ترصدها تقارير لجان «التقفيل» لم يفق الأقباط من حزنهم الشديد على شهداء الكنيسة البطرسية، حتى أصابهم الهم والحزن بعدما فوجئوا بأن الكنائس تعانى من أزمات مالية شديدة قبيل الاحتفال بعيد الميلاد المجيد، تحول دون حصول الفقراء منهم على "العيدية" التى ينتظرونها من الكنيسة بعد انتهاء قداس صلاة العيد. فقراء الأقباط أو كما يلقبون فى الكنيسة ب"أخوة الرب" ترتبط فرحة العيد لديهم بحصولهم على "العيدية" إما بشكل نقدى فى صورة أموال أو ملابس جديدة أو سلع تموينية مثل السمن البلدى واللحوم. ما يؤكد صعوبة الوضع المالى للكنائس، تقرير لجنة "التقفيل المالى" التى تتكون من عدة أفراد داخل كل كنيسة بينهم محاسب مالى، ومستشار قانونى، وتقوم فى شهر ديسمبر من كل عام بحصر حسابات الكنيسة وتخصيص نسبة منها، ليتم توزيعها على الفقراء فى عيد الميلاد المجيد. أسباب كثيرة تقف وراء الأزمات المالية التى تعانيها الكنائس منها الارتفاع الضخم فى حصيلة "حصة الفقراء من أموال الكنيسة"، حيث إن الكنيسة الواحدة مسئولة عن عدد كبير من الأسر غير القادرة ماديًا، كما أن الأسرة الواحدة تضم متوسط خمسة أفراد بالغين، إلى جانب أن سياسة التعامل مع الفقراء بالكنيسة فى الوقت الراهن، تفيد أن كل كنيسة مسئولة عن رعاياها تصرف عليهم من مواردها المادية والتبرعات التى تجمعها من أبنائها القادرين دون مساعدات خارجية إلا بالجهود الذاتية من كهنة الكنيسة. ما زاد من تفاقم الأزمات المالية التى تضرب الكنائس الأرثوذكسية حالياً، هو تجمد نشاط لجنة "البر"، وهى لجنة أسسها البابا الراحل شنودة الثالث، لرعاية غير القادرين مادياً، بصرف إعانات شهرية لهم. مصدر كنسى كشف عن أن هذه اللجنة توقف نشاطها منذ وفاة البابا شنودة، لافتاً إلى أنها كانت تعتمد على الدعم الخيرى من رجال الأعمال الأقباط الذين كانت تربطهم علاقة قوية بالبابا شنودة الثالث، وأشهرهم ثروت باسيلى. وأكد أن تجميد نشاط هذه اللجنة أثر على دور الكنيسة فى رعاية فقرائها، لا سيما بعد توقف رجال الأعمال عن التبرع لها، مضيفاً: " أغلب أثرياء الكنيسة كانوا يتبرعون لهذه اللجنة عشان خاطر عيون البابا شنودة، فأغلبهم كان مقرباً لشنودة". المقربون من البابا تواضروس، أبلغوه بأن حالة من الغضب والاستياء تسود صفوف الفقراء بسبب أنباء ترددت عن حرمانهم من "العيدية" نتيجة الأزمات المالية التى تمر بها الكنيسة، فأصدر البابا قراره بتعيين القس "بيشوى شارل" سكرتيراً خاصاً للرعاية الاجتماعية، وكلفه بتصميم قاعدة بيانات إلكترونية، تضم الفقراء والمحتاجين على مستوى الكنائس الأرثوذكسية، متضمنة الرقم القومى، والحالة الاجتماعية، والسيرة الذاتية. أكد المصدر أن لجنة الرعاية الاجتماعية بالمقر البابوى، تبنت مشروعا آخر يخص الجهة التعليمية يسمى "علم ابنك"، وهو خاص بدعم الطلاب غير القادرين ماديًا، فى إشارة إلى أن المشروع لم يفعل بشكل كامل على أرض الواقع. وبحسب كلام المصدر، فهناك بعض الكيانات التى تحاول تخفيف العبء على الكاتدرائية مثل المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى، الذى دشن مشروع "أتحبني" لحصر الأسر الأكثر فقراً، وتقديم الدعم لهم. وقال المصدر: لكى تثبت الكنيسة "الأرثوذكسية" عدم تخليها عن دعم الفقراء، فقد دعت الأسبوع الماضى "الست وديعة"، وهى أشهر فقراء كنائس الإسكندرية، والتى اشتهرت بإقامتها شبه الدائمة فى كاتدرائية الأقباط الأرثوذكس بالإسكندرية، لدرجة أن علاقتها توطدت بالبطريركين الراحل شنودة الثالث، والحالى تواضروس الثانى، حيث كانت تعتمد على "البركة" وهو مبلغ مالى تحصل عليه من القادرين ماديًا. وعن علاقة "وديعة" بالبطاركة خاصة البابا شنودة الثالث، قال الشماس ماركو مترى، وهو أحد خدام كنائس الإسكندرية، فى تصريح خاص ل"الفجر"، إن "وديعة" كانت تتواجد فى الكنيسة المرقسية بالإسكندرية منذ أن كان طفلًا صغيرًا، مما ترتب عليه وجود علاقة أبوة وبنوة بينها وبين البابا شنودة.