تتعرض المدارس الفلسطينية في شرقي القدس لمحاولات مستمرة للأسرلة عبر دفعها لاستبدال المنهاج الفلسطيني بالمنهاج الإسرائيلي، وجعلها تابعة لوزارة التربية والتعليم الإسرائيلية بدلاً من مديرية التربية التابعة للسلطة الفلسطينية.
وازدادت هذه المحاولات مؤخراً عن طريق خطة وضعها وزير التربية والتعليم بحكومة الاحتلال، النائب عن حزب "البيت اليهودي"، نفتالي بينيت.
فبنفس نهج التعامل مع بلديات مدن وقرى الداخل الفلسطيني، يعتمد الاحتلال مع مدارس القدس أسلوب "الميزانيات مقابل الولاء". وفي هذا السياق ذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية، الجمعة، أن وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية قررت "تشجيع المدارس في شرقي القدس لتبني الخطة الإسرائيلية عن طريق زيادة خاصة في الميزانية".
بحسب الخطة، لن تخصص ميزانيات للمدارس التي تدرّس المنهاج الفلسطيني، أي غالبية المدارس في القدس، على الرغم من أن بلدية الاحتلال مسؤولة قانونياً عن تخصيص ميزانيات لجميع المدارس، بغض النظر عن المنهاج المتبع. لكن حكومة الاحتلال تستغل الحاجة الماسة إلى الصفوف والموارد التي تعاني منها مدارس القدس للضغط على مجالس الإدارة للموافقة على تدريس المنهاج الإسرائيلي.
وفي هذا السياق، صرّح وزير التربية والتعليم بحكومة الاحتلال، بينيت، أنه يطالب "بتقديم الدعم لكل مدرسة (في شرقي القدس) تختار المنهاج الإسرائيلي"، وأضاف: "أنا أريد أن أساعد في عملية الأسرلة". وجاء هذا التصريح بعد تقرير نشرته القناة الإسرائيلية العاشرة حول المدارس في شرقي القدس والمناهج المعتمدة فيها.
ووفقاً للخطة الجديدة، فإن كل مدرسة تعتمد المنهاج الإسرائيلي سوف تحصل على ساعات دراسية إضافية تزيد عن الساعات التي تمنحها مديرية التربية والتعليم الفلسطينية، إلى جانب زيادة ساعات الاستشارات النفسية والتربوية، ودورات تطوير مهارات المعلمين، والمواد التي تنمي مواهب الطلاب كالموسيقى والفنون والإثراء.
وتأتي هذه المحاولات في الوقت الذي تواجه فيه مدارس القدس نقصاً حاداً في الغرف الصفية يصل إلى 1000 صف، إضافة إلى أن المدارس غير مؤهلة لاستقبال طلاب ولا تستوفي معايير الأمان.
كما أن النقص في الغرف الصفية- بحسب تقرير لجمعية حقوق المواطن في القدس، اطّلع عليه "الخليج أونلاين"- ترك عشرات آلاف الطلاب المقدسيين من دون مقاعد دراسة، أو على الأقل من غير المعروف كيف يتلقون تعليمهم الأساسي. هذا إلى جانب النقص في الروضات والأطر التربوية ما قبل جيل المدرسة، الأمر الذي يزيد من خطر نجاح خطة الاحتلال بضم عدد من المدارس للمنهاج الإسرائيلي.
وليست هذه الخطة هي المحاولة الأولى أو الوحيدة لاستقطاب الطلاب المقدسيين ودفعهم للاندماج في أطر التعليم الإسرائيلية؛ ففي وقت سابق من عام 2015 أعلنت الجامعة العبرية أنها افتتحت كلية تحضيرية خاصة لطلاب شرقي القدس ليحصلوا من خلالها على شهادة إنهاء الثانوية الإسرائيلية والالتحاق بالتعليم العالي بالمؤسسات والجامعات الإسرائيلية.
هذا إلى جانب مشاريع عديدة تمولها الجامعات الإسرائيلية وجمعيات أخرى، اطّلع "الخليج أونلاين" على عملها، عملت على مدار سنوات في العقد الماضي من أجل تشجيع طلاب المدارس في شرقي القدس على تقديم اختبارات الشهادة الثانوية بحسب المنهاج الإسرائيلي "بجروت" بدلاً من التقدم لاختبارات "التوجيهي" الفلسطينية، وذلك عن طريق أطر شبه "ترفيهية" لا يعرف الطلاب المنتسبون لها الهدف الأساسي والمخفي من ورائها.
ويذكر أن استهداف قطاع التربية والتعليم في القدس وأسرلته هو بمثابة ضربة لأهم الركائز التي ما زال المقدسيون يحافظون عليها على الرغم من الاحتلال. فاستقلال جهاز التربية والتعليم الفلسطيني في القدس يعد إنجازاً فلسطينياً يحافظ المقدسيون من خلاله على هويّتهم وضمان استمرار ترسيخ الانتماء الفلسطيني والحفاظ على هوية المدينةالمحتلة.