الرئيس السيسي يجتمع مع قادة القوات المسلحة بالعاصمة الإدارية    وزير الري يعقد اجتماعا مع رؤساء الإدارات المركزية بالمحافظات ذات الواجهة النيلية    بمناسبة يومهم العالمي.. خلف الزناتي يوجه رسالة للمعلمين    احتفالا بانتصارات أكتوبر.. القوات المسلحة تفتح المتاحف العسكرية مجانا للجماهير    أسعار الذهب في بداية اليوم الأحد 5 أكتوبر    أسعار الفاكهة اليوم الأحد 5 أكتوبر في سوق العبور للجملة    أسعار الفراخ في أسيوط اليوم الأحد 5102025    وزير الاتصالات يعلن إطلاق نسخة مطورة من منصة إبداع مصر    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأحد 5 أكتوبر 2025    إسرائيل تعترض صاروخًا أُطلق من اليمن دون وقوع أضرار    ترامب ينشر خريطة لخطوط الانسحاب الإسرائيلي من غزة    السوريون يدلون بأصواتهم لاختيار أعضاء مجلس الشعب    الاحتلال الإسرائيلي يواصل قصفه العنيف على مناطق متفرقة من قطاع غزة    بعد خماسية الريال وفرانكفورت.. موعد مباراة أتلتيكو ضد سيلتا فيجو والقناة الناقلة    رحيل فيريرا عن الزمالك.. مفاجآت في توقيت الإعلان والبديل بعد التعادل مع غزل المحلة    هشام حنفي: جماهير الزمالك فقط هي من تقف بجانب النادي حاليًا    إصابة 10 أشخاص في انقلاب ميكروباص بطريق «السعديين منيا القمح» بالشرقية    مصرع شخص وإصابة 10 في انقلاب ميكروباص بطريق شبرا بنها الحر    وزارة الصحة تكثف توفير الخدمات الطبية وأعمال الترصد في عدد من قرى محافظة المنوفية تزامناً مع ارتفاع منسوب مياه نهر النيل    رئيس هيئة الرعاية الصحية يلتقي رئيس مجلس أمناء مؤسسة "حماة الأرض" لبحث أوجه التعاون المشترك    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الاحد 5-10-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    المطرب اللبناني فضل شاكر يسلم نفسه إلى الجيش    المملكة المتحدة: ندعم بقوة جهود ترامب للتوصل لاتفاق سلام في غزة    حماس: المجازر المتواصلة في غزة تفضح أكاذيب نتنياهو    اليوم.. محاكمة 5 متهمين في قضية «خلية النزهة الإرهابية» أمام جنايات أمن الدولة    متى يبدأ التشعيب في البكالوريا والثانوية العامة؟ التفاصيل كاملة    إبراهيم سعيد أمام محكمة الأسرة اليوم للطعن على قرار منعه من السفر    قدمها في حفل مهرجان نقابة المهن التمثيلية.. تامر حسني يستعد لطرح «من كان يا مكان»    د.حماد عبدالله يكتب: الوطن والأخلاق !!    مواقيت الصلاة اليوم الاحد 5-10-2025 في محافظة الشرقية    136 يومًا تفصلنا عن رمضان 2026.. أول أيام الشهر الكريم فلكيًا الخميس 19 فبراير    سموتريتش يحذر نتنياهو: دخول مفاوضات غزة دون قتال خطأ فادح    موعد انتخابات مجلس النواب 2025| الخطة الزمنية والتفاصيل كاملة    السيسي يضع إكليل الزهور على قبري ناصر والسادات    بيراميدز يسعى للتأهل لدور 32 بدوري أبطال أفريقيا على حساب الجيش الرواندي، اليوم    عمر كمال يبدأ مرحلة جديدة.. تعاون مفاجئ مع رامي جمال وألبوم بعيد عن المهرجانات    استعدادًا لمواجهة المغرب وديًا.. حلمي طولان يعلن قائمة منتخب مصر الثاني المشاركة في بطولة كأس العرب    مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة.. بيراميدز وبرشلونة والسيتي    استقرار نسبي..