ما بين الغضب والاستنفار الأمني، يستعد مجلس نقابة الصحفيين، لعقد جمعية عمومية لبحث أزمة اقتحام وزارة الداخلية لمبنى النقابة للمرة الأولى في تاريخها، حيث دخل الأعضاء في اعتصام مفتوح، مطالبين بإقالة وزير الداخلية، بينما تفرض قوات الأمن سياجًا أمنيًا حول مقر النقابة. الأزمة اشتعلت حدتها، بعد دخول أعضاء المجلس، في مواجهة مباشرة مع وزارة الداخلية، ومن بعدها النائب العام، بعدما أصدر الأخير بيانًا يعد انتصارًا لوزارة الداخلية وتبريرًا قانونيًا لعملية اقتحام النقابة مساء الأحد، الأمر الذي فجر غضبًا واسعًا بين الصحفيين، بعد أن حمل في طياته اتهامات لنقيب الصحفيين يحيى قلاش بالتستر على مطلوبين للعدالة وحمايتهما داخل مقر النقابة. وجاء في بيان النائب العام: "إنه بخصوص أمر الضبط والإحضار للمتهمين, عمر بدر ومحمود السقا فإن النيابة تؤكد أن ما تم من إجراءات فى هذا الشأن يتفق مع القانون كونه تنفيذ لإذن النيابة، وإن النيابة هي الوحيدة صاحبة القرار, وإن المتهمين قد نسب إليهما جرائم جنائية غير متعلقة بعملهما الصحفي, معاقب عليها قانون العقوبات والإرهاب". وأكد البيان، أن "مقر نقابة الصحفيين لا يستعصي على ضبط وإحضار المتهمين اللذين اعتصام بها، اعتبارًا أن هذا الضبط كان تنفيذًا للقرار القضائي الصادر من النيابة العامة، وهو الأمر الذي أباحه الدستور والقانون لحرمة المسكن الخاص الذي تتعاظم حرمته عن أي مكان آخر". وحمل البيان، تهديدًا لنقيب الصحفيين يحيى قلاش، بحسب ما فسره صحفيون، معتبرًا أنه تستر على مطلوبين أمنيًا. يحيى قلاش، نقيب الصحفيين، أعرب عن حزنه وأسفه للصورة السيئة التي صدرت عن مصر خارجيًا فى اليوم العالمى لحرية الصحافة، بعد قرار النيابة بحظر النشر في اقتحام نقابة الصحفيين، قائلًا: "حينما تكون هناك وقائع ويصادر على بلاغ نقابة الصحفيين ضد الداخلية، فلمن نلجأ الآن؟". بينما أرسلت وزارة الداخلية مذكرة للإعلاميين والصحفيين بشأن تعاملها مع أزمة اقتحام نقابة الصحفيين بطريق الخطأ في نهاية نشرة الإعلام الأمني، وهي المذكرة التي تكشف خطة الوزارة للتعامل مع الصحفيين، وهو ما اعتبره جمال عبدالرحيم، وكيل نقابة الصحفيين، بأن وزارة الداخلية تحاول الوقيعة بين الشعب والنقابة، من خلال البيان الذي أرسل بالخطأ، مؤكدا أنهم لن يستطيعون ذلك؛ لأن الصحفيين جزء من الشعب المصري. واتهمت المذكرة النقيب وأعضاء المجلس بالتصعيد من أجل مكاسب انتخابية وترفض التنازل أو التراجع عن الموقف لعدم الاعتراف بالخطأ ومحاسبة المسؤول، وتنصح بظهور مجموعة من اللواءات السابقين في برامج التوك شو لتصحيح الموقف، وإظهار الأمر للمواطنين بأن الصحفيين يصنعون دولة داخل الدولة ويرفضون تنفيذ أحكم القانون. مؤسسة الرئاسة التزمت الصمت، وتركت إدارة الأزمة لرئيس الوزراء، الذي اجتمع بدوره، مع أسامة هيكل، عضو مجلس النواب، الذي قال إن المهندس شريف اسماعيل رئيس الحكومة، أكد أنه لا يوجد خصومة مع الصحفيين، وأن ما حدث كان تنفيذًا لقرار النيابة العامة. ويرى خبراء، أن الرئيس عبدالفتاح السيسي في ورطة، نظرًا لأن حل الأزمة يتمثل إما بالاستجابة لمطلب النقابة، وإقالة وزير الداخلية، أو اختياره للطريق الآخر، وهو عدم التطرق لهذا المطلب، خاصة أن الوزارة والنائب العام يؤكدان تنفيذهما للقانون، وعدم انتهاك الدستور، وهو ما أكده بعض الصحفيين أنفسهم، ومنهم مكرم محمد أحمد، إضافة إلى غضب السيسي نفسه من اعتبار بعض الصحفيين جزيرتي "تيران وصنافير" مصريتين، وهو الأمر الذي تمثل في ضبط عمرو بدر ومحمود السقا، واتهامهما بنشر أخبار كاذبة.