فضيحة جديدة فى التموين ■ المتهمون أعادوا تشغيل مليون بطاقة تم الإبلاغ عن سرقتها لحسابهم الخاص.. وتقارير سرية للرقابة الإدارية أكدت الواقعة ■ مصدر ب«التموين»: الوزير مرعوب من الإطاحة به فى بداية إطلاق مشروع البطاقات الذكية، أكدت وزارة التموين والتجارة الداخلية أن التجربة هدفها خدمة الفقراء والغلابة، ووصول الدعم إلى مستحقيه، إلا أن الوزير خالد حنفى لم يكن يعلم أن هذا المشروع سيكون بوابة لسرقة "قوت الغلابة" بكل سهولة من قبل مسئولين بالوزارة. ما ذكرناه ليس ادعاء أو أقاويل، بل واقعة حقيقية تجسدها فضيحة مدوية داخل أروقة التموين، فلا يكاد يمر سوى أسبوعين على قضية فساد "صوامع القمح" التى زلزلت الوزارة منذ أسبوعين والمتورط فيها مسئولون كبار وقيادات بالوزارة بتهمة التلاعب بكميات القمح، وسرقتها وبيع كميات منها لحسابهم الخاص، حتى ظهرت فضيحة أخرى متورط فيها مدير شركة "سمارت" للبطاقات الذكية" وآخرون. مدير عام العمليات والشئون المالية بشركة سمارت، وكذلك مدير تكنولوجيا المعلومات وشئون العاملين بذات الشركة، لم تؤثر فيهما آهات وأوجاع الغلابة الذين ينتظرون فى طوابير طويلة للحصول على بطاقاتهم التموينية من أجل قوت يومهم، بل استحلا سرقتهم، بعدما أوهموا مجموعة من المواطنين بضياع بطاقاتهم التموينية، وتمكنا من تشغيل مليون بطاقة لحسابهما الخاص مع المتهم الآخر، وتربحوا من ورائها نحو 600 مليون جنيه من قوت الغلابة. تعود تفاصيل الواقعة إلى أن 16 مواطناً تقدموا ببلاغات إلى النيابة العامة، باستيلاء شركة "سمارت" على بطاقات التموين الذكية الخاصة بهم، بالإضافة لقيامهم بزيادة الدعم المخصص ل3 آلاف بطاقة على غير الحقيقة بدون وجود مستند قانونى. ما دفع الرقابة الإدارية ومباحث التموين لإجراء تحريات حول الواقعة، فتبين لهما أن المتهمين قاما بإعادة تشغيل مليون بطاقة ذكية، كان قد تم الإبلاغ عن سرقتها وكانت موقوفة "قائمة سوداء" بالمخالفة للعقد المبرم بين الشركة ووزارة التنمية الإدارية فى هذا الشأن متربحين من وراء ذلك أموالا طائلة، ما تسبب فى الإضرار بالمال العام. وأن المتهمين قاما بعمل بدل فاقد لبطاقات أبلغ المواطنون بسرقتها أو فقدانها دون علمهم للقيام بصرف السلع المدعمة والتحصل على قيمتها، حيث تبين أن المبالغ المتحصل عليها جراء تشغيل البطاقات المسروقة 600 مليون جنيه. التقارير السرية للرقابة الإدارية كشفت عن زيادة حجم إهدار المال العام، على خلفية إسناد البطاقات الذكية لصرف السلع والمواد التموينية للمواطنين المسجلين بجداول التموين إلى شركة "سمارت" فى إطار ميكنة صرف السلع التموينية. وأشارت التحريات إلى أن المتهمين تمكنوا من ارتكاب فعلتهم، بعد اختراقهم "سيستم" الشركة والرقم الكودى للبطاقة الذكية بمساعدة موظفين بمديريات التموين وبقالين متخصصين فى جمع البطاقات الورقية وتسليمها للشركة لتحويلها إلى بطاقات ذكية. وبحسب التحريات، فإن هؤلاء المتهمين تمكنوا من سرقة الدعم التموينى بعد الاستيلاء على بطاقات المواطنين والتلاعب