اسعار الذهب اليوم الأحد 5-10-2025 في بني سويفى    «اللي جاي نجاح».. عمرو سعد يهنئ زوجته بعيد ميلادها    «مش عايزين نفسيات ووجع قلب».. رضا عبدالعال يشن هجومًا لاذعًا على ثنائي الزمالك    شوبير يكشف موعد إعلان الأهلي عن مدربه الجديد    في اليوم العالمي للصيادلة.. نائب محافظ سوهاج ووكيل وزارة الصحة يكرمان قيادات مديرية الصحة والمتفوقين من أبناء الصيادلة    سلاف فواخرجى تكشف عن تدمير معهد الموسيقى فى سوريا    اعرف تردد مشاهدة "قيامة عثمان" بجودة HD عبر هذه القناة العربية    لسرقة قرطها الذهبى.. «الداخلية» تكشف حقيقة محاولة اختطاف طفلة بالقليوبية    تشييع جثامين 4 ضحايا من شباب بهبشين ببنى سويف فى حادث الأوسطي (صور)    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    9 أيام إجازة في شهر أكتوبر 2025 للطلاب والقطاعين العام والخاص.. موعد اَخر عطلة رسمية في العام    أبواب جديدة ستفتح لك.. حظ برج الدلو اليوم 5 أكتوبر    لعلاج نزلات البرد.. حلول طبيعية من مكونات متوفرة في مطبخك    أعراض متحور كورونا «نيمبوس» بعد تحذير وزارة الصحة: انتشاره سريع ويسبب آلامًا في الحلق أشبه ب«موس الحلاقة»    تامر حسني يشعل افتتاح مهرجان «المهن التمثيلية» بأغنية «حكاية مسرح» | صور    اندلاع حريق في «معرض» بعقار سكني في شبرا الخيمة بالقليوبية    دراسة حديثة: القهوة درع واق ومُرمم لصحة الكبد    كيف نصل إلى الخشوع في الصلاة؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025    هل التسامح يعني التفريط في الحقوق؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أخلاق العرب قبل الإسلام
نشر في الفجر يوم 09 - 02 - 2016

نتيجة للتدهور العقائدي الرهيب لدى العرب قبل الإسلام فقد حدث تدهور أخلاقي كبير في المجتمع كله؛ وذلك لأنهم فقدوا الإحساس برقابة الله عليهم؛ فتجرَّءُوا على الفساد والإفساد في الأرض، وغزا الانحراف معظم أخلاقهم، فعرفوا الكثير من المنكرات والقبائح.
شرب الخمر ولعب الميسر
كان من هذه الأخلاق المنحرفة على سبيل المثال شرب الخمور ولعب الميسر، بكل ما يتبعهما من شرور، قال تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90].
وكان العرب يشربون الخمر يتخذون لها ساقيًا فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ فِي الجَاهِلِيَّةِ: "اسْقِنَا كَأْسًا دِهَاقً". وعَنِ ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ، أَلَا وَإِنَّ الْخَمْرَ نَزَلَ تَحْرِيمُهَا يَوْمَ نَزَلَ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ مِنَ الْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ، وَالزَّبِيبِ، وَالْعَسَلِ" .
وكان الفضيخ خمر أهل يثرب، فعَنْ أنس بن مالك رضي الله عنه، قَالَ: كُنْتُ سَاقِيَ الْقَوْمِ يَوْمَ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ فِي بَيْتِ أَبِي طَلْحَةَ، وَمَا شَرَابُهُمْ إِلَّا الْفَضِيخُ: الْبُسْرُ وَالتَّمْر .
