كثيرًا ما يوقفنا هذا المشهد الذي يغتال النيل، حيث أن البعض يردم أجزاء منه لإنشاء منازل على ضفافه أو كافتيريات، والبعض الآخر يردم أجزاء أخرى ليضمها لأرضه الزراعية أو يصطنع زراعات أخرى بداخله، حتى تفشت هذه الظاهرة ب"نيل سوهاج" من بدايته ربما حتى النهاية بمناطق متعددة. حيث استفحلت هذه الظاهرة التي من خلالها يتم ردم المجرى الملاحي للنيل بعشرات الأطنان من المخلفات بغرض الزراعة والبناء، والتي تم وضعها بكراكات وصنادل نهرية ولوادر وبلدوزرات، ووفرها المتعدون على هذا النيل، دون التدخل الأمني بأي من المناطق التي تشهد هذا التعدي الصارخ. كما أن هذا التعدي يأخذ صورًا كثيرة، ليس البناء على طرح النهر أو الردم في المجرى من أجل استغلال هذه المساحات للزراعات فقط، بل إنها تشمل إلقاء القمامة على شاطئيه، ناهيك عن الصرف الصناعي والصحي، حتى تحول هذا النيل من هبة للحياة إلى طريق للموت. ويتعدى أصحاب النفوذ والشخصيات العامة، خاصة أصحاب الفنادق والمطاعم والأندية والمراسي النيلية، التي تقع على شاطئ النيل داخل المحافظة، حيث تستغل ذلك بالتعدي على النيل لمسافات بداخله، كما يلقي بعض المواطنين مخلفات الصرف الصحي أو التخلص من الطيور والحيوانات النافقة بداخله ليلًا خاصة داخل القرى. رصدت "الفجر" آراء عدد من مواطني المحافظة بمناطق مختلفة، وقال "وائل ماهر" من منطقة دار السلام، كيف يحق لنا ونحن الآن في القرن الواحد والعشرين بعد أن دخلنا في مرحلة الفقر المائي أن نردم هذا النيل ونقتل شريان الحياة، مشيرًا إلى أن هناك عملية ردم منظم لنهر النيل تتم في سوهاج، وبأجهزة متطورة جدًا بعدد مهول منها، تحت مرأى ومسمع الجميع. وأوضح "طارق يونس" أحد أهالي الأحايوة، أن المواطنين يواصلون التعدي على النيل دون أن يوقفهم أحد، حيث أقاموا المباني العشوائية على ضفافه والزراعات بداخله، مما أدى إلى حجب رؤية النهر في بعض المناطق، مطالبًا المسؤولين بضرورة إزالة هذه التعديات التي تتم من الداخل قبل الخارج، وتشديد العقوبة على المخالفين لردعهم وعودة الصورة الحضارية للنيل مجددًا. وأضاف أحد أهالي العسيرات، أن المواطنين يردمون أجزاء كبيرة من النيل ثم يبيعونها لغيرهم بأثمان باهظة ليقيموا عليها المساكن والمشروعات الصناعية المختلفة، حتى بلغ التعدي أقصاه وضاق من الجانبين، وأصبح مهددًا بالانسداد والانغلاق في بعض المناطق، ليتحول إلى ترع كبيرة في مناطق أخرى. من جانب آخر، يسعى أعضاء مجلس النواب إلى تجريم العقوبة للمعتدين على هذا النيل، بعد أن أعلن عددًا منهم أن هناك أكثر من قانون يخص هذا الشأن تقدموا به ل"عبد العال"، مؤكدين على مناقشتهم خلال الفترة المقبلة للمفاضلة بينهم، مشيرين إلى أن من يتعدى أن من يعتدى على النيل خائن لوطنه ويستحق تشديد العقوبة عليه.