واصل: خلط القمح المحلي بالمستورد "كارثة" النحراوي: القمح المستورد يتسبب في نفاذ صلاحية المحلي عبد الوهاب: القمح المستورد رديء والحكومة تدعي أنه أرخص عبد العظيم: مصر في حالة انسحاب من خريطة الدول المنتجة للقمح أزمة كبيرة بين الحكومة والفلاحين في كل عام أثناء عملية توريد القمح من المزارعين، ترجع أسبابها إلى أسعار التوريد وعدم قدرتها على استلام محصول القمح بأسعار أقل من 400 جنيه للإردب، في حين أنها تشتري القمح الأجنبي بأسعار منخفضة جدًا تتراوح ما بين 300 و350 جنيهًا، وترى الحكومة أن استيراد القمح مخرجًا لهذه المشكلة حيث أنه يعد أرخص وأجود من المحلي- بحسب رؤيتها. ونتج مصر ما يقرب من 9 ملايين ونصف الطن من القمح، وتستهلك نحو 13 مليون طن، ما يخلق فجوة بين الإنتاج والاستهلاك تصل إلى 4 ملايين طن وهو ما يجعل الحكومة تلجأ إلى أن يتم استيرادها من الخارج، وبسبب سوء التخزين تفقد الدولة سنويًا 2 مليون طن. هذا وحذر خبراء من خطورة التلاعب باستيراد القمح، مؤكدين على ضرورة منعه وعدم خلطه بالمحلي لاحتوائه على فطر كارثي يسمى ب "الأرجورت"، كما حذر آخرين بأن الاستيراد يساعد على تفاخم الأزمة الاقتصادية في مصر. وجاوبت "الفجر" على خطورة استيراد القمح، وارتباطها بالاقتصاد بشكل مباشر، ناهيك عن نفاذ أموال الدولة المخصصة لشراء القمح، والتي تحتل الحيز الأكبر من القروض الخارجية. فساد في عمليات الاستيراد من جانبه كشف النائب مدحت الشريف، أن هناك فساد في عمليات الاستيراد، وأن هناك مشكلة كبيرة لدى وزارة التموين والزراعة وهى الخلط بين القمح المستورد والمحلى، مضيفًا خلال الجلسة العامة للبرلمان منذ يومين، أن الإجراءات المتبعة تضر بالفلاح، وأن القمح محصول استراتيجى وأمن قومى مصرى، مشيرا إلى أن المواصفة الأساسية لاستيراد القمح يجب إعادة النظر فيها حتى لا يتم التلاعب فيها لصالح أطراف بعينها. كارثة فطر "الأرجورت" يقول فريد واصل، نقيب الفلاحين، إنه "لابد من منع استيراد القمح من الخارج، حتى يتم الانتهاء من توريد المحاصيل من الفلاحين إلى الحكومة، بحيث لا يتم الخلط بينهم، نظرًا لوجود طفيل "الأرجوت" والذي يمثل خطورة بالغة، خاصة أن هذا الفطر سام جدا، موضحًا أنه يصعب تحديد هذا الطفيل، لاسيما أنه من الصعب فحص مئات وآلاف الأطنان المستوردة لأنه عندما يتم فحص الشحنة يكون عن طريق عينة عشوائية فقط منه وليس كل الشحنة المستوردة". وأضاف" واصل"، ل"الفجر"، أن فطر "الأرجوت" غير موجود في مصر ويعتبر دخوله كارثة، حيث إن الفطر منتشر في أوروبا لأنه يعيش في درجات حرارة منخفضة، مؤكدا أنه إذا كانت نسبة وجود الفطر في القمح 0.05 % لا أحد يضمن وجود هذه النسبة، لاسيما في ظل الاستيراد الحالي لا يمكن ضمان وجود نسبة 0.05% في العينة المستوردة، كما ذكرت الوزارة، ناهيك عن رخص سعر القمح لصالح مافيا الاستيراد. وتابع "واصل"، أن المزارعين بدأوا في تسليم محصول القمح إلى المطاحن والجمعيات والبنوك، وكل محصول حسب درجة نقاوته، مشيرًا إلى أن سعر توريد القمح، يتحدد لكل مزارع حسب درجة نقاوته، التي يقدمها للجهة التابعة له، مؤكدًا أن سعر التوريد هذا العام مناسب للفلاحين. وفطر الأرجوت يُكوّن أجساما حجرية وجراثيم يتغلب عليها في الظروف البيئية الغير مناسبة فتحافظ على حياته ويظل في التربة من 20 إلى 40 سنة، وهذا الفطر منتشر في أوروبا لأنه يعيش في درجات حرارة منخفض نفاذ أموال الدولة المخصصة لشراء القمح المحلي فيما يقول دكتور محمد أبو زيد النحراوي، رئيس البحوث المتفرغ بمعهد المحاصيل الحقلية، إن الدولة تقوم بشراء القمح المحلي بسعر 2800 جنيه لطن القمح، بينما السعر العالمي 2100 جنيه