وأما خمر أهل اليمن فيقول عنها أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمُعَاذًا إِلَى الْيَمَن، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفْتِنَا فِي شَرَابَيْنِ كُنَّا نَصْنَعُهُمَا بِالْيَمَنِ الْبِتْعُ؛ وَهُوَ مِنَ الْعَسَلِ، يُنْبَذُ حَتَّى يَشْتَدَّ، وَالْمِزْرُ وَهُوَ مِنَ الذُّرَةِ وَالشَّعِيرِ، يُنْبَذُ حَتَّى يَشْتَدَّ. فَقَالَ: "أَنْهَى عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ أَسْكَرَ عَنِ الصَّلاةِ". وكان ينتبذونها في ظروف تسمى: المزفت والنقير والحنتم والدباء، وكانت الديلم يشربون شرابًا يُسكر يُصنع من القمح . ورأى بعض العرب قبل الإسلام أن الخمر مذمومة؛ لأنها تُذهب بالعقل، وتخدش المروءة .
بعض أخلاق الجاهلية
وقال النبي صلى الله عليه وسلم يُحذِّر أُمَّته من بعض أخلاق الجاهلية الفاسدة: "أَرْبَعٌ في أمَّتِي مِنْ أمْرِ الجَاهِلِيَّةِ لا يَتْرُكُوهُنَّ: الفَخْرُ في الأَحْسَابِ، والطَّعْنُ في الأَنْسَابِ، والاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ، وَالنِّياحَةُ" .
افتخارهم بولاية المسجد الحرام
ومن خصال الجاهلية افتخارهم بولاية المسجد الحرام، وتكبرهم بذلك على الناس؛ قال تعالى في ذلك: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِرًا تَهْجُرُونَ} [المؤمنون: 67]، قال ابن عباس رضي الله عنهما: "إِنَّمَا كُرِهَ السَّمَرُ حين نزلت هذه الآية: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ}"، فقال: "مُسْتَكْبِرِينَ بِالْبَيْتِ يَقُولُونَ: نَحْنُ أَهْلُهُ. {سَامِرًا} قَالَ: كَانُوا يَتَكَبَّرُونَ وَيَسْمُرُونَ فِيهِ وَلاَ يَعْمُرُونَهُ، وَيَهْجُرُونَهُ" .
ازدراء الفقراء والضعفاء
وكانوا يزدرون الفقراء والضعفاء؛ قال تعالى في ذلك: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاَءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} [الأنعام: 53]. وعن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب النَّاس يوم فتح مكة، فقال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الجَاهِلِيَّةِ وَتَعَاظُمَهَا بِآبَائِهَا، فَالنَّاسُ رَجُلاَنِ: بَرٌّ تَقِيٌّ كَرِيمٌ عَلَى اللهِ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ هَيِّنٌ عَلَى اللهِ، وَالنَّاسُ بَنُو آدَمَ، وَخَلَقَ اللهُ آدَمَ مِنْ تُرَابٍ"، قَالَ اللهُ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13].
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: "أَسْلَمَتِ امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ لِبَعْضِ العَرَبِ وَكَانَ لَهَا حِفْشٌ فِي المَسْجِدِ، قَالَتْ: فَكَانَتْ تَأْتِينَا فَتَحَدَّثُ عِنْدَنَا، فَإِذَا فَرَغَتْ مِنْ حَدِيثِهَا قَالَتْ:
وَيَوْمُ الوِشَاحِ مِنْ تَعَاجِيبِ رَبِّنَا *** أَلاَ إِنَّهُ مِنْ بَلْدَةِ الكُفْرِ أَنْجَانِي
فَلَمَّا أَكْثَرَتْ، قَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: وَمَا يَوْمُ الوِشَاحِ؟ قَالَتْ: خَرَجَتْ جُوَيْرِيَةٌ لِبَعْضِ أَهْلِي، وَعَلَيْهَا وِشَاحٌ مِنْ أَدَمٍ، فَسَقَطَ مِنْهَا، فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِ الحُدَيَّا، وَهِيَ تَحْسِبُهُ لَحْمًا، فَأَخَذَتْهُ فَاتَّهَمُونِي بِهِ فَعَذَّبُونِي، حَتَّى بَلَغَ مِنْ أَمْرِي أَنَّهُمْ طَلَبُوا فِي قُبُلِي، فَبَيْنَا هُمْ حَوْلِي وَأَنَا فِي كَرْبِي، إِذْ أَقْبَلَتِ الحُدَيَّا حَتَّى وَازَتْ بِرُءُوسِنَا، ثُمَّ أَلْقَتْهُ، فَأَخَذُوهُ، فَقُلْتُ لَهُمْ: هَذَا الَّذِي اتَّهَمْتُمُونِي بِهِ وَأَنَا مِنْهُ بَرِيئَةٌ" .
