برغم ما يردده الرئيس التركي،رجب طيب أردوغان، من ضرورة إتباع القانون، بل والدفاع عن الحقوق والحريات، أمام منتهكوها، وهو كما يبدو عناوين أساسية دائمة ومستمرة تأتي على لسان أردوغان في كل مناسبة، إلا أن واقع الرئيس التركي، يطيح تماما بتلك المفاهيم، لا سيما بعد سعيه الحثيث لأن يكون "الآمر الناهي" الوحيد في تركيا، من خلال "لعبة" التعديلات الدستورية، التي ستنحسر فيها تركيا في شخص فرد واحد وهو "أردوغان". وترصد "الفجر" خلال السطور التالية أخطر 4 كوارث افتعلها أردوغان لتثبيث أقدامه الأبدية في حكم تركيا إفتعال مشكلات مع أوروبا يأتي هذا من أهم العناصر التي اتجهت معها الأنظار، صوب ما يفعله أردوغان من محاولات تملئوها الإصرار، لتثبيت أقدامه الأبدية في حكم تركيا، والتي تطورت من خلال التعديلات الدستورية التي يلهث وراءها أردوغان محاولا بكل ما أوتي من قوة إقرارها على حساب العدالة التي تمنع انحسار دولة بأكملها في قبضة شخص واحد، فكانت "خناقة طويلة عريضة" مع عدد من الدول الأوروبية تمتد أحداثها إلى ذات اللحظة، والتي بدأت مع هولندا مرورا بالنمسا وألمانيا وانتهاء بالدنمارك وعدد من الدول الأخرى، ليمتد أردوغان في محاولاته المعهودة للمتاجرة بالمشكلات، التي وصفها تارة بأنها كارهة الخير لتركيا، كما شاركه مسؤولون تركيون هذا الرأي، وباتوا يجوبون دول العالم في محاولات لتصوير الأمور على غير حقيقتها، حتى أنهم استمالوا الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ليبدأ مرحلة من التسييس تأتي الأخطر والأشنع في تاريخه بإصداره بيانا يصف فيه أردوغان بخليفة المؤمنين، ويدعو دول أوروبا للانصياع لما يراه أردوغان، وأن ما يسعى إليه من تثبيت أركانه في السلطة هو منبع الحكم الديني الإسلامي. استغلاله محاولة الانقلاب الفاشلة ربما لم يكن لأردوغان يد مباشرة في حدوث الانقلاب الفاشل، الذي وقع في 15 يوليو 2016، والذي نظمه مجموعة من ضباط القوات المسلحة التركية، لكن ما حدث في تبعات حدوث هذا الانقلاب، كان هو الأهم وهو ما يستدعي التأمل بل الدراسة، وكيف استغل أردوغان هذا الحدث، الذي وصفه الكثير من الخبراء بأنه كان من الأعمدة الرئيسية التي جعلت أردوغان ذو سطوة كبرى على تركيا، بل ورجحوا بنسبة كبرى وقوفه وراء حدوث ذلك، ولكن ما تأكد هو كيفية استغلال أردوغان هذا الحدث، كي يكون الرجل الأوحد في تركيا، مصورا أنه الراعي الوحيد وحامي حمى الديار التركية، فكانت مجازر القتل والاعتقالات والاستبعاد، وهو ما أثبتته منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية، في تقريرها العالمي الذي تناول الأوضاع الحقوقية في تركيا، وتحديدا بعد حدوث الانقلاب، حيث أكدت إن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وحكومة تركيا وظّفا محاولة الانقلاب العسكري التي شهدتها الدولة في 15 يوليو2016، لتضييق الخناق على حقوق الإنسان وتفكيك الضمانات الديمقراطية الأساسية، فيما أوضح التقرير أيضا، أنه خلال الأشهر الستة الأخيرة من عام 2016، نفذّت الحكومة اعتقالات جماعية في صفوف الصحفيين ، وأغلقت وسائل إعلام عديدة، وسجنت سياسيين معارضين منتخبين، يضاف إلى ذلك أعمال طرد واحتجاز تمت دون محاكمة عادلة، بلغ عددها أكثر من 100 ألف موظف حكومي، منهم أساتذة وقضاة وأعضاء في النيابة العامة، وأغلقت مئات المنظمات غير الحكومية، وعزّزت سيطرة الحكومة على المحاكم، حسبما أكد تقرير المنظمة. ملاحقة جميع أوجه المعارضة في الوقت الذي يندد فيه أردوغان ما تفعله النخب السياسية وقادة بعض الدول من انتهاكات حقوق الإنسان وقمع معارضيهم، يُرى واقعه هو أشد