بينما كانت فكرة انفاق الزوجة ومساعدتها لزوجها في متطلبات الأسرة موجعة وجارحة لكرامة الرجل، إلا أنها باتت ظاهرة متدوالة في كثير من المنازل المصرية، لاسيما عقب إرتفاع أسعار السلع وتدهور الحالة الاقتصادية في مصر في الأونة الأخيرة، مما زادت من اجهاد المرأة خاصة وأنها تعمل طوال اليوم خارج وداخل المنزل، دون رحمة من الزوج. ووفقًا لاحصائية صادرة عن المجلس القومي للمرأة خلال المؤتمر الدولي للتنمية المستدامة "رؤى مستقبلية"، تؤكد أن المرأة والزوجة المتعلمة لديها القدرة على الاستفادة المُثلى من الموارد والإمكانات المتاحة، وأنها تنفق 90% من دخلها على الأسرة، بينما ينفق الرجل من 40 إلى 60% فقط من دخله على أسرته، والباقي على متطلباته أو إدخاره. 45 % من حالات الطلاق في مصر بسبب الخلافات المالية وأكدت الدراسة الاجتماعية التي أعدها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية: أن 65% من حالات الطلاق في مصر تكون بسبب الخلافات الزوجية وأسلوب الزوج والزوجة ورد فعلهما أمام المشاكل التي تعترضهما، حيث إن الزوجات اللاتي يختلفن مع أزواجهن على المال ومصاريف الإنفاق بالمنزل، يمثلن 45% من حالات الطلاق، بجانب أن دخل الزوجة أصبح من أهم أسباب الخلافات الزوجية. وذلك بسبب إصرار الزوجة أحيانا على عدم إدماج راتبها مع راتب الزوج للمعاونة في المصروفات المنزلية ، أما عالميا فقد أكدت دراسة أمريكية أن الخلافات المالية من ضمن عشرة أسباب عالمية للطلاق، والأزمات المالية بين الأزواج تأخذ أشكالاً مختلفة. وفي سياق ما سبق ترصد "الفجر"، أراء بعد الزوجات حول وجهة نظرهم في انفاقهم على الأسرة، وهل يجبرهم الزوج على الانفاق أم تساعد هي دون ضغط منه. اجبار الزوجة على إعالة أسرتها من الإبرة للصاروخ في البداية تستهل حديثها ميرفت حسنين، مدرسة لغة عربية في إحدى المدارس الخاصة، قائلة: إنها عقب تخرجها من الجامعة تزوجت بشكل سريع، وكانت لم تفكر بالعمل لانشغالها بحياتها الجديدة، ولكن بعد فترة من الزمن وانجابها طفلين وارتفاع مستوى المعيشة فكرت في العمل، وبالفعل اتفقت مع زوجها على ذلك، وكانت المفاجأة إنه قدم شرط لقبول عملها وهو الانفاق على المنزل وتحمل جميع متطلبات الأسرة، وقبلت بالشرط. وأكملت "حسنين"، في حديثها ل"الفجر"، أنها منذ ما يقارب من سبع سنوات وهي تعول الأسرة بداية من إيجار الشقة حتى السجائر الخاصة بزوجها وجميع متطالبته الشخصية "من الإبرة للصاروخ"- حسب وصفها-، وهو لم ينفق أي أموال عليهم، مشيرة بالرغم أنها وجدت ذاتها في عملها إلا أنها تعاني من ضغط نفسي؛ إزاء تحملها كل شىء وعدم شعورها بأنها أنثى كباقي السيدات: " حاسة إن بقيت راجل البيت.. حتى ولادي مش شايفين دور لوالدهم.. وبيعتبروه هوا مجرد شخص في حياتنا.. وهو مبسوط ولا في دماغه". الضرب وسيلة ضغط على الزوجة للانفاق على الأسرة وتروي نجلاء الصعيدي، اخصائية اجتماعية في إحدى القطاعات الحكومية، أنها تحملت كافة مصروفات منزلها بعدما تمت إقالة زوجها من عمله في إحدى بلدان الخليج، وعودته إلى مصر، موضحة أنها حصلت على قرض بضمان عملها لفتح مشروع صغير"محل بقالة" لزوجها للعمل فيه بدلا من جلوسه بالمنزل بلا عمل؛ ولكنه لم يفلح وكان دائما نائمًا بالمنزل ولم ينزل إلا بعد المغرب للمسامرة مع أصدقائه فقط، وعندما كانت تتناقش معه كان يصل الأمر إلى أنه يضربها ويظل نائما بالأيام دون فتح "المحل"، إلى أن رفعت قضية خلع عليه، ولكنها لازالت في المحاكم. وتابعت "الصعيدي"، في حديثها ل"الفجر"، إنها: " من بعد رفعي للقضية وهو ينزف مني جميع مرتبي، بل يجبرني على السلف من أهلي ومعرفي علشان يخرج مع أصحابة ولا يعرف حاجة عني ولا عن ولاده غير ياخد مني فلوس وبس.. ولو في مرة مش معاية أو معرفتش اتصرف كان بيضربني ويطردني برة البيت". أساعد زوجي في مصرف المنزل بإرادتي" وايد على ايد تساعد" فيما تقول إيمان الشنيطي، موظفة بإحدى القطاعات الحكومية، إنها تساعد زوجها في مصرف المنزل، والانفاق على أسرتها، لاسيما وأن ظروف الحياة المعيشية أصبحت لا تحتمل، معلقة: " بنقسم مصرف البيت مرتبي على مرتبه علشان نقدر نعيش ونعيش ولادنا حياه معقولة وأيد على أيد بتساعد.. ماهو صعب يصرف مرتبه على البيت ونكون محتاجين حاجة وأنا معايا الفلوس ومش بساعد بها". وأردفت "الشنيطي"، أن زوجها لم يجبرها على مساعدته في مصروف المنزل، وعندما يجبرها سوف تمتنع عن ذلك وتطلب الطلاق، لأن حينها سوف تشعر بأن الحياة الزوجية تحولت لمنفعة فيما بينهم. استفزاز الزوجة لزوج من أجل الانفاق على الأسرة " فلوسي وأنا حرة.. مش عجبك إصرف إنت".. بهذه الكلمات أكدت نيفين سويلم، أنها دائمًا تستفز زوجها وتضغط عليه بأن يعول أسرته دون اللجوء إلى راتبها بالرغم أن راتبها أكثر من زوجها، مشيرة إلى أن زوجها دائمًا يطلب منها مساعدته في شراء احتياجاته الشخصية ك"السجائر" على حساب متطلبات المنزل، لذا لم تجد وسيلة سوى الكلمات القاسية من أجل توفير أموال" السجائر" والانفاق على أسرته، ولكن دون جدوى.