نجم استثنائي اشتهر بتقديم الأدوار الصعبة في السينما والدراما، وعشق الوقوف أمام الكاميرا منذ نعومة أظافره، هو ممدوح عبدالعليم الذي عبر عن أحلامه وانكساراته من خلال أعمال فنية تركت بصمة واضحة في مشواره الفني، وحازت أدواره على إعجاب الجمهور الذي عايش شخصياته وتأثر بها حتى بعد رحيله عن عالمنا في الخامس من يناير عام 2016، تاركا ورائه فراغا كبيرا في قلوب محبيه وأصدقائه داخل الوسط الفني. يحل اليوم الخميس، الموافق 5 من يناير الجاري، الذكرى الأولى لوفاة النجم الكبير ممدوح عبدالعليم، وهو من مواليد محافظة المنوفية في 10 من نوفمبر عام 1956م وبدأ مشواره الفني وهو طفل في برامج الأطفال بالإذاعة والتلفزيون، وتتلمذ على يد المخرجة إنعام محمد علي، ثمَ على يد المخرج نور الدمرداش الذي رشحه لأول أدواره في الدراما أمام الفنانة كريمة مختار في مسلسل "الجنة العذراء". حصل "عبدالعليم" على البكالوريوس من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وكانت صور نادرة جمعته بأصدقاء الدراسة، تدوالها جمهوره عبر مواقع التواصل الاجتماعي "السوشيال ميديا" تنوعت أماكن تصويرها بين المدرج داخل الكلية وأخرى على كورنيش النيل وظهر خلالها الأصدقاء في حالة من الألفة والسعادة. أثبت "عبدالعليم" قدراته التمثيلية منذ بداياته، حيث كانت البداية الفنية له عام 1980م، وهو شاب في مسلسل "أصيلة" إلى جانب الفنانة كريمة مختار، ثم توالت أعماله التلفزيونية، وفي عام 1983م بدأ التمثيل في السينما في فيلم "العذراء والشعر الأبيض"، وحصل على جائزة أفضل وجه جديد عن فيلم "قهوة المواردي"، وعلى جائزة البطولة المطلقة في فيلم "الخادمة" من مهرجان الإسكندرية، وعلى جائزة أخرى عن دوره في فيلم "العذرا والشعر الأبيض". تزوج "عبدالعليم" مرة وزوجته هي الإعلامية شافكي المنيري، وهي أم ابنته الوحيدة "هنا"، وارتبط النجم الراحل بعلاقة قوية مع زوجته وابنته، استمرت حتى رحيله عن عالمنا، وقال "عبدالعليم" من خلال اللقاء التليفزيوني الأخير له، مع الإعلامية منى الشاذلي، في برنامج "معكم"، إنه تعرف على زوجته عن طريق دعوتها له ليكون أحد نجوم برنامجها التليفزيوني "أهلا بالعيد" في محطة ال إم بي سي، وتطورت علاقتهما العاطفية وتكللت بالزواج. وقال "عبدالعليم" إن الصدفة كانت السبب الرئيسي في تعرفه بزوجته الإعلامية شافكي المنيري، حيث جاءت دعوتها له في وقت انشغاله الشديد في تصوير آخر أجزاء مسلسله الشهير "ليالي الحلمية"، وكان يسابق الزمن من أجل الانتهاء من التصوير خلال أيام شهر رمضان، حيث تقرر عرض المسلسل، لكن ساقه القدر ليقبل دعوة من برنامج "أهلا بالعيد" عن طريق رسالة صوتية من مذيعته شافكي المنيري، على هاتفه ليكون هذا اللقاء هو بداية قصة حبهما الكبيرة. وعن علاقته بابنته الوحيدة "هنا"، قال "عبدالعليم" إنه ارتبط بعلاقة خاصة جدا مع ابنته، وكشف عن أحد أسراره وهو "رؤيا" شاهدها وهومستيقظ وجالسا على أحد المقاعد في شقته، أثناء فترة خطوبته من زوجته شافكي المنيري، حتى رأى ابنته تركض تجاهه وترتمي في أحضانه وتدخل في قلبه، مؤكدا أنها ظهرت له بنفس الشكل والملامح التي خلقت بها بعد ولادتها، وأيضا بملابس تواجدت عندها بعد ولادتها بثلاث سنوات، مؤكدا أنه لم يكن خيال قائلا: "أنا بنتي شوفتها ودي رؤيا وأنا صاحي مش نايم". قدم "عبدالعليم" الفيلم الكوميدي الاستعراضي "سمع هس" عام 1991م، وهو من إنتاجه، وشاركته البطولة فيه النجمة ليلى علوي، حيث جسد هو شخصية "حمص"، بينما جسدت "علوي" شخصية زوجته "حلاوة"، وهو من أنجح الأفلام في تاريخ السينما المصرية، وتعود قصة الفيلم إلى اتفاق حدث بين "عبدالعليم" ومؤلف الفيلم ماهر