يلجأون إليه لعقد الزواج المدنى تخطو مصر أولى خطواتها على طريق الزواج المدنى للأقباط، بعد لجوء بعضهم إلى توثيق عقود زواجهم لدى المحكمة، عقب طلب أحد الكهان، أو آباء الاعتراف، أو القساوسة من الزوجين مجموعة من الإجراءات اللازمة لإتمام ذلك الطقس المقدس. حيث يطلب منهم "موثق العقد"، حضور دورة تدريبية تتكون من ست محاضرات، يتم تقسيمها إلى جدول زمنى بحسب كل كنيسة، بحيث يتم التطرق خلال تلك المحاضرات إلى عدة قضايا اجتماعية، تتعلق بطريقة اختيار شريك الحياة، ودراسة سيكولوجية الزوج والزوجة، والعلاقات الحميمية من منظور كنسى، والإلمام بالمسموح والممنوع خلال فترة الخطوبة. وذلك مقابل مبلغ رمزى، لا يزيد عادة على 50 جنيها، على أن يشمل المبلغ تكلفة العقد، وكتيبات الإرشاد الأسرى، وتربية الأطفال، وشهادة تعرف ب"خلو الموانع" يتسلمها كلا الزوجين، وتكون تلك الشهادة بمثابة الدليل على عدم وجود أى مانع شرعى، مثل عدم بلوغ السن القانونية لأى من الزوجين، أو إكراه أحدهما على الآخر، أو وجود بعض الموانع الطبية. وبعد تقديم جميع الأوراق الثبوتية اللازمة، يحرر "موثق العقد" محضر الخطوبة "الجبانيوت"، ويدون به كل المعلومات الشخصية للزوجين، ويوقع عليه وكيلاهما، بالإضافة إلى توقيعات الشهود، والذين يجب أن يكونوا من الذكور، ويحدد العقد أيضًا قيمة الشبكة، بعد اتفاق الطرفين، ثم يصلى عليهما الكاهن صلوات البركة، بعدما يبارك "الدبل" التى سيرتديانها. ويعلن "موثق العقد" زواج الطرفين عقب تتميم الإكليل "سر الزيجة المقدس"، كآخر خطوة رسمية فى طريق ذلك الرباط المقدس، والذى يشترط فيه الكاهن تحرير عقدين، الأول مدنى، والثانى كنسى، على أن يكون الثانى مكملاً للأول، ليمنح الزواج شرعية قانونية، وهو ما يترتب عليه الحفاظ على حقوق النفقة، والميراث، والحضانة، وغيرها من الحقوق المدنية. ويستصدر الكاهن خمس نسخ من عقد الزواج، يتم تسليم نسخة منها للزوج، وأخرى للزوجة، وتتسلم محكمة الأسرة نسخة، وكذلك الإيبارشية التابع لها الزوجان، على أن تظل آخر النسخ لدى الكاهن نفسه. المثير للاهتمام، هو أن صلة الكاهن "الموثق" لا تنقطع بالطرفين حتى بعد زواجهما، بل يمنحهما الحرية فى اختيار ما يعرف ب"الأشبين"، ويكون غالبًا أحد المقربين للعريس والعروسة، ويلعب دور المرشد الروحى، على أن يتدخل فور ظهور أى أزمة من شأنها تهديد حياة الزوجين، أو استقرارها بأى شكل من الأشكال. وتظل الكنيسة هى الجهة الأعلى المنوط بها الإشراف على حياة الزوجين الروحية، خلال كل مراحل حياتهما، بواسطة أب الاعتراف، أو مكتب المشورة الأسرية الموجود فى كل كنيسة، والذى يتضمن مجموعة من الإخصائيين النفسيين، والخدام المدربين على احتواء جميع المشاكل الاجتماعية. الغريب فى الأمر، أن المركز المصرى للدراسات وحقوق الإنسان، المعنى بالشأن القبطى برئاسة المحامى جوزيف ملاك، أصدر بيانًا أكد فيه أن الزواج بين المسيحيين بموجب عقد مدنى، حتى لو كان موثقًا يعتبر زواجًا باطلا وفقًا للقانون ولا يعتد به، رغم صدور حكم من المحكمة بذلك. وقال «ملاك»: إن المركز لا يعلق على الحكم ولكن يناقش الآثار المترتبة عليه وفقًا للقانون، والتى لم يتقدم بها المدعون فى طلبهم للمحكمة، وذلك لأن الزواج فى المسيحية له ضوابط طبقا للشريعة، ولا بد من توافرها. وأضاف "ملاك"، طبقًا للائحة 1938 والتعديلات الملحقة بها فى 2008، بشأن الأحوال الشخصية فى الزواج والطلاق، ووفقًا للدستور الحالى، فإن الزيجة المدنية لا يعتد بها أمام القانون، ولا تعترف بها محاكم الأسرة فى أى دعاوى تتعلق بالمنازعات الأسرية لأنها تشترط الزواج الكنسى وشهادة اتحاد الملة والطائفة من الكنيسة التى تم بها الزواج، والعقد يعتبر باطلا.