على بعد 7 كيلو مترات من مركز ساحل سليم بأسيوط، تقع عزبة الجمايلة بقرية العفادرة، فعندما تطأ قدماك العزبة تسمع آيات القرآن الكريم من المشايخ أو التلفاز تتسرب إلى أذنيك من نوافذ جميع منازل بيوتها وعلى جانبي الشوارع تصطف حلقات الشباب والرجال بجانبهم خراطيم المياه ومواتير الرش الزراعية، التي يستخدمونها بديلًا عن المطافئ، في انتظار أول صوت يصرخ فيهم ببدء اشتعال النيران في منزل جديد، فيتوجهون إلى مصدر النيران لمحاولة السيطرة عليها. وتحولت العزبة الهادئة التي لم يسمع لها أحدًا اسمًا ولا صوتًا من قبل إلى ثكنة من الدجالين، الذين لعبوا بعقول أهلها بروايات تشيب لها العقول، فمنهم من قال أن هذا جن ناري مسلط علينا، وآخر، قال أن أحد الأهالي ينقب عن الآثار، وهو ما أغضب الجن، ومنهم من قال أنه أسر ابنة ملك الجان، وطالبه بالصلح مع الأهالي ووقف إشعال النيران، مقابل إطلاق سراح ابنته، وآخرين قالوا أن شخص ما سكب زيت مغلي على الأرض فقتل أحد أبناء الجان، وعلى الرغم من الحالة التعليمية للأهالي إلا أن ما يحدث لهم جن عقولهم، فيما رحل عدد كبير من الأسر وتركوا العزبة بعد أن اشتعلت النيران في منازلهم. انتقلت "الفجر" إلى عزبة الجمايلة والتقت الأهالي المنكوبين الذين طالبوا بتدخل الرئيس السيسي وشيخ الأزهر كرجل دين لإنقاذهم مما وصفوه ب "الكارثة". وأشار "خالد" إلى أن الحريق بدأ في سطوح منزلنا الجمعة الماضية منزل عبد المنعم عبد الحفيظ وتجمع أهالي العزبة وتمكنوا من إطفائه وانتهى اليوم على حريق واحد، وفِي اليوم التالي،السبت، اشتعلت النيران في 3 منازل مجاورة لنا، ويوم الأحد ازداد عدد الحرائق إلى 5 أو 6، والنيران ف تزايد كل يوم. وتابع أن "النيران اشتعلت مرة أخرى في غرفة من منزلنا الثلاثاء الماضي وبعد ان سيطرنا عليها انتقلت إلى أحد منازل أبناء عمومتنا، ووجدنا دخان يخرج من شقة زوجة أخي التي تركت المنزل خوفًا على ابنائها التوأم من الجن بعد ان أحرق غرفة نوم في نفس المنزل وكسرنا باب الشقة وجدنا غرفة النوم وغرفة الأطفال والاستقبال متفحمين، والسجاد والأجهزة الكهربائية جميعها محترقة وزجاج النوافذ كان يتحطم بصوت مرتفع". واندهش حين وجد دولاب غرفة الأطفال متفحم من الداخل بما فيه من ملابس ومن الخارج ليس به أي آثار للنيران، وقال "أن الخسائر في هذه الشقة وحدها تزيد عن 120 ألف جنيه، والغريب في الأمر أن هذا المنزل اشتعلت فيه النيران 4 مرات في أيام مختلفة.. و80% من النساء والأطفال تَرَكُوا العزبة، وذهبوا إلى منازل ذويهم وأقاربهم في القرى المجاورة". وقال محمد حسن من الأهالي، إن شوارع القرية تحولت إلى ثكنة من الخراطيم ومواتير الري وتجمعات الرجال والشباب بعد تكرار اشتعال الحرائق، وتابع أنها المعينة لهم بعد ربنا لأن سيارة الأطفاء تتأخر في الوصول إليهم، ويحاول الأهالي إخماد النيران لكي لا تصل إليهم، مضيفًا أن الحريق يكون على شكل نيران حمراء واُخرى تكون سوداء ويتكرر الحريق أكثر من مرة داخل البيت الواحد. ويحكي مرسي محمود، أنه منذ 3 أيام بعد صلاة المغرب سمع صوت صراخ بمنزل مجاور له تشتعل فيه النيران فقمت بمساعدتهم في إطفائها وبعد دقائق بسيطة تفاجئت باشتعال النيران بمنزلي هو الآخر ولم نستطع السيطرة عليها. وطالب المسؤولين بسرعة التدخل لكشف كواليس وأسرار الحرائق التي تشب في المنزل دون معرفة أسباب نشوبها، إضافة إلى الغموض الذي يعيش فيه الأهالي وحالة الرعب والخوف التي تسيطر عليهم، قائلًا :"إحنا شاربين المر، ومش بنشوف النوم، وخايفين على عيالنا". واستغاثت صفاء محمد علي، بالرئيس عبد الفتاح السيسي والدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر لكشف غموض الحرائق التي تضرب منازلهم، قائلة :"حسبنا الله ونعم الوكيل في كل من يرى الدمار الذي نعيش فيه ولا يقدم لنا حل". ورصدت كاميرا "الفجر" اشتعال النيران في أحد أحواش المواشي أثناء تواجدنا في العزبة وهرولة الأهالي تجاهها لمحاولة السيطرة عليها وسط تكبيرات "الله أكبر" ظنا منهم أن التكبيرات ستساعدهم في السيطرة على الجن وسرعة اخماد النيران. وقال محروس شفيق، أنا مسيحي من قرية باويط، أنا جاي أشارك زمايلي ياسين وخالد ابراهيم وأساعدهم في إخماد الحرائق، إحنا مش بنام زيهم اللي بيحصل معاهم ميرضيش ربنا. وأوضح الأهالي :"إحنا عايشين من غير أكل لأننا نزعنا أسطوانات البوتاجاز واخرجناها خارج المنازل خشية من انفجارها أثناء اشتعال النيران، وعايشين على المعلبات ومجاملات القرى المجاورة التي تقدم لنا الأطعمة ، مبقناش قادرين ندخل بيوتنا علشان الاستحمام او تبديل ملابسنا. وطالب الأهالي، وزير الصحة بتوفير أطباء لهم لإسعافهم ومشاركتهم في محنتهم لأن الوحدة الصحية خالية من الأطباء والممرضين والأكسجين، قائلين: "دا ما يرضيش ربنا أبدًا". لمشاهدة الفيديو اضغط هنا