الرئيس السيسي يهنئ الشعب المصري والأمتين العربية والإسلامية بمناسبة عيد الأضحى    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد ناصر الكبير    محافظ جنوب سيناء يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد المصطفى بشرم الشيخ    الآلاف يؤدون صلاة عيد الأضحى داخل 3064 مسجدًا و100 ساحة في قنا    محافظ بني سويف يشهد ذبح الأضاحي بمجزر إهناسيا أول أيام عيد الأضحى    محافظ الجيزة يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بساحة مسجد مصطفى محمود    سعر الدرهم الإماراتى اليوم الجمعة 6-6-2025 أول أيام عيد الأضحى    ارتفاع أسعار الذهب في بداية تعاملات الجمعة أول أيام عيد الأضحى المبارك    أسعار الدواجن والبيض اليوم الجمعة اول ايام عيد الاضحى المبارك    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة اول ايام عيد الاضحى المبارك    "واشنطن بوست": انهيار علاقة ترامب وماسك في البيت الأبيض    وزير الدفاع الإسرائيلي: لن يكون هناك هدوء في بيروت ولا استقرار في لبنان وسنواصل العمل بقوة كبيرة    ماسك يفتح النار على الرئيس الأمريكي ويوافق على مقترح بعزله ومراهنات على «الفائز»    بيراميدز يهنئ الزمالك بالتتويج بلقب كأس مصر    بعد نهاية موسم الزمالك.. أحمد سيد زيزو لاعب حر يستطيع التوقيع لأى نادٍ    أهالي القليوبية يؤدون صلاة العيد بساحات وملاعب مراكز الشباب (صور)    محافظ الجيزة يزور مستشفى التحرير ودور رعاية الأيتام لتقديم التهنئة بعيد الأضحى    مصرع صيدلى فى انقلاب سيارة ملاكى ببنى سويف    وسط أجواء احتفالية.. الآلاف يؤدون صلاة العيد في الإسكندرية    حريق هائل بمصنع سجاد في كفر الشيخ    محافظ بني سويف يؤدي صلاة عيد الأضحى بساحة مسجد عمر بن عبدالعزيز    وفاة الملحن الشاب محمد كرارة (موعد ومكان الجنازة)    محافظ شمال سيناء يؤدي صلاه العيد في مسجد الشباب بالشيخ زويد    محافظ القليوبية يوزع الورود على الزائرين بمنطقة الكورنيش ببنها    آلاف يؤدون صلاة عيد الأضحى في 214 ساحة بسوهاج (فيديو وصور)    فرحة العيد تملأ مسجد عمرو بن العاص.. تكبيرات وبهجة فى قلب القاهرة التاريخية    بالصور.. آلاف المصلين يؤدون صلاة العيد في المنصورة    محافظ بورسعيد يتفقد مستشفى الحياة عقب صلاة العيد ويقدم التهنئة للمرضى والأطقم الطبية (صور )    بعد صلاة العيد.. شاهد مظاهر الاحتفال بعيد الأضحى من محيط مسجد مصطفى محمود    فى أحضان الفراعنة ..آلاف المواطنين يؤدون صلاة العيد بساحة أبو الحجاج الأقصري    أوكرانيا تتعرض لهجوم بالصواريخ والمسيرات أسفر عن إصابة ثلاثة أشخاص    الرئيس السيسي يغادر مسجد مصر بالعاصمة بعد أداء صلاة عيد الأضحى المبارك    وعلى أزواج سيدنا محمد.. تكبيرات عيد الأضحى المبارك بمحافظة أسوان.. فيديو    هبة مجدي: العيد يذكرني بفستان الطفولة.. وبتربى من أول وجديد مع أولادي    تدخل عاجل بمجمع الإسماعيلية الطبي ينقذ شابة من الوفاة    «علي صوتك بالغنا».. مها الصغير تغني على الهواء (فيديو)    متحدث الأمين العام للأمم المتحدة: نحتاج إلى المحاسبة على كل الجرائم التي ارتكبت في غزة    عيدالاضحى 2025 الآن.. الموعد الرسمي لصلاة العيد الكبير في جميع المحافظات (الساعة كام)    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    بينها «الفرجة والسرور».. هذا ما كان يفعله رسول الله في عيد الأضحى المبارك    «محور المقاومة».. صحيفة أمريكية تكشف تحركات إيران لاستعادة قوتها بمعاونة الصين    خاص| الدبيكي: مصر تدعم بيئة العمل الآمنة وتعزز حماية العاملين من المخاطر    «زي النهارده» في 6 يونيو 1983.. وفاة الفنان محمود المليجى    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    عبارات تهنئة رومانسية لعيد الأضحى 2025.. قلها لحبيبك فى العيد    وفاة الإعلامية والكاتبة هدى العجيمي عن عمر 89 عاماً    الفرق بين صلاة عيد الأضحى والفطر .. أمين الفتوى يوضح    طرح البرومو الرسمي لفيلم the seven dogs    أحمد سمير: هدفنا كان التتويج بالكأس من اليوم الأول.. حققت كأس مصر كلاعب واليوم كمدرب    مسجد نمرة.. مشعر ديني تُقام فيه الصلاة مرة واحدة في العالم    بعد التتويج بالكأس.. الونش: الفوز بالكأس أبلغ رد على أي انتقادات    رسميا.. نهاية عقد زيزو مع الزمالك    محافظ سوهاج يتفقد الحدائق العامة والمتنزهات استعدادًا لعيد الأضحى    خطوات عمل باديكير منزلي لتحصلي على قدمين جميلتين في عيد الأضحى    صبحي يكشف سبب حزنه وقت الخروج وحقيقة سوء علاقته مع عواد    قطر تهزم إيران بهدف نظيف وتنعش آمالها في التأهل إلى مونديال 2026    جامعة كفر الشيخ ترفع درجة الاستعداد بمستشفى كفر الشيخ الجامعى خلال العيد    في وقفة العيد.. «جميعه» يفاجئ العاملين بمستشفى القنايات ويحيل 3 للتحقيق (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيفية إبراء الذمة من المسروقات؟
نشر في الفجر يوم 04 - 05 - 2017


ما هي كيفية إبراء الذمة من المسروقات؟
الجواب : الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
الأصل في الشريعة الإسلامية أن أخذ المال بدون وجه حق حرامٌ شرعًا، فقد عصم الشرع الشريف المال كما عصم النفس والعقل والنسل والعرض والدين والأمن العام في المجتمع، فحرَّم الله تعالى أخذ مال إنسان بدون وجه حق أو بغير طيب نفس منه، فمن اعتدى على الأموال كان آثما شرعًا مستحقًّا للعقوبة في الدنيا والآخرة، ووجب عليه المبادرة بالتوبة من هذا الذنب؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ۞ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا﴾ [النساء: 29-30]، وعن أبي بَكر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَليْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا» أخرجه البخاري ومسلم.
والسرقة نوع من أنواع الاعتداء بأخذ المال دون وجه حق، وهي لغة: أخذ الشيء من الغير خفية.. وشرعًا باعتبار الحرمة أخذه كذلك بغير حق نصابًا كان أم لا. "الدر المختار" للحصكفي (4/ 82، ط. دار الفكر).
قال جل شأنه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الممتحنة: 12]. وهذه الأمور المنهيّ عنها في الآية الكريمة -وإن كانت الآية نزلت في مبايعة النساء- إلا أنها ليست خاصة بالنساء فقط، وإنما هي أمور بايع الرجال النبي صلى الله عليه وآله وسلم على اجتنابها أيضًا، فتحريمها عام على الرجال والنساء.
قال العلامة الطاهر بن عاشور المالكي في "مقاصد الشريعة الإسلامية" (3/ 235، ط. وزارة الأوقاف القطرية): [وقد تنبّه بعض علماء الأصول إلى أن هذه الضروريات مشار إليها بقوله -(وذكر الآية الكريمة السابقة)-؛ إذ لا خصوصية للنساء المؤمنات. فقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأخذ البيعة على الرجال بمثل ما نزل في المؤمنات كما في "صحيح البخاري"] اه.