وعن عبد الله بن مسعود قال: "إِنَّ أَهْلَ الإِسْلاَمِ لاَ يُسَيِّبُونَ، وَإِنَّ أَهْلَ الجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يُسَيِّبُونَ". والمقصود هنا تسييب العبد، فيجعلونه سائبة لا ولاء ولا عقل ولا ميراث لأحد عليه. وقال أبو حيَّان رحمه الله في قوله تعالى: {وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا}: "نهى الله تعالى عن التبذير، وكانت الجاهلية تنحر إبلها وتتياسر عليها، وتُبَذِّر أموالها في الفخر والسُّمعة، وتذكر ذلك في أشعارها، فنهى الله تعالى عن النفقة في غير وجوه البرِّ، وما يُقرِّب منه تعالى" .
وأد البنات
وكانوا يئدون البنات خشية لحوق العار بهن عند كبرهن إذا سلكن طريق الانحراف والعُهر؛ قال تعالى: {وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير: 8 - 9]. وقال تعالى: {وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} [الزخرف: 17]. وقال كذلك: {وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ} [النحل: 58 - 59]. وقال أيضًا: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ}[الإسراء:31].
وعن الْوَضِينِ أنَّ رجلاً أتى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول اللَّه إنَّا كنَّا أهل جاهليَّةٍ وعبادة أوثانٍ، فكنَّا نقتل الأولاد، وكانت عندي ابنةٌ لي فلمَّا أَجَابَتْ وكانت مسرورةً بدعائي إذا دعوتها، فدعوتُها يومًا فَاتَّبَعَتْنِي، فمررتُ حتى أتيتُ بئرًا من أهلي غير بعيدٍ، فأخذتُ بيدها فَرَدَّيْتُ بها في البئر، وكان آخر عهدي بها أن تقول: يا أبتاه يا أبتاه. فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتَّى وَكَفَ دمعُ عينيه، فقال له رجلٌ من جلساء رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَحْزَنْتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: "كُفَّ، فَإِنَّهُ يَسْأَلُ عَمَّا أَهَمَّهُ". ثم قال له: "أَعِدْ عَلَيَّ حَدِيثَكَ". فأعاده فبكى حتَّى وكف الدَّمع من عينيه على لحيته، ثمَّ قال له: "إِنَّ اللهَ قَدْ وَضَعَ عَنِ الْجَاهِلِيَّةِ مَا عَمِلُوا، فَاسْتَأْنِفْ عَمَلَكَ" .
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه قال: جاءت أميمة بنت رقيقة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه على الإسلام، فقال: "أُبَايِعُكِ عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكِي بِاللهِ شَيْئًا، وَلاَ تَسْرِقِي وَلاَ تَزْنِي، وَلاَ تَقْتُلِي وَلَدَكِ، وَلاَ تَأْتِي بِبُهْتَانٍ تَفْتَرِينَهُ بَيْنَ يَدَيْكِ وَرِجْلَيْكِ، وَلاَ تَنُوحِي، وَلاَ تَبَرَّجِي تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى". وقال قتادة رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الأُولى} [الأحزاب: 33]: "أي إذا خرجتن من بيوتكن، قال: كانت لهنَّ مشية وتكسُّر وتغنُّج ، يعني بذلك: الجاهلية الأولى، فنهاهن الله عن ذلك".
