في السادس عشر من مارس عام 1939 تزوجت جميلة الأسرة العلوية الأميرة فوزية بنت الملك فؤاد الأول، ولي عهد المملكة الفارسية إيران الشاه محمد رضا بهلوي. أقيم حفل الزفاف بالقاهرة، وهو ثاني أكبر حفل زفاف شهدته ثلاثينيات القرن الماضي بعد حفل زفاف الملك فاروق والملكة فريدة، ولا يزال حفل الزفاف الملكي الفخم واحد من الأساطير التى يحكي عنها الجميع. وأقيم حفل الزفاف الثاني عند وصولهما العاصمة الإيرانيةطهران. لم يكن هذا الزواج بمثابة زواج عادي بين رجل وامرأة، أو حتى بين شاه وأميرة، فقد كان لهذا الزواج دلالاته وآثاره على المستوى المذهبي والسياسي. ومنذ حوالي القرن احتفل الملك فاروق الأول ملك مصر بزواج أخته السنية المذهب بشاه إيران الشيعي، في دلالة واضحة على أن مصر لا تعترف بالمذهبية، كما أن الإحتفال بهذا الزواج كان احتفال شعبي شهده كل المصريين بمنتهى السعادة والإحتفاء، في وقت لم تكن مصر تعرف المذهبية. أما عن آثاره السياسية، فهذا الزواج كان بمثابة حلقة في مسلسل الشد والجذب الذي شهدته مصر وإيران على مدار أكثر من مئة سنة. وفي عام 1940 أنجبت الأميرة فوزية ابنتهما الوحيدة الأميرة شاهيناز بهلوي، بعد أن كان الغزو الروسي البريطاني قد أجبر الشاه رضا بهلوي على التنازل عن العرش لابنه محمد رضا بهلوي، وأصبحت الأميرة فوزية إمبراطورة إيران. وتم نفي الإمبراطور السابق رضا بهلوي إلى جنوب أفريقيا، وظل بها إلى أن مات عام 1944، ونظراً لعلاقة القرب والمصاهرة بين المملكتين تم دفن جثمانه في مسجد الرفاعي بالقاهرة. في هذا الوقت كانت المنطقة بأسرها تغلي فوق صفيح ساخن، وسافرت الإمبراطورة فوزية إلى مصر في زيارة كان مقرر لها أن تستمر لمدة شهرين وتعود بعدها الإمبراطورة إلى إيران، ولكن الملك فاروق رفض عودة أخته إلى إيران مرة أخرى وصمم على طلاقها من الشاه، ذلك الطلاق الذي لم يعلن عن سببه الحقيقي حتى اليوم، ولكن يبدو أن الملك فاروق كان يتوقع تدهور الأحوال في إيران فرأى أن يجنب أخته متاعب هذا التدهور، ثم وقع الطلاق الذى أعلن عنه في إيران عام 1948. وكما كان للزواج دور في تحسين وتوطيد العلاقات المصرية الإيرانية، كان للطلاق دور كبير في تدهور العلاقات المصرية الإيرانية، وكان أول قرار اتخذه الشاه محمد رضا بهلوي هو نقل رفاة والده من القاهرة إلى طهران حيث أقام له ضريحاً عام 1950. وكانت هذه الحادثة بمثابة إعلان العداء من جديد بين المملكتين. تزوجت الأميرة فوزية للمرة الثانية عام 1949 من زوجها الثاني إسماعيل شيرين أحد أفراد الأسرة العلوية، وأنجبت منه الأميرة نادية والأمير حسين. كما تزوج الشاه مرة أخرى عام 1951 من ثريا اسفندياري، التي طلقها في 1958 لعدم قردتها على الإنجاب. وفي عام 1952 حدث ما كان الملك فاروق يخشى على أخته حدوثه في إيران، لكن على عكس توقعاته لقد حدث في مصر. حيث قامت ثورة 1952 التي أطاحت بحكمه وأعلنت الجمهورية المصرية، لكن الأميرة فوزية لم تغادر مصر بعدها، وظلت تعيش مع زوجها بشقتها بحي سموحة بالإسكندرية. أما العلاقات المصرية الإيرانية فقد ظلت متدهورة حتى جاءت حرب 1973 التي قامت فيها بدور إيجابي تجاه مصر. وساءت الأحوال في إيران إلى أن قامت الثورة الإيرانية بدءاً من 1977 إلى أن اضطر الشاه لمغادة إيران في 1979، وبعد أن رفضت أوروبا استقباله وانغلقت أمامه كل السبل، استقبله الرئيس السادات استقبالاً يليق بالملوك ورؤساء الدول، وحضر الشاه إلى مصر بصحبة رفاة والده وأعادها إلى مكانها بمسجد الرفاعي، بعد أن حطم الثوار ضريحه بطهران، وأقام الشاه فترة بأسوان، توجه بعدها إلى الباهاما ثم إلى المكسيك. كان محمد رضا بهلوي مريضاً بسرطان الغدد الليمفاوية، ولما ساءت حالته الصحية توجه إلى أمريكا للعلاج بعد تدهور حالته بشكل كبير، إلى أن قام الثوار باحتلال السفارة الإيرانية بالولايات المتحدة مطالبين بتسليمه، فاضطر لمغادرة أمريكا عائداً إلى مصر بشكل نهائي. وظل فيها إلى أن وافته المنية عام 1980 بمستفى المعادي حيث كان يتلقى العلاج. وأقام له الرئيس السادات جنازة عكرية مهيبة، ودفن بجانب والده بمسجد الرفاعي بالقاهرة. أما الأميرة فوزية فظلت بالإسكندرية لم تغادرها إلى أن ماتت عام 2013 عن عمر يناهز 92 عام. لكن الأميرة فوزية المصرية ابنة العائلة العلوية لم تقم لها جنازة عسكرية، ولا حتى جنازة مهيبة يحضرها رجال المجتمع والدولة، بل ماتت فوزية في صمت كما عاشت. شيعت جنازتها من مسجد السيدة نفسية بحضور عدد من أبناء العائلة العلوية، ودفنت بمقابر الغفير بالقاهرة إلى جانب زوجها إسماعيل شيرين تنفيذاً لوصيتها.