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسٍ، فَقَالَ: «بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا -وَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ كُلَّهَا- فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَتُهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ؛ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ» متفق عليه.
وعن المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه: «مَا تَقُولُونَ فِي السَّرِقَةِ؟» قَالُوا: حَرَّمَهَا اللهُ وَرَسُولُهُ فَهِيَ حَرَامٌ. أخرجه أحمد.
وتحريم السرقة أجمع عليه المسلمون وأصحاب الديانات السماوية، ويتفرع على ذلك وجوب حفظ اللقطة عن الضياع؛ قال الإمام شهاب الدين القرافي في "الفروق" (4/ 67، ط. عالم الكتب): [قاعدة: خمس اجتمعت الأمم مع الأمة المحمدية عليها، وهي: وجوب حفظ النفوس والعقول فتحرم المسكرات بإجماع الشرائع... وحفظ الأعراض فيحرم القذف، وسائر السباب، ويجب حفظ الأنساب فيحرم الزنى في جميع الشرائع، والأموال يجب حفظها في جميع الشرائع فتحرم السرقة، ونحوها، ويجب حفظ اللقطة عن الضياع لهذه القاعدة] اه بتصرف.
والسرقة في الجملة تعتبر من الكبائر؛ قال الإمام الذهبي الشافعي في "الكبائر" (ص: 97، ط. دار الندوة): [الكبيرة الثالثة والعشرون السرقة] اه.
وشدّد الإسلام في عقوبة السرقة وحدّ لها حدًّا زاجرًا؛ حتى يرتدع كل من تسول له نفسه أن يتعدى على أموال الآخرين وحقوقهم، وحث المسلم على العمل والكسب الحلال الطيب؛ حتى يقبل الله تعالى أعماله، وحتى لا يخضع لعقاب الله وعذابه يوم القيامة؛ فعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: «أَيُّمَا لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ حَرَامٍ، فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ» أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"، لكن حتى يقام على السارق العقوبة الحدِّية لا بد أن تتوفر في جريمة السرقة شروط معينة، وهذه الشروط تتمثل في خمسة أمور، هي: أن يكون مكلفًا، وأن يقصد فعل السرقة، وألَّا يكون مضطرًا إلى الأخذ، وأن تنتفي القرابة بينه وبين المسروق منه، وألَّا تكون عنده شبهة في استحقاقه ما أخذ؛ كما في "الدر المختار" للحصكفي الحنفي (4/ 82-85، ط. دار الفكر)، و"بداية المجتهد" لابن رشد المالكي (4/ 230-237، ط. دار الحديث)، و"الأحكام السلطانية" للماوردي الشافعي (ص: 330-332، ط. دار الحديث)، و"الأحكام السلطانية" لأبي يعلى الحنبلي (ص: 266-268، ط. دار الكتب العلمية).
وإذا تخلف شرط من تلك الشروط السابقة لا يقام على السارق الحد؛ لأن الحدود تُدرأ بالشبهات، لكن يعاقب من ثبتت عليه جريمة السرقة غير مكتملة الشروط بالتعزير حسب القانون وما يقرره القاضي، ووفقًا لجسامة الجريمة وخطورة الجاني، فعَنْ السيدة عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «ادْرَءُوا الْحُدُودَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَخْرَجٌ فَخَلُّوا سَبِيلَهُ؛ فَإِنَّ الإِمَامَ أَنْ يُخْطِئَ فِى الْعَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِى الْعُقُوبَةِ» أخرجه الترمذي.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «ادْفَعُوا الْحُدُودَ مَا وَجَدْتُمْ لَهُ مَدْفَعًا» أخرجه ابن ماجه.