الأنكحة الفاسدة في الجاهلية
وقد سادت في بعض الأوساط أنواع من الأنكحة، التي لا تختلف عن الدعارة؛ فقد أورد البخاري وأبو داود رواية عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ذكرت فيها أنواع الأنكحة الفاسدة في الجاهلية، وشرحت تفصيلات عجيبة عن "نكاح الاستبضاع"، و"نكاح الرهط"، و"نكاح ذوات الرايات"، ويبدو أنهم لم يكونوا يشعرون بالعار من هذه الممارسات!
فعن عروة بن الزبير أنَّ عائشة رضي الله عنها زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أخبرته: "أَنَّ النِّكَاحَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ: فَنِكَاحٌ مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ الْيَوْمَ، يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ وَلِيدَتَهُ -وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ: وَلِيَّتَهُ- فَيُصْدِقُهَا ثُمَّ يَنْكِحُهَا، وَنِكَاحٌ آخَرُ كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لاِمْرَأَتِهِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا: أَرْسِلِي إِلَى فُلاَنٍ اسْتَبْضِعِي مِنْهُ. وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا وَلاَ يَمَسُّهَا أَبَدًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي تُسْتَبْضَعُ مِنْهُ، فَإِذَا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا إِنْ أَحَبَّ، وَإِنَّمَا يَصْنَعُ ذَلِكَ رَغْبَةً فِي نَجَابَةِ الْوَلَدِ، فَكَانَ هَذَا النِّكَاحُ نِكَاحَ الاِسْتِبْضَاعِ. وَنِكَاحٌ آخَرُ يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ دُونَ الْعَشَرَةِ فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ كُلُّهُمْ يُصِيبُهَا، فَإِذَا حَمَلَتْ فَوَضَعَتْ وَمَرَّ لَيَالِي بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْ يَمْتَنِعَ، حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا فَتَقُولُ لَهُمْ: قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِكُمْ، وَقَدْ وَلَدْتُ، وَهَذَا ابْنُكَ يَا فُلاَنُ، فَتُسَمِّي مَنْ أَحَبَّتْ مِنْهُمْ بِاسْمِهِ فَيُلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا. وَنِكَاحٌ رَابِعٌ يَجْتَمِعُ النَّاسُ الْكَثِيرُ فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ لاَ تَمْتَنِعُ مِمَّنْ جَاءَهَا -وَهُنَّ الْبَغَايَا- هُنَّ يَنْصِبْنَ عَلَى أَبْوَابِهِنَّ رَايَاتٍ تَكُنَّ عَلَمًا لِمَنْ أَرَادَهُنَّ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ، فَإِذَا حَمَلَتْ فَوَضَعَتْ حَمْلَهَا جُمِعُوا لَهَا، وَدَعَوْا لَهُمُ الْقَافَةَ، ثُمَّ أَلْحَقُوا وَلَدَهَا بِالَّذِي يَرَوْنَ، فَالْتَاطَهُ[24] وَدُعِيَ ابْنَهُ لاَ يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا بَعَثَ اللهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِالْحَقِّ هَدَمَ نِكَاحَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ إِلاَّ نِكَاحَ أَهْلِ الإِسْلاَمِ الْيَوْمَ".
وكانوا يجمعون بين الأختين، ويتزوجون بزوجات آبائهم إذا ما طُلِّقْن أو ماتوا عنهن، وكانوا يرثون نساء الميت ويعضلونهن عن الزواج؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} قال: "كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أَحَقَّ بامرأته، إن شاء بعضُهم تزوَّجها، وإن شاءوا زوَّجوها، وإن شاءوا لم يُزَوِّجوها، فهم أحقُّ بها من أهلها، فنزلت هذه الآية في ذلك". وفي رواية أخرى لأبي داود، قال: {لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَرِثُ امْرَأَةَ ذِي قَرَابَتِهِ، فَيَعْضُلُهَا حَتَّى تَمُوتَ، أَوْ تَرُدَّ إِلَيْهِ صَدَاقَهَا، فَأَحْكَمَ اللهُ عَنْ ذَلِكَ، وَنَهَى عَنْ ذَلِكَ .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.