لطن القمح، فإن ذلك يتسبب بقيام المستوردين باستيراد القمح، ثم بيعه إلى الدولة مرة أخرى على أساس أنه محصول محلي، فيتسبب في نفاذ أموال الدولة المخصصة لشراء القمح المحلي، ويتسبب أيضاً في نفاذ أماكن تخزين القمح، مما ينتج عنه نفاذ صلاحية القمح المحلي، نظراً لعدم شرائه وعدم قدرة الفلاحين على تخزينه بشكل جيد. وأرجع "النحراوي"، زيادة حجم الواردات من القمح إلى ارتفاع الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك فقد وصل حجم الاستيراد 8,3 مليون طن مما يصل إجمالي الاستيراد والانتاج المحلي إلي 14 مليون طن سنويا. ويرى "النحرواي"، أن الحل يكمن في أن الدولة تقوم بخفض قيمة شراء القمح المحلي، وفي حال قامت الدولة بذلك، فإن الفلاحين سيقومون بزراعة القمح، نظراً لأنه لزراعته فوائد عديدة تعود على الأرض، بما يؤثر على الزراعات الصيفية التالية للقمح، سواء أكان القطن أو الأرز أو الذرة، كما يجب على الدولة أن تقوم بشراء القمح مباشرة من الفلاحين، دون السماح بدخول وسطاء بين الدولة وبين الفلاحين. عدم وجود أماكن للتخزين في ذات السياق أكد أحمد عبد الوهاب، الخبير الزراعي، أن مصر باتت تستورد 480 ألف صنف سلعي غير القمح في ظل إهمال الزراعة والصناعة، ناهيك عن الاستسهال في الحصول على المنتج وبتسعيرة أقل. ولفت "عبد الوهاب"، إلى أن المشكلة الحقيقة لمحصول القمح في مصر هي سوء التخزين وعدم وجود أماكن للتخزين، لذلك فإن مصر بحاجة إلى بناء صوامع جديدة لتخزين القمح، بالإضافة إلى عدم قيام الدولة بشراء القمح من الفلاحين بشكل مباشر، مما يتسبب في بقاء المحصول دون أن يباع حتى يفسد في نهاية الأمر، ويتحول إلى مال مهدر وعبئ جديد على الفلاحين والدولة، لذا تستهل الدولة استيراده. ويوضح "عبد الوهاب"، أن القمح المستورد الذي تدعي الحكومة أنه أرخص من المحلي هو من الأنواع الرديئة وهو أحد أسباب سوء صناعة الخبز، محذرًا من عواقب قرار خفض أسعار التوريد لأنه سيؤدي إلى احجام الكثيرين عن زراعة القمح لأن القرار قضى على الفلاحين في وقت ننادي فيه بشعار الاكتفاء الذاتي، مشيرًا إلى أن الذي يحدث حاليا من ترويج البعض لسهولة الاستيراد وخفض الأسعار سيكون كافيا بإشعال النار في أسعار القمح في حالة الاعتماد الكلي علي استيراده.
يساعد على تزايد الأزمة الاقتصادية في هذا الصدد يوضح الدكتور حمدي عبدالعظيم، خبير اقتصادي، خطورة الاعتماد على الاستيراد في ظل التراجع الاقتصادي لاسيما في ظل ارتفاع الدولار وتدهور البلاد اقتصاديًا؛ لافتًا إلى أن مصر تعتبر من الأسواق العالمية للقمح والأوضاع الدولية والتكتلات الاقتصادية تحتم علينا الاهتمام بزراعته وادخال أحدث التكنولوجيا لمضاعفة الإنتاج مهما كلفنا ذلك أن تفاوض مصر مع الدول الأجنبية علي استيراد القمح يكون في مركز قوي ونحن نحقق انتاجا وفيرا يكفي لعدة شهور وهذا يختلف عن موقفنا في حالة الانسحاب من خريطة الدول المنتجة للقمح. وأردف "عبد العظيم"، أن ظروفنا أفضل ومتاحة لتصدير والاكتفاء الذاتي، ولكن نحن بحاجة لإدارة جيدة، والرأفة بالفلاح ووضعوا بالحسبان من حيث أسعار المبيدات والكيماوي، وتسويق المحصول. وأشار "عبد العظيم"، إلى أن مصر تعتبر سوق لتوريد القمح إليها والدول المصدرة تراقب كل ما يحدث فيها وتحلل القرارات التي تصدر عن محصول القمح، فبمجرد إعلان تصدره مصر من زيادة المساحة بها أو تقرير حوافز كل ذلك يؤثر فورا في انخفاض الأسعار العالمية والعكس هو الصحيح، ووجود مخزون استراتيجي في مصر يغطي الاحتياجات ولو لستة أشهر يقوي من الموقف التفاوضي للاستيراد ويجعله يحصل علي سعر ملائم ومعقول، وبهذا الشكل نكون وضعنا حلول للفلاح ولاقتصاد البلد