عواد، ومخرجه عمرو عرفة، على خوض مغامرة إنتاج الفيلم بعد رفض عدد من المنتجين قصته، على خلفية فشل المؤلف والمخرج في فيلمهما "الدرجة الثالثة" من بطولة الفنانين الراحلين أحمد زكي وسعاد حسني، حيث لم يستمر عرضه في دور السينما سوى ثلاثة أسابيع فقط. وبأداء عبقري من نوع السهل الممتنع، جسد "عبدالعليم" شخصية "رفيع بك" كبير عائلته في الصعيد، الذي يفني حياته من أجل الحفاظ على تاريخ أبائه وأجداده في حكم قريته، بينما يقع في حب أرملة شقيقه، التي تمنحه بعضا من الحب الذي افتقده في حياته، وفي تصريح غريب قال "عبدالعليم" إنه بالرغم من النجاح الكبير الذي حققه دوره في مسلسل "الضوء الشارد" لكنه كان أسهل الأدوار من حيث التنفيذ بالنسبة له، بالمقارنة بدوره الشهير في مسلسل "خالتي صفية والدير" الذي بذل فيه جهدا مضاعفا من حيث التمثيل، قائلا: "أنا اتفحت تمثيل في المسلسل ده"، ولم يحقق النجاح الذي حققه مسلسل "الضوء الشارد". "مبيعرفش يوجفها".. جملة شهيرة من فيلم "بطل من ورق" إنتاج عام 1988م، قالها "رامي قشوع" إحدى الشخصيات الاستثنائية التي قدمها ممدوح عبدالعليم في السينما، بلهجته القروية وأدائه الأقرب إلى الكوميديا، تمرد "عبدالعليم" على ملامحه الهادئة وأدائه الرزين بتقديم هذا الدور، وكشف النجم الراحل في تصريحات له أن هذا الدور لم يكن في البداية شخصية "فلاح"، مؤكدا أنه أضاف بعض التفاصيل على الشخصية حتى ظهرت بهذا الشكل، وشاركه بطولة الفيلم آثار الحكيم، وصلاح قابيل، وهو من إخراج نادر جلال. شارك الفنان الكبير ممدوح عبدالعليم في 5 أجزاء من المسلسل الشهير "ليالي الحلمية"، وجسد شخصية "علي البدري" ويعتبر من أبرز أدواره الفنية على الإطلاق، وتغيب عن المشاركة في الجزء الأخير من المسلسل، الذي تم عرضه في الموسم الرمضاني الماضي، بسبب وفاته وتم الاستعانة بالأمر نفسه خلال الأحداث، حيث أن رحيل "ممدوح عبدالعليم" غيّب "علي البدري" عن التواجد في الجزء السادس من ليالي الحلمية، والأجزاء الأولى من بطولة كوكبة كبير من نجوم الفن، من بينهم يحيى الفخراني، صلاح السعدني، صفية العمري، إلهام شاهين، هشام سليم، شريف منير، وحنان شوقي، وهو من إخراج إسماعيل عبدالحافظ، وأخرج الجزء الأخير مجدي أبو عميرة. لم يتمالك الفنان الراحل ممدوح عبدالعليم، دموعه في حواره التليفزيوني مع الإعلامي عمرو الليثي، في برنامج "بوضوح" المذاع عبر قناة الحياة الفضائية، عن الأحوال السياسية والأعمال الإرهابية التي عانت منها مصر منذ اندلاع ثورة 25 يناير عام 2011، مؤكدا أن هذا كان السبب الرئيسي في ابتعاده عن الساحة الفنية لفترة طويلة، مضيفا أنه كان يتألم مما يحدث لمبني الإذاعة والتليفزيون "ماسبيرو" لأنه تربى فيه. شارك "عبدالعليم" هو وزوجته الإعلامية شافكي المنيري، بالتواجد في ميدان التحرير مع المتظاهرين أثناء ثورة 25 يناير، كما أنه اشترك مع اللجان الشعبية التي كانت منتشرة في هذا الوقت، مؤكدا أنه كان ينزل إلى الشارع مع جيرانه ليقوموا بحماية المنازل من بطش البلطجية، ودعم "عبدالعليم" الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، وشارك الشعب المصري في ميدان التحرير في تفويض السيسي للقضاء على الإرهاب. توفى ممدوح عبدالعليم في 5 من يناير عام 2016، عن عمر يناهز ال60 عاما، أثناء ممارسته التمارين الرياضية بصالة جيم بنادي الجزيرة في القاهرة، بعد تعرضه لأزمة قلبية مفاجئة، وشهدت جنازته تواجد كبير من نجوم الفن، وودعه إلى مثواه الأخير عدد كبير من أصدقائه في الوسط الفني، وآخر أعماله كان مسلسل "السيدة الأولى" مع الفنانة غادة عدالرازق، والمخرج محمد بكير، وتم عرضه خلال شهر رمضان عام 2014.