إيلاما وأكثر نفاقا، فهو من تسلط على جميع الجماعات المعارضة له في تركيا،وركض وراءها كما يركض الأسد نحو فرائسه، مفرقا ومشتتا لهم، ليمنع بذلك واحدة من أهم دعائم الديمقراطية وتجذرها في الشعوب، وهي عملية الاختلاف والتنوع الذي يعد من أهم الأساسيات التي تعتمد عليها الشعوب خوفا من السيطرة والطمع في السلطة، الذي سرعان ما يولّد حالة من الديكتاتورية وحب السلطة المجنون، الذي يتراءى معه شعب بأكمله أمثال الذر، لا يساوي شيئا على الإطلاق، وهو ما أثبتته أيضا المنظمة الحقوقية، "هيومن رايتس ووتش" حيث أكد أحد مسؤوليها، وهو مدير قسم أوروبا وآسيا الوسطى، "هيو ويليامسون" إن الدولة التركية لم تقمع فقط من قاموا بمحاولات الانقلاب، وإنما وصل هذا الأمر إلى قمع الأحزاب المعارضة أيضا، مضيفا "بدل البناء على وحدة الأحزاب المعارضة للانقلاب لتعزيز الديمقراطية، اختارت حكومة تركيا قمع المنتقدين والمعارضين بلا هوادة"، فضلا عن سجن أعضاء المعارضة الكردية في البرلمان، وبهذا دخلت تركيا في أسوأ أزماتها في تاريخها المعاصر، حسبما أكد ويليامسون. وكانت من بين المهازل التي لا تنسى، هو حرب أردوغان للأكراد العام قبل الماضي، ليأخذ الأغلبية في برلمان نوفمبر 2015، بعد تسويد سمعتها، حتى أنه في 20 ديسمبر 2014، كان له تصريح كارثي، تناقلته جميع وسائل الإعلام أثناء ملاحقته جماعات المعارضة، والذي وصفه بقوله " إن ما يفعله من ملاحقة معارضيه "مطابقا للقانون". الدخول لسوريا وكانت أيضا من عوامل تصوير الأمور على غير حقيقتها، هو إدعاء أردوغان المستمر أن هناك حرب كبيرة يشنها الإرهابيون على تركيا، كما يدعي الآن أن جميع دول العالم لا تريد لتركيا التقدم والازدهار، ولذا يشنون عليها تلك الحرب الشعواء، حسب ادعاءاته، وهو ما كان محط حديث أساسي، للعديد من الخبراء والكتاب، ومنهم الكاتبة في صحيفة ديلي تليغراف البريطانية، أمبيرين زمان، التي أكدت في مقال لها، أن أردوغان لا يعرف سببا معينا في الدخول لسوريا، حيث تقول " في بادئ الأمر قيل عن سبب التدخل التركي في سوريا إنه لتطهير الحدود التركية من تنظيم داعش، وبعد ذلك قيل إنه لطرد ميليشيا الأكراد السوريين وحدات حماية الشعب الكردي، أما اليوم فقد جاء تفسير جديد لسبب دخول القوات التركية إلى شمال سوريا للعمل مع مقاتلي الجيش السوري الحر المعارض". ولا يخفى أن هذا التدخل كان من أهم الأركان الأساسية التي استند عليها أردوغان كي يصور لشعبه زورا وبهتانا بأن تركيا تستهدف من قبل الجماعات الإرهابية، برغم أن من أقحم تركيا في المستنقع السوري هو رئيسها رجب أردوغان، ليرتكب هو الأخر مجازر شنعاء في مدينة الباب السورية راح ضحيتها مئات الأطفال والشيوخ. تعزيز سلطاته ويؤكد محمد حامد الباحث في العلاقات الدولية، والمتخصص في الشأن التركي،ل "الفجر"، أن أردوغان اعتاد علي افتعال عدد من المعارك الوهمية بهدف تعزيز سلطاته داخليا أو الحصول على مكاسب إقليمية ودولية، مشيرا إلى أن هذا تواجد في انتخابات يونيو 2015، واستغلال الخلاف مع روسيا، ثم التقارب مع أوروبا للحصول على مكاسب أكبر، ثم عاد واشتبك مع أوروبا لصالح روسيا، والآن يفتعل الخلافات مع أوروبا بهدف تمرير التعديلات الدستورية. وأوضح الباحث في العلاقات الدولية، والمتخصص في الشأن التركي، أن الحرب مع الأكراد العام قبل الماضي فأخذ الأغلبية في برلمان نوفمبر 2015، والاعتقال على الشبهة للتخلص من الخصوم بعد انقلاب يوليو 2016، وكذلك الاشتباك مع روسيا في نوفمبر 2015، وأخيرا الخلاف مع هولندا وألمانيا، من أهم مظاهر سعي أردوغان الشديد لتثبيت أركان حكمه الأبدية في حكم تركيا.