إن تشويش المتسول علي الذاكرين والمصلين وهو يطالب الناس بالمساعدة وإظهار المسكنة أمر أصبح معتادا في كثير من مساجدنا ، لكن الجديد الذي شاهدته هذا الأسبوع هو أنه بدلا من قيام المساجد بتوعية الناس برفض التسول كما هو معهود وجدنا بعض تلك المساجد تفتح أبوابها للتسول ، وتعطي الميكرفون في غير أوقات الصلاة ليعلن المتسول عن حاجته. هذا ما حدث في أحد المساجد حين قامت سيدة بالحديث بميكرفون المسجد وتقول بإنها تربي أيتاما وبحاجة إلي مساعدة أهل المنطقة. الغريب أن أحدا لم يحاول أن يعلن رفض استخدام المسجد في هذا الأمر، وكأن المسجد الذي هو مكان للعبادة أصبح منفذا جديدا للتسول من خلال ميكرفوناته، وكأن بعض القائمين علي أمر المساجد تناسوا أن المساجد بنيت لعبادة الله عز وجل بإقامة الصلاة وتلاوة القرآن الكريم وتعليم العلم النافع وغير ذلك مما ينفع المسلمين، ولا يجوز أن تكون بيوت الله لنشد الضالة أو للبيع والشراء أو للتسول والشحاذة، فقد ورد في الحديث أن الرسول صلي الله عليه وسلم:( نهي عن البيع والشراء في المسجد وأن تنشد فيه ضالة وأن ينشد فيه شعر). إن التسول ينافي الإيمان؟ ولابد من نشر الوعي الإيماني لدي الفقير بأن يقنع بما هو عليه وألا يطلب الغني عن طريق التسول لأنه طريق مذموم ، ولأن الصدقة تجعل معاصي من يتصدق بها في عنق من اخذ الصدقة بغير حق. إن عنصر الاحتياج الحقيقي ذكره الله تعالي حينما قال :" تحسبهم أغنياء من التعفف"، وليس هؤلاء الذين يجرون وراء الناس بدعوي العوز والاحتياج، والمتسول إن لم يكن عنده الاحتياج والاضطرار فإن الذنب الكبير يقع عليه حتي ان رسول الله (صلي الله عليه وسلم ) يقول أن هذا الشخص يأتي يوم القيامة وليس في وجهه قطعة لحم دلالة علي البغض الشديد لهذا العمل. ولقد وردت أدلة كثيرة تنهي عن التسول، وسؤال الناس من غير ضرورة أو حاجة ملحة حيث قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ( ما يزال الرجل يسأل الناس حتي يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم ) رواه البخاري ومسلم.، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ( من سأل الناس أموالهم تكثراً فإنما يسأل جمراً ). وأما قوله تعالي{ وأما السائل فلا تنهر} ، فقد قال أهل التفسير إن الآية المذكورة تحمل علي السائل عن العلم وعلي السائل للصدقة بحق . وكلمة حق نقولها .. لابد أن تنزه المساجد عن كل ما من شأنه أن يخرجها عن دورها الحقيقي في توجيه المجتمع وبناء عقول أبنائه، وألا تكون بابا جديدا للتسول ، ونشر فكرة التواكل علي الآخرين لأن في ذلك إفسادا في المجتمع ونحن ننأي ببيوت الله ان تكون وسيلة لهذا الإفساد، وينبغي علي وزارة الأوقاف أن تصدر بيانا توزعه علي المساجد والزوايا لاسيما في القري والمناطق الشعبية بمنع استخدام ميكرفونات المسجد إلا من أجل إعلاء الصلاة ، ولا يستخدم في إعلان حاجة أحد.