ويجب على السارق التوبة إلى الله تعالى، وأن يبرئ ذمته من حقوق العباد التي أخذها بغير وجه حق، وإبراء الذمة من المسروقات يكون بردها إلى أصحابها إن كانت باقية في يد السارق، ويكون برد المثل أو القيمة عند تلف المسروقات أو فقدانها؛ ذلك لأن من المقرر شرعًا أن "التوبة من حقوق العباد لا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء"؛ فعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه.
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لأَحَدٍ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ؛ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ» أخرجه البخاري.
قال العلامة علاء الدين الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (7/ 96، ط. دار الكتب العلمية): [لأن محلّ الجناية خالص حق العباد، والخصومة تنتهي بالتوبة، والتوبة تمامها برد المال إلى صاحبه، فإذا وصل المال إلى صاحبه لم يبق له حق الخصومة مع السارق] اه.
وقال العلامة ابن أبي زيد القيرواني المالكي في "الرسالة" (ص: 155، ط. دار الفكر): [ومن التوبة رد المظالم، واجتناب المحارم، والنية أن لا يعود] اه.
وقال العلامة جلال الدين المحلي الشافعي في "شرحه على منهاج الطالبين" ومعه "حاشيتا القليوبي وعميرة" (1/ 373، ط. دار إحياء الكتب العربية): [(وَيَسْتَعِدَّ) لَهُ –يعني الموت- (بِالتَّوْبَةِ وَرَدِّ الْمَظَالِمِ) إلَى أَهْلِهَا بِأَنْ يُبَادِرَ إلَيْهِمَا فَلَا يَخَافُ مِنْ فَجْأَةِ الْمَوْتِ الْمُفَوِّتِ لَهُمَا، وَصَرَّحَ بِرَدِّ الْمَظَالِمِ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ التَّوْبَةِ لِئَلَّا يَغْفُلَ عَنْهُ] اه.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (10/ 181، ط. مكتبة القاهرة): [وإن كانت توجب عليه حقا لله تعالى، أو لآدمي؛ كمنع الزكاة والغصب، فالتوبة منه بما ذكرنا، وترك المظلمة حسب إمكانه، بأن يؤدي الزكاة، ويرد المغصوب] اه.
وذكر الفقهاء في كيفية إبراء الذمة من المسروقات، ورد المظالم إلى أهلها بأنه يجب على التائب أن يرد الحقوق المادية لأصحابها، فإن لم يجدهم ردها لورثتهم، فإن عجز عن إرجاعها لعدم معرفته بأصحاب هذه الحقوق فليتصدق بها عنهم.
قال العلامة الحصكفي الحنفي في "الدر المختار" (4/ 283، ط. دار الفكر): [(عليه ديون ومظالم جهل أربابها وأيس) مَن عليه ذلك (مِن معرفتهم، فعليه التصدق بقدرها من ماله وإن استغرقت جميع ماله)، هذا مذهب أصحابنا لا نعلم بينهم خلافًا] اه.
وقال شيخ الإسلام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (11/ 246، ط. المكتب الإسلامي): [وإن تعلق بها حق مالي؛ كمنع الزكاة، والغصب، والجنايات في أموال الناس، وجب مع ذلك تبرئة الذمة عنه، بأن يؤدي الزكاة، ويرد أموال الناس إن بقيت، ويغرم بدلها إن لم تبق، أو يستحل المستحق، فيبرئه ويجب أن يعلم المستحق إن لم يعلم به، وأن يوصله إليه إن كان غائبًا إن كان غصبه منه هناك، فإن مات سلمه إلى وارثه، فإن لم يكن له وارث وانقطع خبره دفعه إلى قاض ترضى سيرته وديانته، فإن تعذر تصدق به على الفقراء بنية الغرامة له إن وجده] اه.
أما إذا خشي الإنسان من حدوث مضار إذا رد الحقوق لأصحابها؛ كفتنة، أو تشهير بسوء السيرة، أو قطع لصلة الرحم، ونحو ذلك، جاز له أن يعيد الحق إلى أصحابه بطريقة أو بأخرى من غير أن يخبرهم بما ارتكبه من السرقة، ولو كان الرد في صورة هدية ونحوها أو هبة مجهولة المصدر.