بها، وعليه أبلغ اللواء حسنى زكى مساعد وزير الداخلية ومدير الإدارة العامة لمباحث التموين، قسم شرطة العجوزة، ليتم القبض عليهم، وإحالتهم إلى نيابة العجوزة التى قررت حبسهم 4 أيام على ذمة التحقيقات ومنعهم من السفر. وأكد اللواء أشرف محمود وكيل الإدارة العامة لمباحث التموين، أن الوقائع التى أحالتها الإدارة للنيابة تثبت التلاعب فى أموال الدعم، والتى قد تصل إلى مليار جنيه، خاصة مع كشف وقائع فساد أخرى، منذ إسناد عملية تحويل الكروت الذكية لشركة "سمارت" بصفتها الشركة الرئيسية، وتتبعها شركتا "ايفيت" و"فيروست داتا". وقال وكيل إدارة مباحث التموين: إن التحقيقات لا تزال مستمرة مع المتهمين، وتشير إلى ضلوعهما فى قضايا فساد أخرى، مشيراً إلى أن الإدارة لن تصمت عن أى واقعة فساد مهما كان مرتكبها. فى سياق متصل، استدعت النيابة العامة 5 آخرين من كبار المسئولين بشركة "سمارت" للتحقيق معهم، وهم العضو المنتدب للشركة ومدير الشركة الإدارى والمدير العام للشئون المالية ومدير عام العمليات بالشركة ومهندس التطوير الإلكترونى ايضا، وذلك بعد ساعات من بدء عمل اللجنة التى شكلتها النيابة من مباحث التموين والإدارة المركزية للمعلومات بوزارة التموين لبيان كشف الأموال المستولى عليها. وخلال التحقيق مع المتهمين الخمسة الجدد أكد العضو المنتدب ومدير الشئون المالية والمدير المالى أن وزارة التموين ألحت على الشركة يوم 25 مايو الماضى بتفعيل وتشغيل البطاقات الموجودة لدى "البلاك ليست" بالشركة، ولكن لم تخطرنا بأمر ورقى مكتوب وهو ما رفضته الشركة. وخلال تلك الأيام فوجئنا بقيادات بالوزارة تطالبنا بتفعيل عمل البطاقات للتيسير على المواطنين بمناسبة حلول شهر رمضان وحصولهم على الدعم المخصص لهم، لكن الشركة للمرة الثانية طالبت الوزارة بخطاب رسمى يفيد بعملية التشغيل لتلك البطاقات المتوقفة. وقدم المتهمون وعلى رأسهم العضو المنتدب للنيابة العامة خطابا رسميا من اثنين من قيادات وزارة التموين هما المهندس أحمد مهدى سليمان رئيس الإدارة المركزية للاتفاقيات الدولية، وكذلك رئيس الإدارة المركزية لقطاع الرقابة والتوزيع، يفيد بطلبهم تشغيل القائمة السوداء للتيسير على المواطنين خلال شهر رمضان، وتنفيذ ذلك وهو ما فعلته الشركة بعد استلامها الخطاب. فيما أمرت النيابة بعد مواجهة المتهمين الخمسة بالتهم الموجهة إليهم، بحصول بعضهم على 9 ملايين جنيه نتيجة التربح من تشغيل آلاف البطاقات المتوقفة، والتربح الوظيفى من عملهم بالمخالفة للقانون والاستيلاء على المال العام بحبسهم 15 يوماً على ذمة التحقيقات. مصدر من داخل وزارة التموين، قال ل"الفجر" إن الوزير خالد حنفى يعيش فى حالة شديدة من القلق، خاصة أنه يتخوف من الإطاحة به من منصبه، من منطلق أنه صاحب قرار إسناد ميكنة البطاقات الورقية إلى شركة "سمارت"، مضيفاً: أن حنفى أعلن الحرب على الفساد داخل أروقة الوزارة. وأضاف المصدر: لا حديث داخل الوزارة سوى عن فضيحتى صوامع القمح، وشركة سمارت التى تسببت فى إهدار أموال الدعم.