مريض ب"القصر العيني" ينتظر نهاية "الطفلة جنة" وخروج "الدود" من فمه إهمال المواطنين يقضي على عراقة "أبو الريش"
ممرضات المُنيرة تتسولن وتطلبن نقود من أهالي المرضى اعتاد المصريون على الحديث عن إهمال المستشفيات سواء كان إهمالاً في نظافتها، أو الإهمال في العناية بالمرضى، الذين يدخلونها بهدف الحصول على الرعاية والعلاج. وتتحمل المستشفيات جزءً كبيرًا من المسئولية عن الإهمال بها، بينما هناك طرفًا آخر مسئول عن ذلك وهم نزلائها وزوارها. ورصدت "الفجر" إهمال المستشفيات والزائرين خلال جولة قمنا بها في ثلاثة من أعرق المستشفيات بالقاهرة وهم "القصر العيني"، "أبو الريش"، "المُنيرة". القصر العيني القديم وإهمال يودي بحياة المريض داخل مستشفى القصر العيني القديم، المستشفى التي حينما تضع قدمك فيها تجد أنك بداخل سوقًا عشوائيًا، من كثرة المواطنين داخلها والبائعين، فبالسير داخل طرقات الأدوار والمباني، تجد مرة بائع شاي، ومرة أخرى تجد شباب يقومون بالتدخين على الرغم من وجود لافتات تمنعه داخل المستشفى، وأخريات تجلسن على الأرض. وداخل أسوار المستشفى التقينا أسرة كانت قادمة لتزور مريض بغرفة الرعاية في قسم المخ والأعصاب، موضحين أنه دخل إلى المستشفى في ثاني أيام عيد الأضحى الماضي، إثر تعرضه لحادث بعد سقوطه من أعلى لعبة من ألعاب الملاهي، الأمر الذي أدى إلى دخوله في غيبوبة. وقال شقيقه، إنهم حينما جائوا به للمستشفى لقي إهمالًا شديدًا، فبدخوله إلى قسم استقبال الطوارئ، تعرض إلى تجاهل من الأطباء والمُمرضات، لافتاً إلى أنهم تركوه من الساعة السادسة مساء موعد وصوله إلى المستشفى حتى الواحدة صباحًا غارقًا في دمائه لتعرضه لنزيف دون أن يوقفوه، بحجة عدم توفر سرير بالرعاية. وأشار إلى أن المستشفى ساومت أسرته بطلبهم منهم التبرع بالدم شرط دخوله المستشفى وتوفير سرير بالرعاية له، موضحًا أنهم تركوه غارقًا في الدماء حتى تبرع أصدقائه وعائلته ب 4 أكياس دماء، وبعدها دخل غرفة الرعاية. واشتكى أيضًا من سوء الرعاية، موضحًا أن شقيقه لا يتلقى أي رعاية من الأطباء والممرضات، كاشفًا أن دماء النزيف ما تزال موجودة في فمه وأنفه منذ أن دخل المستشفى، الأمر الذي قد يؤذيه، قائلاً: "أخويا بينتظر نهاية الطفلة جنة ونلاقي دود في بؤه بعد ما أهملوه وسابوا الدم جواه لحد ما بقى في عفن". وأضاف أن الممرضات يبخلون عليه في حصوله على الجرعة الكافية من العلاج، قائلاً: "بسبب التورمات في وجهه من المفترض أن يوضع له نوع معين من المراهم مرتين واحدة صباحًا وأخرى في المساء، لكن يوضع له مرة واحدة فقط، وبسؤال الممرضة قالت هو مرة بس على الرغم من أن الطبيب صرح بأنه مرتين والعبوة مكتوب عليها مرتين، لافتاً إلى أنهم عرضوا على الممرضة أن يوفروا العلاج بأنفسهم. واستكمل: "الممرضات بيعاملوا المرضى في الرعاية بطريقة وحشية ومؤذية .. وبيفرضوا علينا نديهم إكراميات علشان يراعوهم واحنا مش موجودين ويعاملوهم بطريقة آدمية". وبعد اقناعه بتصوير الحالة والدماء وهي في فم شقيقه، رفض تخوفًا من أن يؤذي الأطباء المريض. "أبو الريش".. وتشويه من الزائرين
وفي مستشفى "أبو الريش الياباني"، المستشفى ذات المبنى الطوبي اللون، والمكون من ستة أدوار، والذي مولته الحكومة اليابانية في الثمانينات لصالح الأطفال المصريين، وجدنا أن هناك اهتماماً بأحوال المرضى وبتوفير الرعاية لهم، ولكن كان بالمقابل هناك تشويهاً للشكل العام بالمستشفى من قبل بعض الأهالي من الزائرين. فحينما تمر على جميع الغرف، تجد نساء يجلسن على الأرض أو أسرة المرضى، في مظهر غير حضاري، بالإضافة إلى أنهم يحرصون على اصطحاب "حلل" المأكولات، ففي أحد الغرف وجدنا ثلاثة من السيدات يفترشن الأرض وأمامهم مجموعة من "الحلل والأطباق" ويتناولن الطعام، كما لو أنهم يتنزهن في حديقة من الحدائق. وبالدخول إليهم والحديث معهن عن هذا المظهر الغير حضاري، قالت أحداهن: "احنا اللي بنحب أعدة الأرض وبنقعد عليها علشان حرانين"، لافتة إلى أن المستشفى لا يوجد بها أي إهمال ونظيفة. وشكرت السيدة، الأطباء على تعاملهم مع الحالات واهتمامهم برعاية المرضى، قائلة: "لما بنحتاج دكتور ييجي يشوف الحالة بيجيلنا عشرة يقفوا عليها علشان يطمنوا ويطمنونا".
"المُنيرة" .. و"تسول" الممرضات في قسم الولادة بمستشفى "المُنيرة" لم يتغير الحال كثيرًا، فالمشاهد نفسها مُتكررة، نساء يجلسن منتظرات على الأرض، على الرغم من توفير أماكن للجلوس بها، عكس ما كانت عليه المستشفى السابقة. "ممرضات زي المُنشار .. كرشهم واسع" هكذا بدأ حديثه مُرافق لأحد الحالات التي دخلت إلى غرفة الولادة، والذي اشتكى من سوء معاملة الممرضات، وأنهم ماديين بشكل مبالغ فيه، ويتسولون ليحصلوا على نقود من كل شخص يدخل المستشفى. وأوضح بأنه بمجرد أن تلد الحالة يذهبون إلى أسرتها التي تنتظرها خارج العمليات، ليطلبوا منهم "حلاوة الولادة"، قائلاً: "بيخرجوا يقولولنا مبروك ما جالكم .. فين الحلاوة"، لافتًا إلى أنه في هذه المرة يجهز لهم مبلغ خاص حتى "يرتاح من زنهم"، حسب وصفه.