أوصى عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ المسلمين بتقوى الله عز وجل وأن يتدبروا مصالحهم وأن يتعاونوا فيما بينهم على البر والتقوى , مبيناً أن الدنيا دار ممر, وأن الآخرة هي المقر فاستبقوا الخيرات بعد فواتها وحاسبوا أنفسكم على زلاتها وامنعوها من شهواتها فالكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني, وقال " من أصلح سريرته أصلح الله علانيته, ومن حفظ ما بينه وبين الله كفاه الله ما بينه وبين الناس فالله الله في السرائر فلا يصلح فسادها جمال الظاهر". وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في جامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض :" أيها المؤمنون زين للناس حب الشهوات, والله سبحانه وتعالى لم يمنع أتباعه من الطيبات, ولكن هذبها وزكاها وبارك فيها ولم يمنعهم في الوقوع في هذا المكان الآثم, بما يضرهم في دينهم ودنياهم ومع كثرة أبوب المباح إلا أن هناك فئات من الناس تحاول اقتحام حمى الملك عز وجل والتفلت من سياجه تتهافت على الشر, كما يتهافت الفراش على النار والله يقول في معرض الحديث عن الشهوة ( وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا), وقال "الله يريد أن يخفف عن عباده عنت الشهوة ويضيق دائرتها ولذلك جاء الشرع المطهر بالعفاف" فأمر الله سبحانه وتعالى من استطاع الباءة فليتزوج ومن تزوج أباح له أن يعدد ونهى عن المبالغة في المهور ومن لم يستطع النكاح وعده بالاعانه, ونهى عن الزنا والمعازف وشرب الخمور, والاطلاع على البيوت, وأمر بالأستأذان وغض البصر, وأمر المرأة بعدم إظهار الزينة للخروج من منزلها, ونهاها عن الخضوع بالقول وعدم التبرج ، يقول الله سبحانه وتعالى ( فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ), وقال سبحانه ( وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ). وفق صحيفة "سبق" وأضاف:" لقد نهى الله سبحانه وتعالى الخلوة بالمرأة الأجنبية قال صلى الله عليه وسلم ( لا يخلو رجل بإمرة إلا والشيطان لهم ثالث ), وقال صلى الله عليه وسلم ( أي امرأة استعطفت ثم خرجت ومرت بقوم يجدوا ريحها فهي زانية ), ولقد حذر الله سبحانه وتعالى من الزنا ونهى عنه وبين عقوبته بأن كان محصن فالرجم حتى الموت, وإن كان غير ذلك فالجلد 100 جلدة وتغريب عام , قال سبحانه وتعالى ( وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ ) وقال عليه الصلاة والسلام ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ), وبين الله سبحانه وتعالى أن الزناة في البرزخ في ثقب كالتنور أعلاه ضيق وأدناه واسع يوقد عليهم وهم فيه عراة إذا أوقد ارتفعوا وإذا خمد رجعوا يستمرون في ذلك اليوم يوم القيامة ثم ينتقلون إلى عذاب أشد منه وهو المعني بقول الله سبحانه وتعالى ( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ), متسائلاً هل بعد ذلك يقدم أحد على الزنا بعد ما رأى وعيد الجبار, وهل يتقدم أحد إلى الفاحشة بعد ما رأى وعيد الله سبحانه وتعالى . وخاطب جميع المؤمنين وقال :" أيها المؤمنون إن الله سبحانه وتعالى لم يعرض عباده للفتنة، ولكن دين الإسلام دين وقاية قبل تطبيق الحدود والعقوبات, ودين حماية للمشاعر والضمائر والجوارح وفي ظل هذه التوجيهات الربانية القرآنية ترفر عليها أجنحة السلم والأمن والعفاف, تأمن الزوجة على زوجها, ويأمن الرجل على زوجته, ويأمن الأولياء على أعراضهم, في ظل هذا الوحي العظيم فلا فاحشة تشيع ولا إغراءات تتبجح ولا فتنة تنتشر ولا تبرج يظهر. وأكد أن انتشار الفاحشة بين المسلمين سبب لكل بلاء وهو سبب للعقوبات العامة والخاصة وأنه سبب لفساد حال العامة والخاصة, فما تجني الأمة منها إلا فساد الأخلاق ودمار البيوت وتلويث المجتمع, فيا دعاة الأمة ويا عقلائها إن نُذُر السوء قد كثرت وأن لغة الأرقام مخيفة والفضيلة تشتكي, والعفاف يأن, وقال " لقد كثرت الخيانات الزوجية وانتشرت وكثرت حالات الاغتصاب والشذوذ حتى اغتيلت براءة الأطفال وارتد بعض الشيوخ إلى سن المراهقة. وأشار إلى أن لقد كانت الانحرافات الأخلاقية تتم في الخفاء, لكنها انتشرت حتى غزت البيوت عن طريق القنوات والمواقع والشبكات, ثم أصبحت قانونا في بعض البلاد، ومؤتمرات عالمية ينادى لها كما ينادى إلى الصلوات, فإذا انتشر الزنا في قوم أهلكم الله, وأصيبوا بالأمراض التي لم تكن معروفة في أسلافهم . وبين الدكتور آل الشيخ أن الله سبحانه وتعالى أحاط الفضيلة بسياج, وما تمسكت الأمة بهذا الهدى العظيم لم يصل شبابها إلى العنت قال الله تعالى ( وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا ). وقال "إننا نحتاج إلى دعاة فضيلة, مبشرين بالخير في زمن قد كثر فيه المشتهيات والمعاصي والذنوب, شهوات انتشرت من كل مكان أتتنا من كل جانب دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها ، أفلام ومسلسلات وصور وإعلانات, والمؤمن الصابر الذي يدافع شهوته ويجاهد نفسه الأمارة بالسوء والشيطان يعده ويمنيه وماذا يفعل من عدو يلازمه لا ينام عن إغراقه ولكن الله سبحانه وتعالى بفضله حينما خلق الإنسان وركب فيه الشهوة وأمره بمخالفة الهواء أمده بالقوة ليكون معها صامدا. وبين أن الطريق إلى الجنة طويل مليء بالأشواك والعقبات تحفه المكاره والمصاعب ولا بديل منه إلا الصبر وهل التدين إلا من الصبر يقول الله سبحانه وتعالى ( إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ ), وفي الصبر على طاعة الله لذة ما بعدها لذة، مشيرا إلى أن الصبر على ترك الشهوات أهون من الصبر على عاقبتها، وإن الصبر على محارم الله أهون من الصبر على عقوبات الله. وأكد الشيخ الدكتور عبدالله آل الشيخ أن البعد عن اللذات لذة ما بعدها لذة وشجرة مباركة تورث العز بالدنيا والشرف في الآخرة والبعد عن الشهوات, وأن القرب من الفتنة فتنة.