قال شيخ الإسلام ابن حجر الهيتمي الشافعي في "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (2/ 367، ط. دار الفكر): [ما يتعلق به حق آدمي فالتوبة منه يشترط فيها جميع ما مر، ويزيد هذا بأنه لا بد من إسقاط حق الآدمي، فإن كان مالًا ردّه إن بقي، وإلا فبدله لمالكه أو نائبه أو لوارثه بعد موته ما لم يبرئه منه، ولا يلزمه إعلامه به، فإن لم يكن وارث أو انقطع خبره دفعه إلى الإمام ليجعله في بيت المال، أو إلى الحاكم المأذون له التصرف في مال المصالح، فإن تعذر قال العبادي والغزالي: تصدق عنه بنية العزم] اه.
وقال العلامة الرحيباني الحنبلي في "مطالب أولي النهى" (4/ 65، ط. المكتب الإسلامي): [(ومن بيده نحو غصوب) لا يعرف أربابها، ونقل الأثرم وغيره أو عرف ربها، وشق دفعه إليه وهو يسير كحبة، أو كان بيده (رهون) لا يعرف أربابها، ونقل أبو الحارث: أو علم المرتهن رب المال، لكنه أيس منه، (أو) بيده (أمانات) من ودائع وغيرها (لا يعرف أربابها) أو لحرفهم وفقدوا وليس لهم ورثة، (فسلّمها) -أي: الغصوب أو الرهون أو الأمانات التي لا يعرف أربابها- (إلى حاكم، ويلزمه) -أي: الحاكم- (قبولها؛ برئ) بتسليمها للحاكم (من عهدتها) بلا نزاع؛ لأن قبض الحاكم لها قائم مقام قبض أربابها لها؛ لقيامه مقامهم. (وله) -أي: من بيده الغصوب ونحوها إن لم يدفعها للحاكم- (الصدقة بها منهم) -أي: عن أربابها بلا إذن حاكم-؛ لأن المال يراد لمصلحة المعاش أو المعاد، ومصلحة المعاد أولى المصلحتين، وقد تعينت ها هنا؛ لتعذر الأخرى. ونقل المروذي: يعجبني الصدقة بها] اه.
أما الأشياء التي سرقها الإنسان في طفولته قبل البلوغ؛ فإنه لا يحسب له ذلك ذنبًا؛ لعدم تكليفه في صغره؛ فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ» أخرجه أحمد، لكن مع عدم كتابة الإثم على الصبي السارق وعدم استحقاقه العقوبة؛ فإن ذلك لا يسقط حق المجني عليه في استرداد ما أخذ منه، فيجب ضمان ما أخذه الصبي وردّه إلى صاحبه إن كان باقيًا، أو ردّ قيمته من مال الصبي إن تلف المسروق.
قال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 243): [قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن جنايات الصبيان لازمة لهم في أموالهم. وذكر أصحابنا في الفدية التي تجب بفعل الصبي وجهين: أحدهما في ماله؛ لأنها وجبت بجنايته، أشبهت الجناية على الآدمي. والثاني: على الولي، وهو قول مالك] اه.
وبناءً على ما سبق: فيجب على السارق ردّ الحقوق والمظالم لأهلها بعينها إذا كانت باقية في يده؛ وإلا فعليه ردّ قيمتها إذا استهلكت أو فُقدت، فإن لم يجدهم ردّها لورثتهم، فإن عجز عن ردها لعدم معرفته بأصحاب هذه الحقوق فله أن يتصدق بها عنهم، أما إذا ترتب على ردّ الحقوق وإعلام أصحابها بها ضرر أكبر أو فتنة؛ فإنه يجوز أن يردّ الحقوق إليهم دون أن يعلمهم بجنايته، أما الأشياء التي سرقها في صغره فإنه لا يأثم بهذا الفعل؛ لعدم بلوغه وتكليفه، لكن يلزمه رد ما أخذه إلى أصحابه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.