نكشف الدور الخفى ل«طبيب الأسنان» الداعشى فى استهداف السيسى ■ عقل واحد دبر للعمليتين.. وغموض حول دور الأمن السعودى فى كشف «محاولة الاغتيال» أثناء العمرة بشكل رسمى، ووفقاً لبيان من النائب العام، فإن الرئيس عبدالفتاح السيسى قد تعرض لمحاولتى اغتيال فاشلتين، كل منهما تتفوق على الأخرى فى حساسيتها وملابساتها الشائكة، وألغازها التى لم تتكشف بعد . المحاولة الأولى تمت على أراضى المملكة العربية السعودية وتم التخطيط لها خلال أدائه مناسك العمرة فى أغسطس 2014بصحبة ولى العهد السعودى الأمير محمد بن نايف، والثانية داخل الحدود المصرية بتخطيط من خلية تضم 6 ضباط شرطة وطبيب أسنان، وتحمل المحاولتان توقيع تنظيم «داعش» أو «ولايته» فى مصر. وذلك فى سياق مجموعة من الوقائع المتشابكة، التى تطرح بدورها طوفانا من التساؤلات الدقيقة بشأن خصوصية كل عملية، واحتمالية الارتباط أو التنسيق المشترك بين العمليتين، وكذلك الفرق بينهما، وتبعية كل خلية من «الخليتين» لأى من فروع داعش فى مصر أو المملكة العربية السعودية. 1- حزام «نسائى» ناسف لاغتيال الرئيس وفقاً لنصوص التحقيقات فإن محاولة اغتيال الرئيس السيسى وولى العهد السعودى الأمير محمد بن نايف، تمت بواسطة خلية إرهابية من المصريين المقيمين فى السعودية يقودها أحمد عبدالعال بيومى، بأوامر من آخر هو سعيد عبدالحافظ أحمد عبد الحافظ، وتضم كلا من باسم حسين محمد حسين ومحمود جابر محمود على «عاملين بفندق سويس أوتيل ببرج الساعة بمكةالمكرمة. كما كشفت التحقيقات عن المفاجأة الأكثر إثارة فى العملية وهى الاستعانة بالدكتورة ميرفت زوجة المتهم أحمد بيومى «قائد الخلية الإرهابية»، حيث عرضت أن تقوم بارتداء حزام ناسف وتفجير نفسها لتشغل قوات الأمن، فيما يتمكن باقى أعضاء الخلية من تنفيذ عملية اغتيال السيسى ونايف، اعتمادا على عدم إقدام قوات الأمن على تفتيش السيدات. وذلك وفقاً ل»الكتالوج الداعشى» الأكثر شيوعاً الآن فى الاعتماد على الانتحاريات الداعشيات، كأحد أقوى أسلحة التنظيم فى تنفيذ العمليات الإرهابية حول العالم، وأيضاً مع تصاعد ظاهرة «الإرهاب النسائى» فى البيئة السعودية، وكذلك تزايد أعداد النساء المقبوض عليهن هناك مؤخراً بتهمة الانضمام إلى تنظيم «الدولة الإسلامية/ داعش». وعند تلك النقطة يبرز السؤال الأهم حول هوية منفذى محاولة الاغتيال الفاشلة فى المملكة العربية السعودية.. وما إذا كانت العملية بهدف إرهابى «محلى» يخص مصر واستهداف شخص رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى، وينفذه أعضاء ينتمون ل»التنظيم المصرى» هناك؟ .. أم أن العملية هى عملية إرهابية ل»داعش» كتنظيم إقليمى «مركزى»، خططت لها عناصر تابعة للتنظيم ومتواجدة فى السعودية، وكون هذه العناصر مصرية الجنسية هو من قبيل الصدفة فقط؟! 2- محمد بن نايف.. كلمة السر من جانبه، يتفق الباحث فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أحمد كامل البحيرى مع الطرح الثانى، ويدفع فى ذلك بأن الهدف من محاولة الاغتيال فى المملكة العربية السعودية، هو هدف «مزدوج» لم يكن يقتصر على الدوافع الإرهابية المحلية لاستهداف الرئيس عبدالفتاح السيسى فقط، ولكن تجاوز ذلك لاستهداف ولى العهد السعودى الأمير محمد بن نايف أيضاً، وهو بدوره هدف أصيل لدى داعش كتنظيم مركزى إقليمى وهدف لعناصره فى السعودية على وجه التحديد . هذا الطرح يدعمه أن ولى العهد السعودى هو هدف رئيسى بالأساس للتنظيمات الإرهابية، نظراً لسياساته الأمنية المعلنة تجاه تلك التنظيمات، والتى نجحت فعلياً فى الحد من المد الإرهابى فى المملكة، وكذلك لتعاونه مع مصر والولايات المتحدةالأمريكية فيما يخص استراتيجيات محاربة الإرهاب. علماً بأن نايف قد سبق أن تعرض قبل ذلك ل7محاولات اغتيال، كانت أشهرها فى منزله بجدة عام 2009 أثناء عمله كمساعد لوزير الداخلية. 3- من السعودية إلى الكويت.. «خلايا مصرية» فى خدمة «داعش» فى كل الأحوال فإن رؤية البحيرى هى رؤية جديرة بالاهتمام، خاصة مع الوضع فى الاعتبار ملابسات اكتشاف «خلية داعش المصرية فى الكويت»، فى أكتوبر الماضى، والتى ضمت 5 إرهابيين مصريين بينهم إمام مسجد واستهدفت عسكريين أمريكيين هناك، وهو ما قد يدفع أيضا بفتح ملف «خلايا الدواعش المصريين» فى الخارج، التى تتولى تنفيذ عمليات ل»داعش» تبتعد عن الأهداف الإرهابية المحلية فى مصر. 4- بصمة الأمن السعودى ولم يستبعد الباحث السياسى كذلك ضلوع الأمن السعودى بدوره، فى كشف خلية الدواعش المصريين فى السعودية، والتى خططت لاغتيال الرئيس وولى العهد السعودى، فيما يرجح أن يكون الجانب السعودى على علم كامل بالتحقيقات فى هذه القضية، وتحديداً بالنسبة للجانب الذى يتعلق بعملية الاستهداف على الأراضى السعودية. خاصة أنه لم يتم الإعلان رسميا حتى الآن عن مكان إلقاء القبض على المخططين لعملية الاغتيال وعن ما إذا كان ذلك قد تم فى مصر أو فى المملكة العربية السعودية، ومع الملاحظة أيضاً بأن الأمن السعودى قد أعلن عن اكتشافه لأكثر من خلية تابعة لتنظيم داعش فى نفس توقيت أداء الرئيس السيسى للعمرة فى 2014. 5- لغز طبيب الأسنان من ناحية أخرى وفى المسافة بين عمليتى اغتيال الرئيس السيسى فى مكةوالقاهرة، يظهر الاسم الأكثر غموضاً .. طبيب الأسنان على إبراهيم حسن محمد، صاحب الدور المركزى فى كلتا العمليتين . فوفقا لبيان النائب العام، كان على إبراهيم، على علم كامل بمخطط الاغتيال فى السعودية، بل واعترف أيضا فى التحقيقات بكل تفاصيل العملية هناك، وفى ذات الوقت، ووفقاً لبيان النائب العام أيضاً، فإن على إبراهيم، هو نفسه قائد خلية الضباط الذين خططوا لمحاولة اغتيال الرئيس السيسى فى القاهرة، والمدنى الوحيد فيها! وتولى قيادتها بعد وفاة مؤسسها الضابط محمد السيد الباكوتشى، بعضوية الضباط محمد جمال الدين عبد العزيز، وخيرت سامى عبد المجيد محمود السبكى، وعصام محمد السيد على العنانى، وإسلام وسام أحمد حسنين، وحنفى جمال محمود سليمان، وكريم محمد حمدى محمد حمزة. وهو قبل ذلك كله المنظّر الفكرى ل»تنظيم الضباط»، عندما قرر الباكوتشى إعداد برنامجا تدريبيا لعناصره قائم على محورين أحدهما عسكرى والآخر فكرى يعتمد