في «عيد الأم» يتسابق الأبناء على امتداد الكرة الأرضية للبحث عن أفضل وأجمل الهدايا؛ لكن لذلك اليوم طقوس خاصة رسمتها أمهات المعتقلين والشهداء بين رحلة العذاب والصمود، فيأتي العيد في كل مرة ومعه استرسال في كل نفس معتقل وذكريات تعبق في قلبه وعقله قبل العيد وأثنائه، فيصبح الوجه الحقيقي لهذه المناسبة في حياة المعتقلين هو الإحساس بالبعد والفراق للأحبة وحمل همومهم من كل جوانبها. فتختلف صور الوجع وتتعدد التفاصيل وتفيض الكلمات بالمشاعر ولكنها جميعا تنبض وتتحدث بروح واحدة، لاسيما دموع الأمهات التي تسيل كرذاذ المطر بلا توقف على غياب أبنائهن، دون حتى تذكرة في لوائح المتحدثين أو المكرمين في الكثير من منصات ومهرجانات الاحتفال. ويعتبر «عيد الأم».. ابتكار أمريكي ولا ينحدر مباشرةً تحت سقف احتفالات الأمهات والأمومة التي حدثت في كل مكان في العالم منذ آلاف السنين، مثل عبادة اليونان لكوبيلي، وعيد الرومان لهيلريا، واحتفال المسيحيين في أوروبا بيوم أحد، بالرغم من ذلك أصبح مصطلح عيد الأم مرادفا لهذه العادات القديمة. وترصد «الفجر» حزن وقلق الأمهات لما آلت إليه أوضاعهن من حرمان متواصل من رؤية فلذات أكبادهن، وأعيونهن تذرف دموع الحزن والألم والحرمان ويحلمن بعودة أبناءهن لأحضانهن قريباً، وفي الوقت ذاته يخشون الرحيل قبل معانقة أبنائهم دون قضبان وسجان.
الشهيد محمد حسين.. الشهير ب"كريستي" ميرفت شكري، والدة الشهيد محمد حسين، الشهير ب«كريستى»، الذي استُشهد في يونيو الماضي، أمام قصر الاتحادية خلال حكم الإخوان، قالت: «حق محمد لم يعد إلى الآن، ومحافظ الجيزة يرفض وضع اسمه على أحد الشوارع أو المدارس بالجيزة». وتابعت: «محمد كان حلمه أن يسود العدل والحرية ربوع مصر، لكن بمجرد انتهاء حكم الإخوان، نسيت الدولة من ساعدها على زوالهم، فقد كان أول من عرّض حياته للخطر لإزالة حكم الإخوان، وتم قتله بطلقتين في الصدر والرقبة». وأضافت باكية أنها كانت مرتبطة بكريستي أكثر من روحها، وكان عادته في عيد الأم أن يرسل لها رسالة في المساء، ليعيّد عليها، قبل كل الناس، مضيفة: «كان نفسي يبقى معايا.. منهم لله اللي كانوا السبب».
سامية الشيخ.. والدة الشهيد "محمد الجندي" ومن أم شهيد لأم شهيد آخر، قالت والدة الجندي، في عيد الأم، «إنها لن ترتاح إلا بمحاسبة قاتل ابنها» وأوضحت والدة الشهيد محمد الجندي أنه كان كريمًا جدًا وحريصا على صلة الرحم، مؤكدة أنه كان حريصا على شراء هدية لها في هذا العيد . وذكرت والدة الجندي أن من أبرز الهدايا التي قدمها لها كانت رحلة عمرة إلى بيت الله الحرام كما كان يغدق عليها خلال هذه الرحلة ،قائلة :«بحاول أطلع عمرة في هذا العيد أتذكر فيها أبنى »،مؤكدة أنه كان بارا بها ووالده. وتظل « أمهات الشهداء» قلوب تنزف ألمًا لمشاعر الأمومة التي تعد أقوى رابطة على سطح الأرض، فمع حلول ال 21 من مارس، تراقب الأمهات اللواتي سجنت واستشهدت أطفالهن في مثل ذلك اليوم نظيراتهن وهن يستقبلن من أبنائهن الزيارات والهدايا والرعاية في يوم عيدها دون أن ترى أبناءها، تلمح في كل حركة وسكنة ما كان يفعله ابنها معها، لكنها تفتقد ضمة صغيرها وابتسامته. والدة شهيد تحتفل مع ابنها بالزهور في المقابر وفى هذا الصدد قالت الحاجة عايده والدة الشهيد « محمد جمال» أن عيد الأم يعيد عليها ذكرياتها مع ابنها، قائلة: «مابقش فيه عيد أم بعد ما راح أحمد »، داعية له بالرحمة والمغفرة وأن يكون في عون كل أهالي الشهداء . واسترجعت والدة الشهيد، ذكريات عيد الأم مع فقيدها، مشيرة إلى أنه كان يقدم لها الهدايا في كل عيد أم ، معبرة عن ضيقها الشديد منذ معرفتها بقرب عيد الأم، مؤكدة أنها ستقضي عيد الأم هذا العام معه في المقابر فضلا عن شرائها الزهور ووضعها على قبره. والدة «جيكا» تحتفل معه بالمقابر وأردفت «فاطمة محمد أحمد»، والدة الشهيد جابر جيكا أنه كان يستقيظ صباح هذا اليوم(عيد الأم)، يقبلها ثم يلح عليها لشراء هدية لها ولكن كانت تقول له «انت كفاية عليا»، وعلى الرغم من ذلك كان يذهب ويأتي لها بهدية، مضيفةٍ أنها تذهب له كل جمعة وتحتفل معه بكل المناسبات في المقابر، داعية الله أن يحفظ حقه.