يقودون «مجلس حرب» جديدا ل«القاعدة» فى مواجهة «الروس» للمرة الأولى منذ اختفائه الغامض من سيناء فى أعقاب انشقاق تنظيم «أنصار بيت المقدس» عن القاعدة ومبايعته لداعش، ظهر أحمد سلامة مبروك، فى أحد أحدث الإصدارات الإعلامية المصورة، لفرع تنظيم القاعدة فى سوريا «جبهة النصرة» بعنوان «ورثة المجد2» فى مارس الماضى، يهاجم «الديمقراطية» وينتقد وصول كل من الرئيس السيسى للحكم فى مصر، والقايد باجى السبسى فى تونس ويدعو إلى «الجهاد» ضدهما. ليكتشف الجميع بعدها أن القيادى «التاريخى» فى تنظيمى «الجهاد»، ثم «القاعدة» ومؤسس «أنصار بيت المقدس» أيضا، المعروف بأبو الفرج المصرى، موجود بالفعل داخل الأراضى السورية، كأحد القيادات الفعلية ل«جبهة النصرة»، وكعضو فى مجلس شورى التنظيم بها. فيما تجسدت المفاجأة الحقيقية بعد ذلك، فى الدور»الأخطر» والمتصاعد، الذى اتضح أن قيادى القاعدة العجوز أصبح يلعب الآن فى رسم سياسات أقوى فروع التنظيم فى المنطقة الآن، ووضع استراتيجيته على الأرض. وذلك ضمن «موجة هجرة جديدة» تضم بالإضافة إلى مبروك، مجموعة من «الطيور المهاجرة « من نجوم الصف الأول التاريخيين، ومن القادة المخضرمين لتنظيم القاعدة الأم، ممن أداروه فى فترة «العنفوان» فى الثمانينيات والتسعينيات، ثم عادوا للظهور الآن، بعد أن اتخذوا من ذراعه الشامية «جبهة النصرة»، قبلةً لهم، ومركز قيادة جديدا، يعيد بامتياز إنتاج الحرب الأفغانية، فى طبعتها السورية الجديدة، حيث قررت القاعدة - على ما يبدو - أن تخوضها بنفس الوجوه والقيادات القديمة أيضاً، ضد نفس العدو الروسى «الملحد». ويؤدى تدخل القوات الروسية، وضربات التحالف الدولى فى سوريا إلى دفع عدد كبير من المسلحين إلى أحضان تنظيم القاعدة والجماعات الجهادية الكبرى، وخلق مناخ للتواصل بين أجيال من الإرهابيين هناك، بالتوازى مع دعاية قاعدية فى الأوساط الجهادية والمنافذ الإلكترونية العالمية للتنظيم، ترتكز على الانضمام لجبهة النصرة لاستعادة أمجاد أسامة بن لادن ورفاقه، بالقتال ضد نفس العدو الروسى «الكافر» القديم وقواته العسكرية، وضد النظام السورى، وحليفه الإيرانى وتدخله فى المنطقة، فضلًا عن تصوير الصراع فى سوريا وتسويقه على أنه حرب على الإسلام تستدعى استنفار الرجال، كما يروج الآن عاصم عبد الماجد، قيادى الجماعة الإسلامية الهارب فى قطر. ولم يتوان أيمن الظواهرى، زعيم تنظيم القاعدة، الدعوة صريحة فى تسجيل صوتى، يدعو فيه المتشددين فى أنحاء العالم إلى الانضمام إلى جبهة النصرة فى سوريا، والتوحد فى جبهة واحدة هى الذراع الشامية للقاعدة هناك، غير أن مساعى تنظيم القاعدة لم تقف عند الدعوات والتسجيلات الصوتية، حيث كان أيمن الظواهرى قد بدأ فعلياً بالدفع بأخطر رفاقه ومعاونيه القدامى فى الداخل السورى، كقيادات ل»جبهة النصرة»، تقودها وتحدد استراتيجيتها فى مرحلة «الأفغنة» الجديدة. وظهرت فى هذه اللحظة داخل النسيج التنظيمى للجبهة، أسماء بأهمية أبومصعب السورى - فى سياق أنباء عن إفراج نظام بشار الأسد عنه- وكذلك «أبو الفرج المصرى «، أحمد سلامة مبروك، المعروف بقربه الشديد من الظواهرى، وولائه التام له، حيث تشاركا فى تأسيس نواة تنظيم الجهاد فى مصر، فى السبعينيات، وحكم عليه ب7 سنوات فى قضية تنظيم الجهاد الكبرى 1981. وبعد سفره إلى أفغانستان، أشرف مبروك والظواهرى على تدريب المقاتلين المصريين فى المعسكرات هناك، وسافر معه إلى السودان والشيشان، ثم أصبح له الدور الأخطر فى التنسيق لعمليات القاعدة خارج أفغانستان، وترأس لجنة التنظيم ب»الجهاد» التى وقفت خلف محاولات تنظيم اغتيال عدد من المسئولين المصريين . كما تولى أحمد سلامة مبروك منصب زعيم خلية القاعدة فى أذربيجان، وهناك نجحت ال»سى .