عمل الشركة وكانت بطاقته المهنية تحمل وظيفة "المدير العام للمبيعات". توفي توماس باتا عام 2008 في تورنتو عن عمر يناهز 93 سنة. تقدر شركة باتا للأحذية عدد زبائنها بنحو 1 مليون شخصًا في اليوم، ويبلغ عدد العاملين فيها عبر العالم زهاء 30000 شخصًا ويبلغ عدد مخازنها أكثر من 5000 وتدير 27 مصنعًا، وهي تنشط في المبيعات ضمن مايزيد عن 90 بلدًا عبر العالم.
وفاة مؤسس «باتا» توفي توماش باتا في عام 1932 وعمره 56 سنة في حادث أثناء إقلاع طائرته في طقس سيء من مطار زلين، وبوفاته انتقلت إدارة الشركة إلى أخيه جان وابنه توماس جون باتا الذي قاد الشركة خلال معظم القرن العشرين مسترشدًا بكلمات والده : "لا يجب اعتبار شركة باتا للأحذية كمصدر للثراء الشخصي وإنما كمؤسسة عامة أو كوسيلة لتحسين معايير الحياة ضمن المجتمع ولتوفير سلعة جيدة للمستهلكين مقابل ما يدفعونه". وهو وعد قطعه الأبناء على أنفسهم في الاستمرار ضمن المبادئ العملية والاجتماعية والإنسانية لوالدهم. تأميم "باتا" في مصر دخلت أحذية باتا منذ ثلاثينيات القرن الماضي وبنت فيها مصنعًا للأحذية أيضًا، ولكنَّ التأميم الذي قام به الرئيس جمال عبد الناصر عام 1961 فصل شركة باتا في مصر عن الشركة الأم ولم تعد هناك أيُّ علاقة بينهما منذ ذلك الوقت. وماتزال شركة باتا للأحذية في مصر تحتفظ بالاسم التجاري "باتا" رغم عدم أحقيتها في ذلك. وفى عام 2006 أعلنت الشركة القابضة القابضة للصناعات الكيماوية، عن خطة لإعادة هيكلة شركة «باتا» والوصول بها إلى نقطة التوازن بعد فشل مفاوضاتها مع الشركة الأم، لطلبها تعويضاً عن التأميمات التي لحقت بفروعها في مصر عام 1961. كما أقرضت القابضة شركة «باتا» 6.7 مليون جنيه لشراء مجموعة من الآلات المتطورة ولم يترتب علي ذلك أي تغيير جذري في أداء الشركة، وتمت تصفية 186 فرعا منذ عام 1996 ولم يتبق سوي 126 فرع. وبحلول عام 2012، دخل المئات من عمال شركة «باتا» للأحذية فى إضراب مفتوح، داخل مقر الشركة بمنطقة القبارى، احتجاجًا على معاملة الإدارة السيئة لهم والقرارات التعسفية وعدم الاستجابة لمطالبهم، وأبرزها، زيادة الحافز أسوة بشركة الكيماويات، ومن بعدها استجابت الشركة لمطالب العُمال، لتستمر الشركة في العمل بعد أن خسرت مجدها القديم. يوجد لباتا ما يقرب من 38 فرعًا فى أنحاء الجمهورية.