على الأفكار التكفيرية فى المقرات التنظيمية بقيادة على إبراهيم حسن بمدينة الشروق. وكانت إشارة البدء فى التخطيط لاستهداف الرئيس عبدالفتاح السيسى أثناء مروره بأى طريق عام أثناء تعيينهم ضمن الخدمات الأمنية المشاركة فى تأمينه بصفتهم ضباط أمن مركزى، وكذلك لاستهداف وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم بصفته من أصدر قرارا بفض اعتصام رابعة. وكان يجتمع كثيرا بضباط الأمن المركزى فى القطاع، وأيضاً اللواء مدحت المنشاوى مساعد وزير الداخلية للأمن المركزى سابقا بصفته من المسئولين عن فض «اعتصام رابعة»، حيث كان أحد أعضاء الخلية المتهم حنفى جمال محمود أحد أفراد طاقم حراسته الشخصية . وفى هذا السياق يرى الباحث كامل البحيرى أن تنظيم الضباط قد بدأ فى التخطيط لاغتيال السيسى قبل تنصيبه رئيساً للجمهورية، وفور فض اعتصام رابعة العدوية مباشرة. 6- قائد خلية الاغتيال نجم مؤتمرات حزب النور علماً بأنها المرة الثانية التى يظهر فيها اسم محمد السيد الباكوتشى «مؤسس خلية محاولة اغتيال الرئيس» بعد أن كان نجم نجوم المؤتمرات الجماهيرية ل»الضباط الملتحين» فى كفر الشيخ وسوهاج 2013، برعاية حزب النور والدعوة السلفية، والتى كان يعلن فيها هويته السلفية وتأثره بأبو إسحاق الحوينى. 7- شبح «مذبحة حلوان» فى محاولة اغتيال الرئيس وهى المرة الثانية أيضا التى يظهر فيها أسماء أعضاء تلك الخلية، بعد تسريب أسماء أربعة منهم فى مايو الماضى، هم خيرت سامى عبدالمجيد ومحمد جمال عبدالعزيز وإسلام وئام أحمد وحنفى جمال محمد، فى أعقاب مذبحة حلوان التى أسفرت عن مقتل 8 من عناصر القوة الأمنية بينهم ضابط شرطة. وكانت مصادر أمنية قد كشفت وقتها عن الشكوك حول تورطهم فى المذبحة ولو على الأقل بالوشاية وتسريب المعلومات حول مواعيد خروج وخط سير القوة الأمنية، وذلك بعد انقطاعهم عن العمل قبلها بأيام، وعلى ذلك فقد قام قطاع الأمن الوطنى بتعميم بيان تحذير بعنوان «هام جداً»، ورد فيه أسماؤهم وبياناتهم وصورهم الشخصية . 8- جواسيس داعش فى الداخلية نفس السيناريو سبق أن تكرر فى عملية اغتيال المقدم محمد مبروك شاهد الإثبات فى قضية هروب الرئيس الإخوانى محمد مرسى من سجن وادى النطرون، حيث كشفت التحقيقات بعد ذلك أن زميلاً له ضابطاً بالمرور يدعى المقدم محمد عويس، هو من وشى به وبخط سيره، وقدم المعلومات اللازمة للتنظيم لتنفيذ عملية الاغتيال. بخلاف الوقائع التى أثبتتها التحقيقات أكثر من مرة حول حالات الرشاوى المتكررة من التنظيمات الإرهابية لأمناء الشرطة بهدف شراء المعلومات اللازمة لتنفيذ العمليات الإرهابية فى العريش وغيرها. ما حدث يعنى أن فجاجة «الاختراق الأمنى» من جانب التنظيمات الإرهابية للمؤسسات الأمنية، قد تجاوز كل تصور، وأن تنظيم «داعش» أصبح يحقق سياسته التى يطلق عليها» «زرع الجواسيس الأمنيين» كجزء أصيل من استراتيجية «إدارة التوحش»، سواء بتجنيد صغار الرتب من الضباط «الموجودين فى الخدمة» أو حتى شراء المعلومات إن لزم الأمر، بنجاح منقطع النظير، وبشكل أصبح ينذر بسيناريوهات أكثر رعباً.