آى . إيه» فى إلقاء القبض عليه سنة 1999، حيث اعتبر جهاز الكمبيوتر الخاص به «حجر رشيد» للقاعدة، نجحت من خلاله المخابرات الأمريكية فى فك طلاسم التنظيم باكتشاف والقبض على أهم عناصر التنظيم آنذاك فى السودان واليمن والكويت وجنوب إفريقيا. وبعد ترحيله إلى مصر ليقضى عقوبة المؤبد على ذمة قضية «العائدون من ألبانيا»، لم يخرج مبروك من السجن إلا بعفو رئاسى أصدره بحقه الرئيس الإخوانى محمد مرسى بعد توليه الحكم، حيث اتجه بعدها إلى سيناء وبدأ مساعيه فى دمج تنظيمات «التوحيد والجهاد» وعدد من تنظيمات السلفية الجهادية الصغيرة هناك، تحت راية تنظيم أنصار بيت المقدس الذى حظى برعاية مبروك واهتمامه، إلى أن حدث الشقاق بعد قرار قيادات التنظيم بمبايعة «داعش» والتنكر لبيعة تنظيم «القاعدة» حيث اختفى من مصر، قبل أن يظهر بعد ذلك ضمن أعضاء «مجلس الحرب» الذى انتدبه الظواهرى لقيادة جبهة النصرة فى سوريا. «مجلس حرب» الظواهرى من القيادات المصرية التاريخية للقاعدة، الذين سبق أن التفوا حول أسامة بن لادن زعيم القاعدة السابق، قبل أن يتوارى نفوذ العنصر المصرى لصالح غيره من الجنسيات داخل تنظيم القاعدة، ضم بخلاف أحمد سلامة مبروك، قيادى القاعدة التاريخى أيضا وهو رفاعى طه «أبوياسر»، مؤسس معسكر «خلدن» الشهير فى أفغانستان لتدريب المقاتلين والذى لقى مصرعه فى غارة أمريكية فى سوريا أثناء مهمة الوساطة وتوحيد الفصائل السلفية الجهادية تحت راية جبهة النصرة . وكذلك عبدالعزيز الجمل قيادى تنظيم الجهاد التاريخى والضابط السابق «عضو خلية عصام القمرى»، والمتهم فى قضية اغتيال السادات، الذى يتردد أنه يقود فعليا الآن الجناح العسكرى لجبهة النصرة وعلى عمل المجموعات التابعة للقاعدة بمصر، بعد أن هرب إلى سوريا مباشرة بتعليمات من الظواهرى فى أعقاب إفراج محمد مرسى عنه أيضا، حيث كان يقضى حكما بالسجن 15 عاما فى قضية «العائدون من ألبانيا « أيضا، وقد عمل الجمل مترجما لزعيم حركة طالبان الملا عبدالسلام ضعيف، وتم إلقاء القبض عليه بصنعاء فى اليمن سنة 2002. وقد غادر الجمل مصر بعد الإفراج عنه بحجة زيارة زوجته اليمنية، وأولاده، إلا أنه بعد وصوله إلى صنعاء، فر منها إلى أفغانستان، ومنها انتقل إلى سوريا . علماً بأن عبدالعزيز الجمل كان المسئول الأول عن جميع معسكرات تنظيم القاعدة أثناء الحرب الأفغانية ضد السوفييت، كما تؤكد الحكايات القاعدية أن الكتائب التى كانت تابعة له لم تلحق بها هزيمة واحدة أثناء عملياتها القتالية ضدهم، وهو الأمر الذى يزيد من الدلالة الرمزية لوجود الجمل الآن على رأس القيادة العسكرية لجبهة النصرة فى حرب تنظيم القاعدة التى تقوم الدعاية الأساسية لها الآن على مواجهة العدو الروسى. فيما يأتى «سيف العدل»، محمد إبراهيم مكاوى، الضابط السابق أيضا، وقيادى تنظيمى الجهاد والرجل الثانى الآن فى تنظيم القاعدة، التاريخى بدوره، كحالة استثنائية، بعد انضمامه إلى «الطبقة الحاكمة « الجديدة من القيادات المصرية وإطلاق سراحه من الإقامة الجبرية فى إيران. ناهيك عن عدد من الأسماء الأخرى، من غير القيادات المصرية سبق أن دعمت القاعدة بهم الصفوف العليا من قيادات جبهة النصرة، وعلى رأسهم عبد المحسن عبدالله إبراهيم الشارخ زعيم «لجنة النصر» فى «القاعدة» وكذلك أبووفاء السعودى القائد الأمنى السابق للاستخبارات المضادة فى «القاعدة»، وأيضاً أبوهمام السورى الذى يترأس القوات شبه العسكرية فى «جبهة النصرة»، بخلاف أبوالفراس السورى، ومحسن الفضلى، الرئيس الأسبق لشبكة التسهيل الإيرانية الخاصة بتنظيم «القاعدة»، حيث توافدت إلى البلاد حوالى 1000 شخصية من القاعدة من غير السوريين. وفى محاولة منها لجذب الإسلاميين فى سياق استراتيجية لخلق قاعدة شعبية لها، فتحت جبهة النصرة باب الانتساب لها للعمل والتوظيف سواء فى فصائلها العسكرية ومؤسساتها المدنية الخدمية دون اشتراط البيعة للقاعدة أو الانتساب الرسمى لها.