رقم جديد يُضاف ألى ضحايا الإهمال الطبى بالمنوفية، ولا زال عداد الموت مستمر فى حصد أرواح الشباب والأباء المتكفلين بأسر فى أمس الحاجة للرعاية والمصروفات، وقعوا ضحية أطباء أخطأوا فى تفهم طبيعة مهنة الطب، وخطورتها وكيفية تفادى أخطاءها، فالخطأ الواحد كفيل بتحويل ثلاثة أبناء الى لقب أيتام، وأم عجوز الى لقب ثكلى، وزوجة فى ريعان شبابها الى أرملة. عبدالحميد القلشانى رجل أربعينى بسيط - 35 عامًا - من مدينة أشمون بمحافظة المنوفية، يكاد يتحصل على قوت يومه بعمله نجار ب "اليومية"، من طلعة الشمس حتى غروبها، ليعود ببعض الجنيهات لأسرتة المكونة من 3 أطفال فى عمر الربيع من بينهم رضيعة لم تكمل شهر الثانى فى تلك الحياة، فى صباح يوم الأربعاء الماضى قادتة لقمة العيش للعمل فى مسجد محطة أشمون، لإتمام بعض الأعمال، صعد الى قبة المسجد وانزلقت قدمه ليسقط مباشرة على الأرض وارتطم جسده المتهاوى على سيخ حديد، اخترق خصيته. حمله الأهالى مُسرعين الى مستشفى أشمون العام وجسده غارق فى بركة من الدماء، استقبله الأطباء فى تمام الساعة الحادية عشرة صباحًا، وبدأوا رحلة اسعافه، ربما بدا الأمر لهم اعتياديًا، فلم يفحصوه جيدًا على الأجهزة المنوط بهم معاينة جسد المريض فى الحالات المشابهة لحالة «عبدالحميد»، وشخصّ الأطباء الحالة أنه مجرد جرح سطحى، وقرروا إخاطة الجرح. كما طالبوا من المتواجدين معه، أن يذهبوا به خارج المستشفى «الحالة تمام يا جماعة والراجل كويس.. روحوه»، لم يكن ذويه والمتواجدين معه أدرى فى مهنة الطب من هؤلاء الأطباء أصحاب المعاطف الناصعة البياض، والحاملين للسماعات الطبية أينما ذهبوا، فحملوا الرجل الى منزله. كأى زوجة يمرض زوجها، بدأت السيدة فى طهى الطعام المناسب له، فلابد أن يأكل كى يقوى ويستعيد صحته، الا أن الزوج كلما تناول طعامًا، تلفظه المعدة سريعًا، وتكرر الأمر مرارًا، حتى أصيبت أسرتة بحالة شديدة من القلق والصدمة، وقرروا نقلة الى عيادة طبيب بالمدينة، لم تكن قدراته تؤهله لعمل شيئ فى هذه الحالة، فنصحهم بالذهاب الى المستشفى الفرنساوى فى القاهرة، فاستجابت أسرتة فى التو، فحالة الرجل كانت تزداد سوءً، وعلامات الإعياء ظاهرة على ملامحه التى يعرفوها جيدًا. كانت حالته ظاهرة السوء لدرجة قيام أطباء المستشفى بتحويله الى القصر الفرنساوى بالقاهرة، وفوجئ الأطباء هناك بعد الكشف على المعدة بالأجهزة وبعد عمل الفحوصات المرئية، أن المعدة ممزقة من الداخل، ولديه نزيف داخلى، ولم يسعفهم الوقت لإنقاذة، وتوفى الرجل مساء الجمعة المُصرمة وسط الأطباء لا حول له ولا قوة.