اعتادات سلطات الاحتلال الإسرائيلي على خرق حرمة المسجد الأقصى، وتكرار اقتحام المستوطنين الإسرائيلين له، والتي كان آخرها، اقتحام عشرات المستوطنين المسجد الأقصى أمس الأحد، بحماية من شرطة الإحتلال، كما نظم المستوطنون رقصات عنصرية أمام باب السلسلة، مما أثار استفزاز الكثير من الفلسطينين، والذين نجحوا بدورهم من طرد خمسة من المستوطنين خارج الأقصى رغم الاعتداء عليهم.
وعلى إثر الاقتحام الأخير ل "الأقصى"، أصدرت الحكومة الفلسطينية بياناً تحذر فيه إسرائيل من عواقب هذا الفعل، كما طالبت الحكومة الأردنية إسرائيل بالتوقف عن مثل هذه المماراسات، في حين أكد بعض السياسيين أن الهدف وراء تكرار تلك الانتهاكات هو تحويلها إلى أمر واقع، مشيرين إلى أن حل تلك الأزمة يكمن في يد واشنطن باعتبارها تملك كل مفاتيح إسرائيل.
اقتحام المسجد الأقصى
اقتحم عشرات المستوطنين الإسرائيليين، أمس الأحد، المسجد الأقصى المبارك بفلسطين من باب المغاربة، فى أول أيام فترة ما يسمى "عيد الفصح" العبري، بحماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي الخاصة، فى الوقت الذى فرضت فيه إجراءات مشددة على دخول المواطنين للصلاة فيه، واحتجزت بطاقاتهم خلال الدخول من بواباته الرئيسية.
وأوضح شهود عيان، أن حراس الأقصى تمكنوا رغم الاعتداء عليهم من الاحتلال من طرد خمسة مستوطنين خارج المسجد، بعد محاولتهم أداء طقوس تلمودية فيه، بالإضافة إلى إحباط محاولة أخرى قرب باب الرحمة المغلق، وطردته من المسجد.
وفى حركات استفزازية إضافية، نظم المستوطنون رقصات عنصرية أمام باب السلسلة، عقب خروجها من الأقصى المبارك، بحماية قوات الاحتلال المرافقة.
ويشار إلى أن منظمات "الهيكل المزعوم" دعت أنصارها إلى أوسع مشاركة فى اقتحامات الأقصى خلال فترة عيد "الفصح العبري"، لافتةً إلى تفاهمات جرت بينها وبين شرطة الاحتلال لتسهيل هذه الاقتحامات والفعاليات، فى الوقت الذي استبقت فيه قوات الاحتلال بحملات اعتقال واسعة ومتتالية لشبان من القدسالمحتلة، أطلقت سراح معظمهم، بشرط الإبعاد عن الأقصى، والقدس القديمة، لفترات ما بعد الأعياد اليهودية.
كما أغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلى، باب القطانين، أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك، ومنعت المصلين من الدخول إلى الأقصى والصلاة فى رحابه، كما قامت بوضع متاريس حديدية قرب بوابات المسجد الأقصى للتدقيق ببطاقات المواطنين، فى حين تمارس تضييقها على تجار سوق القطانين المؤدية إلى المسجد الأقصى لتسهيل فعاليات عصابات المستوطنين خلال احتفالاتهم بعيد الفصح العبري.
ومن جانبها، حذرت الحكومة الفلسطينية من التداعيات الخطيرة إزاء ما يشهده المسجد الأقصى المبارك إثر اقتحام مجموعات المستوطنين وقوات الاحتلال الإسرائيلي منذ صباح أمس، واستمرار إبعاد ومنع المصلين من الوصول إليه.
وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة الفلسطينية، يوسف المحمود، في بيان صحفي، إن الحكومة تتابع بقلق بالغ المشهد المأساوي الذي تصنعه قوات الاحتلال في مدينة القدسالمحتلة بشكل عام، وفي المسجد الأقصى على وجه الخصوص، إذ تسعى سلطات الاحتلال إلى فرض سيطرتها الكاملة على المسجد الأقصى المبارك، وفرض واقع مختلق يخالف الواقع الطبيعي يتمثل بتثبيت التواجد الاحتلالي زمانياً ومكانياً داخل الحرم الشريف، في الوقت الذي يتم فيه إبعاد ومنع أهل المسجد الأقصى الشرعيين من المصلين المسلمين والمواطنين الفلسطينيين الوصول إليه. وأضاف المحمود، أن ما يشهده المسجد الأقصى هو استمرار للانتهاك اليومي الذي دأبت على اقترافه سلطات الاحتلال، مبيناً أن الحكومة الفلسطينية تعد أي مساس بالمسجد الأقصى وسائر المقدسات الإسلامية عدواناً على الشعب الفلسطيني وعلى الأمتين العربية والإسلامية، وانتهاكًا صارخًا وتحديا للقوانين والمعاهدات الدولية التي تحظر على سلطات الاحتلال العبث بالواقع أو المساس به وتغيره.
وأشار المتحدث الرسمي باسم الحكومة الفلسطينية، إلى أن الحكومة طالبت اليوم الدول العربية والإسلامية وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي بالتحرك العاجل لدى المجتمع الدولي من أجل إنقاذ المسجد الأقصى والقدس الشريف.
مطالب للاحتلال بالتوقف عن تلك الممارسات
كما حذرت الحكومة الأردنية اليوم، من التداعيات الخطيرة لاقتحام مجموعات من المستوطنين وقوات الاحتلال الإسرائيلى للمسجد الأقصى المبارك.
وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، الدكتور محمد المؤمني، إن ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلى والمستوطنون من انتهاكات بحق المصلين فى المسجد الأقصى هو انتهاك للقوانين والمواثيق الدولية، محذراً فى الوقت نفسه من هذه الممارسات التى ستؤدى إلى عواقب خطيرة.
كما طالب المسؤول الأردني، سلطات الاحتلال التوقف فوراً عن هذه الممارسات ومنع دخول المستوطنين وقوات الاحتلال الإسرائيلي إلى ساحات المسجد، وإتاحة المجال أمام المصلين الفلسطينيين للدخول إلى المسجد وممارسة عباداتهم.
ومن جانبه، أكد وحيد عبدالمجيد، نائب مدير مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، أن إسرائيل تلجأ إلى اتباع سياسة تكرار الانتهاكات داخل المسجد الأقصى، حتى تُصبح واقعها عادي علي المسلمين.
وأضاف عبدالمجيد، في تصريح خاص ل "الفجر"، أن اقتحام المسجد الأقصى من مستوطنين بحماية من الجيش الاسرائيلي أصبحت عادة اسرائيلية وبوتيرة ثابتة، موضحاً أن القصد منها تثبيت الأمر الواقع.
وأشار نائب مدير مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، إلى أن أحل قضية الانتهاكات الإسرائيلية الدائمة للأقصى في يد واشنطن، خاصةً وأنها تمتلك كل مفاتيح إسرائيل وكيفية السيطرة عليها.
محاولة لتغيير الواقع
وفي ذات السياق، أكد مصطفى كامل، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن المحاولات المُتكررة لقوى الاحتلال باقتحام المسجد الأقصى، ومنع المصليين الفلسطينين من الدخول إلى المسجد، هو محاولة لتغيير الوقع باعتبار الأقصى تابعاً للدولة الفلسطينية.
وأضاف كامل، في تصريح خاص ل "الفجر"، أن محاولات قوات الاحتلال للسيطرة على الأقصى لن تفلح، لافتاً إلى أنه من المستحيل أن تنجح إسرائيل في تحويل الأقصى إلى منطقة تابعة لسلطات الاحتلال.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية، أن صمت الدول العربية على الانتهاكات المستمرة التي يتعرض لها الأقصى، والذي له مكانة خاصة في نفوس جميع العرب والمسلمين، تصرف مشين، وسيؤدي إلى مزيد من الانتهاكات. وأشار كامل، إلى أنه إذا لم تجد إسرائيل من يقف في وجهها لما تقوم به ضد المقدسات الإسلامية، ستستمر في ممارسة تلك الأفعال الإجرامية بالمسجد الأقصى، وبالشعب الفلسطيني.