أصبحت محافظة الإسكندرية، خلال الأعوام الماضية تعاني من إهمال كبير في التراث المعماري، وتحولت المحافظة الساحلية إلى دمامة وعشوائية وانفلات وعي من قبل بعض أصحاب النفوذ الذين لا يعطون أي قيمة لتراث الإسكندرية، وأصبح الحصول على الأموال أي كانت مصدرها هو مبتغاهم الأول. - فساد تراثي وتشويه عمراني فتحولت الإسكندرية إلى نموذج يحتذى به في كمية الفساد التراثي والتشويه العمراني، وأصبح الجميع ينظر إليها على أنها بين "شاطين ومياه" كما عبرت عنها "فيروز" في أغانيها، دون إدراك كامل أن الإسكندرية كانت تمتاز بمعالمها التراثية والآثرية والأبنية المعمارية، التي بنيت على أيدي مهندسين إيطالين ويونانيين، إضافة إلى بعض الجالية اليهودية التي كانت تتواجد بها في فترة من الفترات. غضب عارم بين السكندريين وإدراك كامل لأهمية الموقف، وتجاهل تام للمسؤولين التنفيذين، فأصبح لا يهم السكندريين إذا أصبحوا يروا المسؤولين الذين توالوا على المحافظة غير مدركين لأهمية هذا التراث، وذلك رغمًا عن حدوث أعمال الهدم لقصر أو فيلا أو أي من التراث المعماري القديم من حين إلى آخر بالإسكندرية. - فيلا " شيكوريل" تتحول لأكوام من الحجارة في أرقى منطقة بالإسكندرية كما تحولت في أوقات كثيرة الأماكن التي تم هدمها إلى أكوام من الحجارة أو مكانًا لتجميع المخلفات أو وقوف عدد من البلطجية بداخلها، والتعدي على أي مواطن الذي يبدون فقط، واعتراضهم على أعمال هدم المباني التراثية أو تصوير أعمال الهدم، وكان آخرها فيلا "شيكوريل" الآثرية والتي تقع في منطقة "رشدي" أرقى مناطق الإسكندرية، المكان المميز الذي أصبح غاية أصحاب النفوذ لهدم الفيلا والخروج بها كعمارة مثل آلاف العمارات "ناطحات السحاب" في أحياء المحافظة. - ما لا تعرفه عن فيلا " شيكوريل" وتعود ملكية فيلا "شيكوريل" إلى الثري اليهودي الذي سميت باسمه، والذي تم بناءه عام 1930م على تراث "art deco"، وبعد صدور قوانين التأميم من قبل الرئيس جمال عبد الناصر، في خمسينيات وسيتينيات القرن الماضي، تم إنزاع ملكية "الفيلا" لتصبح مقرًا تابعًا لرئاسة الجمهورية، حتى انتقلت تبعيتها بعد ذلك إلى الشركة العربية للملاحة البحرية، حتى تم تهمشيها من حين إلى آخر وأصبحت معرضة للانهيار من كثرة أعمال الهدم بها. ما أدى إلى إحداث حالة حالة الغضب العارم بين السكندريين، حتى جاء قرار إدرجاها في قائمة حفظ التراث برقم 278 لعام 2008م، وهو القرار الذي لم يغير شيئًا حتى هذه اللحظة، وأصبحت أعمال الهدم ل"الفيلا التراثية" مستمرة، وأصبحت الأهالي يشاهدون في غضب من حين إلى آخر هدم أجزاء من الفيلا. - مواطن يروي تاريخ " شيكوريل" وقال "محمد إبراهيم جبر - 63 عامًا" أحد مواطني الإسكندرية، إنه أصبح يوميًا يستيقظ على خبر هدم فيلا أو قصر تاريخي بالإسكندرية، والمحافظة التاريخية التي يشهد عليها علماء وآثريين والمعماريين في العالم أجمع، مشيرًا إلى أنه أصبح يبكي على الوضع الذي يراه من أعمال هدم وإهمال للآثار. وأضاف "جبر" - ل"الفجر" أنه لا يتمنى أن يعيش هذه اللحظة، وحضر مع أجداده ووالده، والذين كانوا يأخذونه من أيده والسير قدمًا في معالم "جليم والشاطبي ومحطة الرمل والمنشية" والمحافظة بأكملها من شرقها لغربها، حتى نتعب من كثرة السير ليركب ترام المحافظة، الذي كان يشبه "ترام الخواجات" ويمر في جميع مناطق الإسكندرية. وأضاف "جبر" أن فيلا "شيكوريل" كانت مقصد لجميع السياح والخواجات من خارج مصر، لأنها بنيت بطراز معماري جذب انتباه العالم أجمع، وكانت الصحف والمجالات العالمية ترسل صحفييها خصيصًا لتصويرها، فهي بنيت على أيدي الخواجة "شيكوريل" اليهودي، نظرًا إلى أن المحافظة كانت تعيش بها العديد من الجاليات وخاصة إيان فترة الملك "فاروق". وأشار "جبر" إلى أن مع الوقت تحولت الفيلا إلى مقرًا تابع لرئاسة الجمهورية، عقب ثورة 1952م، ولم يتم استغلالها بشكل جيد، ولكن أصبحت دورها منعدم وأصبحت مهجورة حتى أصبحت تابعة لجامعة الدول العربية، ويعقد بها لقاءات واجتماعات حتى حصلت عليها إحدى الشركات وأصبحت تابعة لمقاول، مضيفًا أنه حدثت كارثة هدم الفيلا من حين إلى آخر، ولولا شجاعة السكندريين لما كان تبقى من الفيلا التراثية جزء بسيط حتى الآن. - جمعية أهلية تشتري فيلا "شيكوريل" وأوضح الدكتور - محمد عوض - رئيس لجنة حماية التراث بالإسكندرية، أن فيلا "شيكوريل" التي بنيت عام 1930، تعرضت إلى أعمال تشويه وهدم مخالف للقانون، لافتًا إلى أن جمعية أهلية قامت بشراء الفيلا من شركة الملاحة البحرية، ورفعت دعوى أمام القضاء الإداري لإخراج الفيلا من قائمة التراث، إلى أن الحكم النهائي لم يصدر بعد حتى هذه اللحظة.