بين الحين والآخر، تتجدد معارك مؤسسة الأزهر ومجلس النواب، والصدام بينهما حول المسائل الدينية والفقهية، بدأت بمطالبة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لشيخ الأزهر بضرورة إصدار قانون يقوم بتقييد حالات الطلاق، وهو ما رحبت بيه اللجنة الدينية بالبرلمان، ورفضه الأزهر، فضلًا عن إعداد بعض النواب مشروع قانون لتعديل الأزهر، وهو ما آثار غضب الأزهريون، ناهيك عن هجوم بعض النواب على الأزهر واتهامه بأنه المسؤول عن الإرهابين. الطلاق الشفوي وحظى الطلاق الشفهي، بنصيب من الصدام بين مؤسسة الأزهر ومجلس النواب، وذلك بعد أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن ضرورة إصدار قانون يقوم بتقييد حالات الطلاق، مطالبًا شيخ الأزهر بإيجاد محل وهو ما أكده الأزهر شرط أن لا يحرم ما أحل الله.
وجاء ذلك في كلمة "السيسي" التي ألقاها بمناسبة احتفالية عيد الشرطة، وطالب شيخ الأزهر بحل فقهي لعملية الطلاق الشفهي دون توثيق، ممازحًا له :"ولا إيه يا فضيلة الإمام، إنت تعبتني".
وسارعت اللجنة الدينية في تبني هذا الكلام، وأعلنت استجابتها ل"السيسي"، وأكدت أنها ستقوم بتجهيز قانون من أجل تنظيم الطلاق الشفهي، في الوقت الذي قال فيه أزهريون أنهم متشبثون بالطلاق الشفهي دون توثيق.
ومن جهته، رفض عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر حظر الطلاق الشفهي، مضيفًا :إلغاء الطلاق الشفهي غير جائز شرعًا، مشيرًا إلى أن "الطلاق الشفهي يقع، كأن يقول الرجل لزوجته "أنتِ طالق" سواء كان بقصد أم لا؟، مشيرًا إلى أنه يكفي الزوج أن يطلق زوجته بمكالمة هاتف أو رسالة نصية، وبعد ثلاث طلقات لا تحل له إلا بعد أن تتزوج غيره، وهذا شرع الله.
فيما أثنى آخرين على دعوة "السيسي"، بتحريم الطلاق الشفهي، على رأس هؤلاء الدعاة، جاء الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن في الأزهر، حيث قال؛ "أشكر السيسي على استجابته لما طالب به على مدى عامين من عدم احتساب وإيقاع الطلاق الشفهي للمتزوجين إلا بالوثيقة الرسمية".
قانون تنظيم الأزهر ولم يتوقف الصدم بين الأزهر والبرلمان عند قضية الطلاق الشفهي، بل آثارت طلبات نواب "ائتلاف دعم مصر" وغيرهم، وفي مقدمتهم "محمد أبو حامد"، رئيس المكتب السياسي للائتلاف، بشأن التعديل في قانون الأزهر الشريف، لأنه يساعد على تجديد الخطاب الديني الذي دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسي، والذي يطالبون فيه بأن يكون شيخ الأزهر رئيسًا لهيئتين فقط هما المجلس الأعلى للأزهر، وهيئه كبار العلماء، وأن يكون لشيخ الأزهر الشريف مدة زمنية قدرها 8 سنوات فقط لا غير وتجدد لمدة واحدة فقط، وقد حصل "حامد" على توقيع عدد من النواب، لتأييد القانون.
بنود تعديل قانون الأزهر واقترح النواب، عدد من البنود لتعديل قانون تنظيم الأزهر، هي أن تكون مدة فترة تولي شيخ الأزهر 8سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط من خلال انتخابات، وتكون بعيدة عن فكرة "الحومكة" التي تأسست مع قانون الأزهر لعام 1961، وألا يقتصر اختيار "شيخ الأزهر" من قبل هيئة العلماء فقط، بل سيختاره 110 أعضاء ليضم مجمع البحوث الإسلامية 60 عضوًا، وزيادة عدد هيئة كبار العلماء ل50 عضوًا، وأن تضع الضوابط والقواعد في تشكيل هيئات الأزهر وتلك القواعد الهدف منها اختيار شيخ الأزهر عند خلو منصبه وتنظيم العلاقة بين مشيخة الأزهر وجامعة الأزهر والمعاهد الدينية، وأيضًا ينص المشروع القانوني المقدم إلى تطوير الأزهر الشريف والعمل على تفرغه لدوره الدستوري من خلال فصل الكليات التي تُدرّس علومًا دنيوية عنه باستثناء كليات اللغات والترجمة التي يحتاج إليها الأئمة، وأن يكون اختيار شيخ الأزهر من هيئة كبار العلماء، مشيرًا إلى أن وجود كليات علمية بجامعة الأزهر يجعلها بعيدة عن دورها.
ورفض عدد من أعضاء لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب، الملامح الأولى لمشروع القانون، مؤكدين أن شيخ الأزهر محصن بموجب الدستور ولا يمكن القبول بالمساس به أو التدخل في شئون اختياره، معتبرين أن ذلك أمرٌ يخص هيئة كبار العلماء، فضلًا عن غضب الأزهر على هذا القانون، معتبرينه تدخل سافر في شؤون الأزهر.
تجديد الخطاب الديني وفي هذا الصدد، قالت الدكتورة أنيسة حسونة، عضو مجلس النواب، إن بعض القائمين على الأزهر مقتنعين أنهم يقوموا بالدور المنوط بهم، ومقتنعين أن الخطاب الديني لايحتاج لتجديد.
وأوضحت "حسونة"، أن الأزهر يعتبر من يطالبه بتجديد الخطاب الديني، أنه يعتدى على سلطتهم.
مسؤول عن الإرهابيين وفي ظل الحرب الشرسة القائمة بين الأزهر والبرلمان، اتهم النائب محمد الكومي، عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، الأزهر بأنه المسؤول عن الإرهابيين لأنهم مسلمين والأزهر مسئول عن كل مسلم، مشيرًا إلى أن المناهج الأزهرية احتوت على الكثير من العبارات التي تحرض على العنف، مثل: "أكل لحم الآدميين والتفرقة بين المسلم والكافر وأكل لحم الكافر إذا اضطر الإنسان لأكل اللحوم".
وتسائل: "كيف للأزهر أن تكون أحد مناهجه تبث هذه السموم ؟ "، مشيرًا إلى أن الأزهر يغرس في أبنائه كيفية كره الآخر.
"الجندي": المتطاولون على الأزهر أساءوا الأدب وردًا على تلك الاتهامات، وصف الشيخ خالد الجندي، الداعية الإسلامي، الذين يتطاولون على مؤسسة الأزهر الشريف وعلى رأسها شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب، بالجهّال والمغرضين وأنهم أساءوا الأدب.
وقال "الجندي"، إن إجلال أهل العلم من إجلال الله، مشيرًا إلى أن الذين يهاجمون الأزهر لم يقرأوا شيئًا من التاريخ، مضيفًا أن كل غازي حاول دخول مصر، كان الأزهر في الصفوف الأمامية لدحره، وكان الغرض الأول للمحتل هو تقويض أركان الأزهر، ومع ذلك ذهب المحتل وبقى الأزهر.