"ملائكة" و" الرحمة".. كلمتان تحملان في طياتهمَ الكثير من المعاني الجميلة كالرحمة والتسامح والطيبة والإحساس بالغير، وعندما تضع الكلمتين معًا ستصبح كناية لملائكة الله في الأرض المتجسدة في "الممرضات"، والتي يجب أن يحمل عملها الصفات النبيلة التي يتحلى بها اللقب؛ ولكن في الآونة الأخيرة لمس الكثير من المرضى تغيرًا كبيرًا في تعامل الكثير من "الممرضات" معهم من سوء المعاملة إلى "العصبية" وارتفاع أصواتهن في وجه المرضى، حتى أن منهن من تأتي إلى العمل وكأن على رأسها الطير، فتبدو علامات التجهم واضحة على وجهها، وتستخدم نوعًا من أنواع العنف "اللطيف" مع المرضى. وتزامنًا مع يوم التمريض العالمي، الذي يهدف إلى تزويد الممرضين بالمعرفة اللازمة لخلق أفضل وكذلك تحسين صورة التمريض في المجتمع وإبراز دور الممرضين في الخدمات التمريضية الآمنة، تجولت "الفجر" بمستشفى "قصر العيني"، لرصد واقع تعامل الممرضات مع نزلاء المستشفى من المرضى. إذلال المرضى في البداية تستهل حديثها "بثينة حسن"، إحدى المرضى بمستشفى قصر العيني، إنها دخلت المستشفى حوالي الساعة الواحدة ظهرًا وجلست على السرير تنتظر الممرضة ثلاثة ساعات ولم تتعاون معها رغم الحاحها عليها. وأضاف نجلها، أن والدته تئن من المرض وهناك الكثير من المرضى في العنبر يئنون مثلها ويطلبون أن تمر عليهم إحدى الممرضات لتتابعهن، ولكن لم يشعر بهم أحد، لافتًا إلى أن والدته عقب فحص الطبيب طلب من الممرضة قياس السكر كل ثلاث ساعات لها، ولكن لم يحدث ذلك إلا بعد إلحاح منه وسط تزمر وأصوات عصبية وكلمات غير مفهومة من قبل الممرضات. ملائكة أم شياطين؟ وفي السياق ذاته عبرت "كريمة عبد الوهاب"، نزيلة بمستشفى قصر العيني، عن استيائها من تعامل الممرضات معها، قائلة بحسرة تملئ قلبها: "إحنا هنا بنموت من الإهمال.. الممرضات اللي بيقولوا عنهم ملائكة الرحمة دول شياطين"، لافتة إلى أن كلما تأتي الممرضة لفحصها وإعطائها الدواء تبقى مكانها واقفة أمام هاتفها المحمول، وتعبير وجها يوحي بفرحة تنُم على عدم وجود أي اهتمام بالمرضى، وكل ما في حسبانها هو الحديث عبر الهاتف. وبسؤالها عن اللجوء والشكوى لإدارة المستشفى، عبرت "عبد الوهاب": "هو في حد فاضي لحد، ودائما المريض هو اللي بيتحمل النتيجة، وردهم الوحيد "هنعمل اللازم.. بس ياريت يكون في صبر ما المرضى كتير"، مضيفة أنها، تقبع بالمستشفى منذ أسبوع لسوء حالتها الصحية، ومعها ابنتها الوحيدة والتي تنام على الأرض خلف السلم لازدحام العنابر بالمرضى. وتابعت: "من وقت ما دخلت المستشفى وأنا بنادي على الممرضات تقيس لي درجة الحرارة وهي ولا هنا، وبنتي دايما اللي بتيجي تقسها لي، والممرضة ما عليها إلا إنها تيجي تشوف وتكتب دواء يجي من الصيدليات الخارجية، ويترمي جنبي لحد ما بنتي تفضل تضغط عليها". معاملة الشحاذين وبصوت شاحب يقول: " رضا محمد"، مريض قادم من الصعيد، للعلاج، إن حال الممرضات بالمستشفى يسيئ للمنظومة الطبية وأنهم أساس العلاج وأمان المريض، لكن بالقصر العيني يشعرونك كأنك "شحاذ" تنتظر منهم أن يعطفوا عليك بشيء، وهو الأمر الذي دفعه إلى رفع صوته أكثر من مرة ولكن الأمن يهدئ الموقف. وأضاف "محمد"، أنه منذ إجراء العملية ولم يعلم ما مرضه، لاسيما وهو دائما في حالة هبوط حاد وحالته المادية لا تسمح بالمتابعة مع الأطباء الخاصة، وكلما يسأل الممرضات لا يجيبوا عنه بشيء سوى إحنا بنديك الأدوية المذكورة في تذكرة الدواء، لافتًا إلى أنه ذهب لسؤال الطبيب أكثر من مرة ولم يستطيع مقابلته، ولا يوجد سوى الممرضات ولكنهم يزيدون همه أكثر، لاسيما وهو يجلس بالمستشفى بمفرده دون أحد من أهله، ولا يمتلك غير نقود تذكرة القطار لرجوعه لمدينته، والتي أوشكت على النفاذ، وكل هذا بسبب ضياعه من عدم قدرته على معرفة سبب مرضه، والذي يرجع لتقاعس واهمال الممرضات التي لا تلبي للمريض سوى أنها موظفة تتقاضى أجر في آخر الشهر. الهاتف أهم من المريض في حين تذمرت" ليلي سعيد"، من معاملة الممرضات لها، واصفة الوضع " بالظلم وقلة الحيلة"، حيث قالت : "بايدي إيه أعمله ليل نهار بنكلمهم وهما ماسكين التليفون يتكلموا فيه ويلعبوا فيه، وإن كلمنا واحده فيهم تنفخ في وشنا، وتسيبنا وتمشي، واحنا ايه هنعمله غير أننا نتحمل تعبنا". وأشارت "سعيد" ، إلى أنها دخلت المستشفى لتجري عملية الزائد الدودية، وفي حين فترة جلوسها في المستشفى بعد العملية ارتفعت درجة الحرارة ولم يهتم بها أحد وتركها بمفردها، ما أدى إلى دخولها في نوبات صحية هي في غنى عنها؛ إزاء إهمال الممرضات، لافتة إلى أن الوضع لن يقف إلى هنا بل تدهورت حالتها الصحية، وأصيبت بقرحة بالمعدة، وأصبحت لا تستطيع البلع، والهضم.