أجرى البابا فرنسيس صباح أمس الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس، حيث استهلَّ تعليمه الأسبوعي قائلاً: "أرغب اليوم في أن أكلّمكم عن الزيارة الرسوليّة التي وبمساعدة الله، قمت بها خلال الأيام الماضية إلى مصر". وأضاف: "لقد زرت ذلك البلد بعد دعوة رباعيّة: من رئيس الجمهوريّة، من البابا تواضروس الثانى وإمام الأزهر والانبا ابراهيم اسحاق، زأشكر كل فرد منهم على الاستقبال الحار الذي قدّموه لي؛ وأشكر الشعب المصري بأسره على المشاركة والعاطفة اللتين عشت من خلالهما هذه الزيارة كخليفة بطرس". وتابع البابا: "لقد وضع الرئيس والسلطات المدنيّة جهدًا رائعًا لكي يتمّ هذا الحدث بأفضل طريقة ممكنة، ويكون علامة سلام لمصر والمنطقة بأسرها التي وللأسف تتألّم بسبب النزاعات والإرهاب، وفي الواقع لقد كان شعار الزيارة بابا السلام في مصر السلام". وأكمل: "لقد كان لزيارتي إلى جامعة الأزهر، أقدم جامعة إسلاميّة وأرفع مؤسسة أكاديميّة للإسلام السُنّي، أفقًا مزدوجًا: أفق الحوار بين المسيحيين والمسلمين وفي الوقت عينه أفق تعزيز السلام في العالم، وفي الأزهر تمّ اللقاء مع الإمام الأكبر، لقاء امتدّ بعدها إلى المؤتمر العالمي للسلام، ولقد قدّمت في هذا الإطار تأمُّلًا قيَّم تاريخ مصر كأرض حضارة وعهود". وأردف: "تشكل مصر بالنسبة للبشريّة بأسرها مرادفًا للحضارة القديمة وكنوز الفن والمعرفة؛ وهذا الأمر يذكّرنا أن السلام يُبنى من خلال التربية وتنشئة الذكاء والأنسنة التي تتضمّن كجزء جوهري البعد الديني والعلاقة مع الله كما ذكّر الإمام الأكبر في خطابه.. يُبنى السلام أيضًا انطلاقًا من العهد بين الله والإنسان، أساس العهد بين جميع البشر والذي يقوم على الوصايا المكتوبة على لوحي الحجر في سيناء، وإنما وبشكل أعمق في قلب إنسان كل زمان ومكان، شريعة تتلخّص في وصيّتي المحبة تجاه الله والقريب". كما قال البابا فرنسيس إن المسيحيين في مصر كما في كل أمّة في الأرض، مدعوون ليكونوا خميرة أخوّة؛ وهذا الأمر يصبح ممكنًا إن عاشوا في ذواتهم الشركة بالمسيح، وقد تمكّنا، بنعمة الله، من أن نعطي علامة قويّة للشركة مع أخي العزيز البابا تواضرس الثاني بطريرك الأقباط الأرثوذكس، إذ جددنا الالتزام، من خلال توقيع إعلان مشترك، لنسير معًا ونسعى كي لا نعيد منح سرّ المعموديّة الممنوح في كلتي الكنيستين، وقد صلينا معًا لشهداء الاعتداءات الحديثة التي ضربت بشكل مأساوي تلك الكنيسة المكرّمة؛ وقد أخصبت دماؤهم ذلك اللقاء المسكوني الذي شارك فيه أيضًا بطريرك القسطنطينيّة برتلماوس أخي العزيز البطريرك المسكوني". كما أضاف الحبر الأعظم: "لقد عشت اللحظة الأخيرة مع الكهنة والرهبان والراهبات والإكليريكيين في الإكليريكيّة الكبرى، وهناك العديد من الإكليريكيين وهذه تعزية كبيرة! لقد احتفلنا بليتورجيّة الكلمة وجددنا خلالها مواعيد الحياة المكرّسة، وفي هذه الجماعة من الرجال والنساء الذين اختاروا أن يكرسوا حياتهم للمسيح من أجل ملكوت الله رأيت جمال الكنيسة في مصر وصلّيت من أجل جميع المسيحيين في الشرق الأوسط وإذ يقودهم رعاتهم ويرافقهم المكرسون، يكونوا الملح والنور في تلك الأراضي ووسط هؤلاء الشعوب". كما تابع: "لقد كانت مصر بالنسبة لنا علامة رجاء وملجأ وعضد.. عندما جاعت تلك المنطقة من العالم جاء يعقوب وبنوه إلى هنا، وعندما اضطُهد يسوع لجأ إلى هنا أيضًا.. لذلك فحديثي عن هذه الزيارة يدخل في إطار الحديث عن الرجاء: تحمل مصر بالنسبة لنا علامة رجاء للتاريخ وليومنا أيضًا، وتحمل أيضًا علامة الأخوة التي أخبرتكم عنها". وختم البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي بالقول أشكر مجدّدًا جميع الذين جعلوا هذه الزيارة ممكنة والذين قدّموا مساهمتهم بأساليب مختلفة، لاسيما العديد من الأشخاص الذين قدّموا صلواتهم وآلامهم.. لتبارك عائلة الناصرة المقدّسة، التي هاجرت إلى ضفاف النيل هربًا من عنف هيرودس، الشعب المصري وتحميه على الدوام وتقوده على دروب الازدهار والأخوّة والسلام.