عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله : " من سمع رجلاً ينشد ضالة فى المسجد ، فليقل : لا ردها الله عليك . فإن المساجد لم تبن لهذا " . بنيت المساجد لإقامة الشعائر من صلاة ، وذكر وتلاوة القرآن وتدريس العلوم الشرعية واللغوية وغيرها من العلوم التى تفيد الناس فى دينهم ودنياهم . وتعظيم المساجد من باب تعظيم الشعائر ، وهو أمارة من أمارات التقوى ، وبرهان من براهين سلامة القلوب مما يعكر صفو الإيمان ويكدر جلوة اليقين . ونشدان الضالة : طلبها والسؤال عن مكانها . يقال : نشد ضالته طلبها ، ويقال : أنشدها يعنى عرفها بأوصافها. والضالة : هى الناقة والبعير وما يقاربهما من البهائم ، كالبقرة والحمار ولا يدخل فيها النعجة والكبش . وتطلق الضالة مجازاً على ما ضل وغاب من الماديات والمعنويات ،فيقال : فلان وجد ضالته من المال أو العلم. والمراد بالضاله فى هذا الحديث : الناقة والجمل ونحوهما من البهائم .
ولكن هل يقاس على البهائم كل شئ ضاع من صاحبه ؟ الجواب : لا وإلا فماذا يفعل من ضاعت حافظته ، أو فقد حذاءه ، أو ساعته أو كتابه أو حقيبته . إنه حينئذ لا يكره أن يسأل عنها فى الموضع الذى فقدها فيه ، لكن بصوت معتدل وفى وقت لا يكون الناس فيه مشغولين بصلاتهم أو بتلاوة القرآن ، أو بتلقى دروس العلم . أما إن سأل عن ضالته التى فقدها فى المسجد فى هذه الأوقات فإنه يكون قد أخل بالأدب ، وعندئذ يقال له : لا ردها الله عليك تأديباً له .