لم يقتصر ارتفاع الأسعار على إثقال كاهل المواطنين وتقصير أيديهم عن شراء مستلزماتهم ، بل ضرب الفائض من دخل الفرد الذي كان يخصصه في العمل الخيري بالتبرع به، ليربك العاملين في القطاعات الخيرية بسبب عدم مقدرتهم على سد احتياجات الحالات المسئولة منهم. ورصدت"الفجر"، في هذا التقرير التالي، أوضاع بعض الجمعيات الخيرية والقائمين على التبرعات وتأثرها بارتفاع الأسعار. رسالة: لا نستطيع معالجة أكثر من 100 حالة قالت ريهام مُحيسن، مسئولة إدارة الاتصال لجمعية رسالة، إن العمل الخيري بالجمعيات الخيرية بشكل عام تأثر بشكل كبير بارتفاع الأسعار وليست "رسالة" فقط، مشيرة إلى أن دخل المواطنين قل، وبالتالي معدل التبرع قل. وأضافت "محيسن"، في تصريح ل"الفجر"، أن بالنسبة للرعاية الطبية داخل الجمعية لتوفير الأدوية لمرضى الأمراض المزمنة أصبحت لا تتعدى 100 حالة وصعب اليوم معالجة أكثر من هذا العدد، نظرًا لأن ارتفاع أسعار هذه الأدوية ارتفع بشكل كبير. وأشارت مسئولة إدارة الاتصال لجمعية رسالة، إلى أن بالفعل نحن في وقت أزمة فعلية، ولابد على الجميع المساهمة والتبرع لصالح المحتاج لأن الفرد الذي كان بحاجة ما لمساعد حاليا محتاج 10 أضاعفها بعد ارتفاع الأسعار. مصر الخير: نواجه صعوبات في سياق متصل أكد أيمن حمزة، أحد مؤسسي جمعية "مصر الخير"، إن الجمعية مثلها مثل جميع المؤسسات تأثرت بارتفاع الأسعار، وأصبحت التبرعات تقل بشكل ملحوظ جدا، مما أدى إلى صعوبة توسع نشاطها. وأضاف" حمزة"، في تصريح ل"الفجر"، أن الفترات الماضية كانت الجمعية تستطيع عمل كثير من أسقف منازل المحتاجين في القرى والمناطق الفقيرة، حاليا الوضع اختلف بعد ارتفاع أسعار الحديد والأسمنت: " أصبح اللي بيتبرع لمكان واحد، بمثابة انجاز كبير". وأشار إلى أن الجمعية لازالت مستمرة في عملها ولكن أقل منذ ذي قبل، موضحًا: " بنحاول نجمع تبرعات من أهالينا وأصحابنا لتخطي الأزمة، لعدم الإخلال بالمسئولية تجاه المحتاجين". مطاوع: ارتفاع الأسعار نهش جيوب الجميع ومن جانبها قالت ولاء مطاوع، إحدى القائمات على تجميع أموال العرائس، إنها كانت تجمع أموال من المتبرعين من أجل تجهيز أكثر من عروسة طوال السنة، ومع ارتفاع أسعار مستلزمات "الجهاز"، أصبحت لا تسطتيع تجهيز أكثر من عروسة واحدة وبالكاد. وأكدت "مطاوع"، في تصريح ل"الفجر": " لو متبرع كان ناوي يتكفل بجهاز عروسة، بعد ارتفاع الأسعار الجديدة بيرجع في كلامه حتى الأجهزة الكهربائية لم يساعد بشراء أحدهما"، بالرغم من معرفتهم بأن هناك الكثير من الأسر المصرية لا تستطيع تجهيز بناتها، ويعيشون في فقر مدقع ولا يستطيعون على شراء معلقة واحدة من الجهاز إلا أن ارتفاع الأسعار نهش جيوب الجميع. كمال: الأحوال الاقتصادية أدت لتراجع المتبرعين وقالت نفين كمال، إحدى القائمات على التبرعات، إنها لا تتبع أي جمعية خيرية، بل تقوم هي وبعض أصدقائها ومعارفها بجمع تبرعات منفردين لسد حاجات المحتاجين خاصة المتعلقة بالأغطية "البطاطين"، مؤكدة أنه مع دخول فصل الشتاء هذا العام لم تجد الأعداد الكافية من المتبرعين الذين من المفترض أن يساهموا في شراء "البطاطين" لتوزيعها على المحتاجين مثلما يحدث كل عام، مرجعة سبب ذلك إلى الأحوال الاقتصادية التي تعاني بها البلاد. عيش للناس: لا يوجد فائض لدى المواطنين للتبرع وأوضحت حنان لطفي، أحد مؤسسي فريق"عيش للناس"، أن "التبرع بيبقى نسبة من دخل المواطن..اللي مزادش.. والفائض في مرتبهم قل.. والأدوية تقريبا سعرها اتضاعف ده لو لقيناها اصلا". وأشارت" لطفي"، في تصريح ل"الفجر"، أن أسعار دواء الألبيومين وصل إلى 575 بعدما كان ب200 جنيه، فصعب المتبرع يتبرع بأكثر من واحدة بعد الارتفاع الجنوني في سعر الأدوية.