أحد أهم القضاة المصريين في الأربعينات، سجل اسمه في تاريخ الاغتيالات في مصر التي أدين فيها أفراد منتمين لجماعة الإخوان المسلمين، نظرا لكونه كان ينظر في قضية أدين فيها أعضاء في تنظيم الإخوان المسلمين، ليسقط المستشار «أحمد بك الخازندار»، في يوم 23 مارس عام 1948، بتسع رصاصات أمام منزله. فالقصة مثيرة مثلها مثل قصص جرائم الاغتيال السياسي، لكن الأهم من الإثارة والتسلية هو الخوف من تكرارها، لاسيما أن الضحية رجل شهير من رجال العدالة دفع حياته ثمنا لتنفيذها، وهو ما روع زملاءه فارتعش القانون في ايديهم لبعض الوقت. لقد اعتاد المستشار «أحمد بك الخازندار»، وكيل استئناف مصر، أن يغادر منزله في شارع رياض بحلوان في الساعة السابعة والنصف صباحا ليتخذ لنفسه مكانا في القطار المتجه إلي باب اللوق في وسط القاهرة حيث توجد محكمته. في صباح يوم 23 مارس 1948 خرج القاضي أحمد بك الخازندار من منزله بشارع رياض بحلوان ليستقل القطار المتجه إلى وسط مدينة القاهرة حيث مقر محكمته، وكان في حوزته ملفات قضية كان ينظر فيها وتعرف بقضية «تفجيرات سينما مترو»، والتي اتهم فيها عدد من المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، وما أن خرج من باب مسكنه حتى فوجئ بشخصين هما عضوي جماعة الإخوان حسن عبد الحافظ ومحمود زينهم يطلقان عليه وابلا من الرصاص من مسدسين يحملانهما، أصيب الخازندار بتسع رصاصات ليسقط صريعا في دمائه. أهم القضاة المصريين في الأربعينات المستشار «أحمد بك الخازندار»، كان أحد أهم القضاة المصريين في الأربعينات، ولد في 11 ديسمبر عام 1889، وحصل على البكالوريا، والتحق بمدرسة البوليس، ومن ثم تركها والتحق بمدرسة الحقوق، وشغل وظيفة معاون نيابة، وتدرج في سلك النيابة والقضاء، فرقي إلى وكيل نيابة درجة أولى. ترقي بعد ذلك لرئيس محكمة استئناف أسيوط، ومنها إلى رئيس محكمة استئناف الإسكندرية، ومن ثم رئيسا لمحكمة استئناف القاهرة، فاختياره ليكون القاضي على الكثير من قضايا جماعة الإخوان، كان آخرها إدانة بعض شباب الإخوان لاعتدائهم على جنود بريطانيين في الإسكندرية، وتم الحكم عليهم بالأشغال الشاقة المؤبدة. مرشد الإخوان يستنكر الحادث وقد ذكر الشيخ أحمد حسن الباقوري وزير الأوقاف المصري في مذكراته تعليقاً علي الحادث غضب« حسن البنا» من تلك الجريمة إلا أن « البنا » آنذاك غضب مما حدث وكان ثائراً، وقال ليس معنى أن يخطئ قاضٍ في حكمه أن يقتل، وهو ما يؤكد أن ما حدث لم يعلم به الإمام البنا. وحاول الجناة الهرب سريعا والتصرف بهدوء، لكن سكان حي حلوان الهادئ تجمعوا فورا عقب سماع صوت الرصاصات التسع وطاردوا المجرمين، فقام أحدهما بإلقاء قنبلة على المواطنين الذين تجمعوا لمطاردتهم حتى أصابوا البعض، لكن المواطنين تمكنوا من القبض عليهما. وأصيب الخازندار بتسع رصاصات ليسقط صريعا في دمائه وحاول الجناة الهرب سريعا لكن سكان حي حلوان الهادئ تجمعوا فورا عقب سماع صوت الرصاصات التسع وطاردوا المجرمين، فقام أحدهما بإلقاء قنبلة على الناس الذين تجمعوا لمطاردتهما فأصابت البعض، لكن الناس تمكنوا من القبض عليهما. التحقيق مع الجناة وفي قسم الشرطة عثر بحوزة الجناة على أوراق تثبت انتمائهما لجماعة الإخوان المسلمين لتقوم النيابة باستدعاء مرشد الجماعة آنذاك «حسن البنا» لسؤاله حول ما إذا كان يعرفهم، إلا أن البنا أنكر معرفته بهما تماما؛ لكن النيابة تمكنت من إثبات أن المتهم الأول «حسن عبد الحافظ» كان السكرتير الخاص للمرشد العام للجماعة حسن البنا، وهنا اعترف البنا بمعرفته للمتهم إلا أنه نفى علمه بنية المتهمين اغتيال القاضي الخازندار. وكانت جلسة عاصفة للإخوان في اليوم التالي للبحث فيما حدث، واستقر الرأي على تكوين لجنة تضم كبار المسؤولين عن النظام الخاص، بحيث لا ينفرد السندي برأي أو تصرف وأن تأخذ اللجنة توجيهاتها الواضحة من «البنا» نفسه. تعويضات الدولة لأسرته واهتز الرأي العام في مصر لارتكاب هذه الجريمة البشعة، حيث كان لم يعرف عن القاضي الخازندار إلا كل مواقف النزاهة والأمانة والتواضع، وشعر المصريون بأن الحادث يمثل اعتداء على قدسية القضاء، مما يعد شيئا خطيرا في مجتمعنا. وقرر مجلس الوزراء منح أسرة الخازندار مبلغ عشرة آلاف جنيه وصرف معاش استثنائي لهم وتعليم أولاده بالمجان على نفقة الدولة .